الــطــفّ طــوفـانٌ وروحُ
جَــنـانِ فـهـلْ انـتـميتَ لـطـبْعهِ
الإنـساني
والـطـفّ رُكــنٌ ســادسٌ
مـتـفردٌ فــي سـنّـةِ الأحــزانِ
والـحـرْمانِ
والــطــفُّ أولُ فــكــرةٍ
روحــيـةٍ تـجـتـازُ وعـــيَ الـــذاتِ
لـلإيـمانِ
والـطـفُّ مـفـردةٌ بـطـعمِ
فَـجيْعةٍ فــــي مِـعْـجـمِ الأرزاءِ
بــالأكـوَانِ
فـأسكبْ جَـنانَكَ جُـملةً
مَـجروحَةً بـيـنِ الـمَـعانيْ فــي لِـسَانِ
بـيَانِ
واعـتـقْ بـمُـهجتِكَ الـيّـرَاعَ
مُـحمِّلاً ظـهـرَ الـقـصَيدةِ شُـرْفةَ الـعِرفَانِ
وخُــذِ الـحُسينَ قـصِيدَةً
مَـعصُوبَةً نـقَـشَتْ بـقلبِ الـغيبِ غَـيْباً
ثَـاني
فـعلى سَـناهُ تـحُطُّ نَـافلةُ
الأسَـى فـيَـصُوغُها وجَـعـاً عـلـى
الـلّمَعَانِ
وكــأنّ جُـرحَـهُ مـن سَـنابلِ غُـربَةٍ لـلـدِينِ قــدْ نَـبَـتَتْ عـلـى
الأدْيَـانِ
أقـسمتُ بـالطفِّ الـذيْ فـي
تربِهِ انـسَـكبَتْ هـناكَ حَـقائقُ
الأزمَـانِ
إنَّ الـحـسينَ أضــاءَ كــلَّ
حَـقيقةٍ كـيْـمَـا يُـعـلّـقُها عــلـى
الـبُّـرهَـانِ
فـإنِ ارْتـقى جُرحَ المجرَّة لمْ
يكُنْ إلا الـضَّـمـيـرَ بــقـمّـةِ
الـخَـفـقانِ
فـحسينُ أوّلُ شـاعرٍ نـسَجَ
الهَوى لُــغـةً مُــحـرَّرةً إلـــى
الــوجْـدانِ
وحـسـيـنُ أوّلُ عَـــازفٍ
بـجـراحِهِ نَــزْفَ الـيَـقينِ بـلـحْظةِ
اطـمِئنانِ
وحـسـينُ أكـبـرُ مُـبدِعٍ صَـنعَ
الإبَـا بــدمَــائِــهِ ويــقــيـنِـهِ الــربّــانـي
وحـسـيـنُ إمّـــا حِـكـايةٌ
قُـدسِـيّةٌ أو سُــدرَةٌ فــي مُـنـتَهى
الـذّوَبَانِ
لـمْ أدرِ مَـا كُـنهُ "الـحُسينْ"
لـكنَّهُ كَـلِـماتُ نــورٍ فـي فَـمِ الـرَّحمَن
ِ
ألـقىْ بـهَا فَـوقَ الـحَقيقةِ
فاعْتلى هــامَ الـخَـليقةِ فـي دِمَـى
قُـربَانِ
ومَـشىْ عـلى الخَفقَاتِ من
آمَالِهِ حَـتـى ارتــوَى أمــلاً بــهِ شُـرْيَاني
يَـــا لـلـفـوَانيسِ الــتّـي
جَـرّبْـتُـها فـــي دَاخِــلـي بـتَـمَـائِمِ
الـتّـبـيَانِ
ذهَـبتْ وظـلَّ مَـنارُهُ فـي
اضْـلُعِي نـهَـمَـاً يُـسـاورُنـي انـتـمَاءَ
جَـنَـانِ
وَطَـنٌ إذا افـترَعَ الـسّماءَ
لـجُرحِهِ غـــنّـــاهُ جــبْـرائـيـلُ
لـــلأوْطَــانِ
وسَـما وَغَـاديةُ الـخّطوبِ
خَـريْطةُ الـبَـشَريَّةِ الـثكْلى عَـلى
الـحِرمَانِ
"إيـهٍ حـسينُ ومـا اسْـتَعارَكَ
ثـائرٌ إلا تَــحــرّرَ مـــنْ فـــمِ
الـعـقـبَانِ
يـا ثورةَ الوَطنِ الجَريحِ إذا اشْتَكى عُـضـوٌ لــهُ فـي الأرضِ
بـالخذْلانِ
كـنتَ الضَّمَادَ لجرحِهِ وهلْ
اشْتكى وَطــنٌ إلـيـكَ عـلـى افْـتقادِ
أمَـانِ
مَــــا أنــــتَ إلا لـحـظـةٌ
كـونـيّـةٌ جـــاءَتْ تـــوزّعُ ثــورَةَ
الأغْـصَـانِ
يــا لـلظمَى فـي جَـانبَيْكَ
مُـهرْولٌ أتـــرى اسـتـعارَ لـقـلبِكَ
الـحَـرّانِ
أمْ إنّـــهُ نــهـرُ الــفُـراتِ
مَـعـيـنُهُ رَحـــبٌ يــفـورُ بـصَـدرِكَ
الـرَّيّـانِ
وبـضـفَّـتَـيْكَ تــــؤمُّ كـــلَّ
خـلـيـةٍ نــهــريــةٍ بـطـبـيـعـةِ
الــجَــرَيـانِ
كــانَـتْ تَــحـسُّ بـرَاحـتَيْكَ
أَبـويّـةُ الـمَـاءِ كَـعـشقِ الـوَالـهِ
الـظـمْآنِ
ولـكَمْ تَـحنُّ الـسَارباتُ إلى
النَدى وتـــذوبُ فـيـكَ نـسَـائمُ
الـهـيمانِ
يــا لـلـحُسينِ وقـدْ فـدىَ
بـنجُومِهِ الأرضَ الـكـئيبةَ فــي سُـموِّ
كَـيانِ
وسـقىْ الـبَسِيطةَ أقـمُراً
وكَـواكباً كــيْ يَـسـتقيمَ الـحبُّ
والـشَفقانِ
يـــا وَاحــداً مـنـحَ الـبَـقاءَ
رَحـيـلُهُ بــأشــدّ جُــــرحٍ نَــــازفٍ
فــتّـانِ
الآنَ تــتــسِّـقُ الــحَـيـاةُ
بــكـرْبـلا خَـلـفَ الـعَـذابِ بـروعَـةِ
الـهَذيَانِ
الآنَ تــتّــحِـدُ الـــجُــراحُ
بـمَـتـنِـها وتــثــورُ مُـتـعـبَةً مـــن
الـغَـلـيَانَ
الآنَ يـنـتـفضُ الـضَّـريـحُ
بـطـفـلِهِ الـمّغدورِ فـي مُـهجٍ من
القمْطانِ
إيـهٍ حـسينٌ حينَ يشرحُني
اللّظى بـعُـروجِهِ فــي نـحـرِكَ
الـنّـورَاني
تـمتارُ فـي قـلبيْ انـحناءَةُ
نـبضَتِي يــا سـيّـديْ حـتـى اعْـتلالِ
جَـنَاني
وأنـــا أنـــادِي: أيُّ حـــزنٍ
خَــالـدٍ أتـلـعْـتُهُ فـــيْ لــوحَـةِ
الـنّـيـرَانِ؟
مــذْ كـنـتَ تُـزجيني بـصَاعِ
مـودّةٍ كــأسـاً مُـعـتّـقةً مـــن
الأحْـــزانِ
كـانـتْ تُـذاكِـرُني الـمَـنَائِرُ
دمْـعـةً مَـسْـفُـوحـةً بـغـريـزةِ
الـحـرقـانِ
يــا نـغـمةً لـلـطفِّ لـمّـا
أفـرغَـتْ رئـتـايَ كُـنـتِ خُـلاصَـةَ
الأشْـجَـانِ
ذكــراكِ أوْديــةُ الـسّـماءِ
بـمُقلتي صَــبّـتْ لـواعِـجَها مِــنَ
الأجْـفـانِ
وتـنَاسلَ الـوَجعُ الـمُذابُ
بـأضْلعِي يَـمـتَصُّ لــونَ حَـرائـقِ
الـشّـطآنِ
مازالَ يعْصُرني الصّدى مِن قسْوةِ الـسّيفِ الـمُضلّلِ في يَدِ
الطوفَانِ
فـأحِيرُ فـي غضبِ الظّلام
وسِربِه فـــي دَورَةِ الـغَـثـيَانِ
والـطـغْـيَان
يــا لَـلـطفوفِ وأيّ سـيـفٍ
أرْعَـنٍ قـطـعَ اتـصَـالَ الـوَحـيِ بـالقرْآنِ؟
يـا لَـلطفوفِ إذا الـرّماحُ
تجَشّمَتْ حَــمْـلَ الـضّـياءِ لـغـربةِ الـجّـثمَانِ
مِــنْ أيــنَ لـيْ بـقريحَةٍ
مـشْحُونةٍ بـشـعُورِها مــن عـقدةٍ
لـلسَاني؟
أأغـنـي هَـذا الـشعرَ مـن
صَـبَواتِهِ يَـا أيّـها الـمنْحُوتُ فـي
قـضْبَاني؟
أمْ أسقطُ الهَمسَاتِ من
قامُوسِها كــي يَـسـتَجِيرَ الـحُزنُ
بـالأوْزَانِ؟
لـمْ يـتّسعْ مَـعنًى هُـناك
بـمعْجَمي كــيْ أنـقـشَ الـطّعناتِ
بـالغُفرَانِ
نَـفسِي لـنحرِكَ يـا حُـسينُ
قـلعْتُهُ فـــي مَـصْـرعِ الـتَـنزْيلِ
والـتـبيَآنِ
وكـتمتُ صـوتاً شـاحباً فـي
خلسةٍ أخـفـيـتُها عــنْ نَـظـرةِ
الـصَـيوَانِ
ما زالَ في الطفِّ الجَريحةِ
مُتعَبٌ يــبـكـيْ كـنـائِـحَـةٍ بــصَــوتِ أذَانِ
مـا زالَ في الطفِّ الجَريْحَةِ
زَيْنبٌ تـنـعَى الـحُـسَينَ بـنـزفِها
الـهـتّانِ
مــازالَ لـلـطفلِ الـرّضِيعِ
وِسَـادَةٌ مُــحــشُـوَّةٌ بــأمُـومَـةِ
الـتِّـحـنَـانِ
فـخُذوا الـخِيامَ الـمُحْرقاتِ
مَـدائِناً لـلـغَيبِ فــيْ قَـدَرٍ مـنْ
الأشْـجَانِ
فـغَـداً يَـلـمُّ الـجُـرحَ قَـلبُ كِـلَيْهِمَا مُـتـزمِّـلَـينَ إلـــى خُــلـودٍ
ثَــانِـي