صفاته والقابه الجزء الحادي عشر: الإمام الجواد عليهالسلام
يقول إنهُ شبيه موسى= وهو بهديه شبيهُ عيسى
ألقابهُ الجوادُ والتقيُّ= والمرتضى القانعُ والرضيُّ
يُعرفُ بالرفق وبالسخاءِ= والبر والرحمةِ والعطاءِ
وطالما أطراهُ جُلُ العلما= مكارم تبلغ في المجدِ السما
فحبهُ فريضةٌ مكتوبه= وفي اتباع نهجهِ مثوبه (1)
Testing
(1) إن قضية تشبيه الائمة عليهمالسلام في أخلاقهم وبعض صفاتهم بنخبة معينة من الانبياء عليهمالسلام
ليستْ بالامر الجديد في حياة الامام الجواد عليهالسلام .
وتذكر المصادر التاريخية ان رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « مَنْ أراد أن ينظر الى آدم في علمه والى
نوح في تقواه والى ابراهيم في حلمه والى موسى في هيبته والى عيسى في عبادته
فلينظر الى علي بن ابي طالب ».
وهكذا بعض الائمة في احوالهم كالامام الحسين عليهالسلام وشبهه بنبي الله يحيى عليهالسلام وكُنّا قد
تطرّقنا الى ذلك في حياة الامام الصادق عليهالسلام والامام الكاظم عليهالسلام وشرحنا الشبه بل
الخصال التي تجمعهم مع بعض الانبياء عليهمالسلام .
وهكذا هو الحال مع الامام الجواد عليهالسلام الذي وردت فيه نصوص تفيد ان له شبه بأثنين
من انبياء أولي العزم وهم : موسى ، وعيسى عليهماالسلام إضافة الى نبي الله يحيى عليهالسلام وهذا الشبه نابع
من خصلة ، او خصال لازمتْ حياة هؤلاء الانبياء عليهمالسلام واتسمّ بها الامام الجواد عليهالسلام ومن هنا
حصلت الملازمة.
وينقل لنا الطبرسي بسندٍ متصل الى صفوان بن يحيى قال : قلتُ للامام الرضا عليهالسلام : إنْ كان
كون فالى مَن ؟ يقصد الى مَنْ نرجع بعدك فأشار الامام الرضا عليهالسلام الى ولدهُ ابي
جعفر الجواد عليهالسلام وهو قائم بين يديه ، فقلتُ له : جُعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين
فقال عليهالسلام : ما يضرُه من ذلك ، وقد قام عيسى بن مريم بالحجّة ، وهو ابن أقلّ من ثلاث
سنين. واعلام الورى 2 / 93.
كما نقل الكليني ايضاً بسند متصل الى علي بن اسباط قال :
خرج عليَّ ابو جعفر الجواد عليهالسلام بعد موت ابيه الرضا عليهالسلام فنظرت الى صغر قامته فقال لي :
يا علي ان الله تعالى احتج في الأمامة بمثل ما احتج بيحيى في النبوة فقال : ( وَآتَيْنَاهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا ) مريم / 12 ، الكافي 1 / 413.
وقد تواترت كتب التراجم والسير إن القاب الامام الجواد عليهالسلام كانت تنبثق من افعاله
واخلاقه ومن عمق معارفه ، وعلومه ، حيث يستشف منها عظم شخصيته المباركة ومنها :
الجواد : وهو من اشهر القابه التي عرف بها لانه اكثر أهل زمانه جودا ، وسخاءً ، وعطاء ،
حتى غلب هذا اللقب على جده الامام موسى بن جعفر عليهالسلام المدفون معه فقيل « الجوادين »
من باب التغليب المعروف في اللغة : المنتخب ، المنتجب ، المختار : كون ان الله سبحانه قد
انتخبه ، وانتجبه ، واختاره للامامة الحقة رغم صغر سنه.
الزكي : وذلك لطهارته عن كل رذيلة او رجس.
العالم : وذلك لعظم علومه واتساعها.
التقي : وذلك لانه اتقى اهل زمانه واشدهم خوفاً من الله سبحانه.
باب المراد : وهو من القابه السارية التي لهج بها القريب والبعيد لانه مقصد حاجات
الطالبين.
كل هذه الالقاب والصفات تدل على شرف المسمى ، وفيما يلي مقاطع من الارجوزة
الشيخ محمد حسين الاصفهاني قدس المتوفي سنة 1361 ه قالها في حق الائمة عليهمالسلام
ومنهم الامام الجواد عليهالسلام والقابه وصفاته ولا سيما لقبه الجواد :
هو الجواد لا الى نهايه
وجوده غاية كل غايه
وجوده مصباح انوار الهدى
وجوده مفتاح ابواب الندى
له يدُ المعروف بالمعارف
فأنها قرة عين العارف
وباب ابواب المراد بابه
والحرز من كل البلا حجابه
كهف الورى وغوث كل ملتجي
في الضيق والشدّة باب الفرج
هو الجواد لا جواد غيره
لا خير في الوجود الا خيره
وجاء بالتكوين والتشريع
بمقتضى مقامه الرفيع
حتى اذا لم تبق منه باقيه
جاد بانفس النفوس الراقيه
جاد بنفسه سميما ظاميا
نال من الجود مقاما ساميا
والعروة الوثقى التي لا تنفصم
تقطعت ظلماً بسم المعتصم
قضى شهيدا وهو في شبابه
دسّ اليه السم في شرابه
تعسا وبؤسا لابنة المأمون
من غدرها وحقدها المكنون
سمتهُ غيلة بامر المعتصم
والحقد داء هو يُعمي ويصم
قضى شهيداً وبكاه الجودُ
كأنه بنفسه يجود
ومن المفيد ذكره هنا ان للجواد عليهالسلام كنيتين احدهما المشهورة وهي : ابو جعفر الثاني ،
تمييزاً له عن جده الباقر عليهالسلام الذي كنيته ابو جعفر الاول ، وله كنية ثانية وهي : ابو علي ،
وذلك لما ولِد له ولده الامام علي الهادي عليهالسلام. اعيان الشيعة 4 / 161.