الحُسَينُ الآَخَرُ
سنة 2013
جِدْ لي ابتداءً فيكَ حتى أَقْطَعَكْ=وافتحْ رؤايَ على رؤاكَ لأجْمَعَكْ
ما زلتَ تربِكُ أحرفيْ يا واحدًا=وزَّعْتَ مِنْ وَحْي المعاجِزِ مَصْرَعَكْ
وفقدتُني حيثُ المَجَازُ يتيهُ بي=ما أضيقَ البوحَ الفصيحَ وأوسَعَكْ
أنا عابرٌ عِلِقَتْ بيَ الكلماتُ في=وَحْلِ الرؤى وأنا أحاوِلُ مَطْلَعَكْ
لُغَتي تُخَاصِمُني بدَرْبِكَ كُلَّمَا=أنويكَ أفقِدُها وأفقِدُ مَوْضِعَكْ
حيثُ القرابينُ التي فَصَّلْتَها=فضفاضةً كُلُّ الوجودِ تَشَبَّعَكْ
قاومْتَ جُنْحَ الليلِ مِثلُكَ لا يبا=يعُ مِثْلَهُ وأضأتَ لمَّا قَطَّعَكْ
وُوُلِدْتَ مِنْ جُرْحٍ، فَطَمْتَ مِنَ الرَّدى=عُمُرًا بأرحامِ المَواسِمِ أودَعَكَ
قارعْتَ لونَ الزّيفِ، نَقَّيْتَ المَدى=بدماكَ، كنتَ مُلَطَّخًا ما أَنْصَعَكْ!
مانَعْتَ أنْ تحيا على عُمُرٍ رما=دِيٍّ ولم تَلْوِ السُّيوفُ تمنُّعَكْ
آثرتَ أنْ تعطي بقاءً آخَرًا=وتَمُدَّ في عُمُرِ الحقيقةِ أفرُعَكْ
عالَجْتَ بالجرحِ الهُرَاءَ نزفْتَ بال=معنى، شَغَلْتَ المَوْتَ والمَحْيا مَعَكْ
أربَكْتَ بالدمِّ الحسامَ، هزمْتَهُ =وأرَعْتَهُ لكنَّهُ ما رَوَّعَكْ!
يا نصَّ هيهاتٍ ويا شِعْرَ الإبا=ءِ ويا انسكابَ الدَّمِّ لمَّا أسْجَعَكْ
فردًا شَقَقْتَ الجَمْعَ! حُزْتَ مِنَ الصوا=بِ تفرُّدًا ومِنَ الهدى ما وَزَّعَكْ!
متنزّهًا عَنْ كلِّ معنىً عابثٍ=شَجَّ الحقيقةَ بالخيالِ ليخدَعَكْ
متمرّدًا فوقَ الرَّوَاسِبِ ناصِعًا=كالماءِ لا تَصِلُ الخرافةُ مَنْبَعَكْ
وحسينُ عَقْلِكَ لم تَسَعْكَ منابرُ ال=خطباءِ لم يُرْبِكْ سرابٌ أشرُعَكْ
وأعَذْتَ نَجْمَكَ أنْ تُحَنِّطَ ليلةٌ=أضواءَهُ فَسَطَعْتَ كَيْ لا تَسْطَعَكْ
وغدوْتَ بوصلةَ العُقُولِ، دعوْتَها=لتسيرَ منكَ إليكَ حتّى تُبدِعَكْ!
متحرّرًا كالجرحِ لستَ بعادةٍ=نحكيْ بها قصصًا ونذرفُها مَعَكْ
ما كنتَ منتفضًا ولم تكُ ثائرًا=كيْ تَذْرِفَ العينُ الدموعَ وتنقعَكْ
ما ثُرْتَ كي تغدو رهينةَ دمعةٍ=كي توغِلَ المأساةُ فيكَ وتصنعَكْ
بل أنتَ فعلٌ في المَكَانِ وفي الزما=نِ تدسُّ في كلِّ المواقعِ أذرُعَكْ
لستَ احتكارًا للقطيعِ ولستَ رَجْ=عًا للأساطيرِ العِجَافِ لتزرعَكْ
هُمْ حَرَّفُوْكَ وأوَّلُوْا بكَ ثورةَ ال=معنى وأطْفَوا بالبرودةِ أدْمُعَكْ
لم يقنَعوا بِكَ ثائرًا، قَطَعُوا الصّدى=جَعَلُوْكَ مَوَّالًا ونايُكَ أفجَعَكْ!
خَلَقُوا كما شاؤوا حسينًا، لا كما=قد شئتَ أنتَ، فكم حسينٍ ضَيَّعَكْ؟!
لمْ يَرْتَضُوْكَ سوى حسينٍ آخَرٍ=هو عادةٌ أخرى وضَلُّوْا موقِعَكْ!
وعلا منابرَهُمْ حسينُ منابرٍ=قتلَ البطولةَ بالخنوعِ وبَضَّعَكْ
لستَ احتكارًا للدّموعِ وللرثا=ءِ ولستَ مِنْ مَنْ بالنوائحِ أوسَعَكْ
حرًّا تجوبُ العالَمِيْنَ قضيةً=حرّيةً والكونُ يعرفُ إصبعَكْ
يا ثورةً أخرى تُعَاوِدُ نفسَها=وتفاجئُ الموتى وتقرأُ مَصْرَعَكْ
عُدْ بالحقيقةِ فالخرافةُ سَوَّرَتْ=أفكارَنا حتى أَضَعْنا مَرْجِعَكْ
هَبْ للقلوبِ بدايةً أخرى ونبْ=ضًا آخَرًا وانْبُضْ و(عَوْلِمْ) أضلُعَكْ!
وارجِعْ جديدًا فالحكايةُ دبَّ في=ها الشيبُ عُدْ بِصَدَاكَ حتى نَسْمَعَكْ
يا أيّها الجرحُ الطموحُ أزلْ غبا=رَ المادِحِينَ مِنَ الحروفِ لتُرْجِعَكْ
كُنْ أنتَ، كُنْ معناكَ، واغْسِلْ مِنْ مرا=يانا الخرافةَ، لُحْ وأوقِدْ مَطْلَعَكْ
عُدْ في الخيالِ حقيقةً عُدْ بالحقي=قَةِ في الخيالِ ولُحْ لنا كي نَطْبَعَكْ