ثورة المدينة
الجزء السادس: الإمام السجاد عليه السلام
تعرفهُ يثربُ بالحميه= فهي بُراءٌ من بني أُميّه
بثورةِ يقودها الأَنصارُ= وثلّةُ الأَصحابِ والأَخيارُ
كانوا يرون أن آلَ هاشمِ= أولى بنصرٍ من بني المآثمِ
دافعهم أن يزيدَ فاجرُ= وظالمٌ وفاسقٌ وكافرُ
وتاركٌ للصومِ والصلاةِ= منهمكٌ باللهو واللذّاتِ
فاشتعلت يثربُ بالتحدّي= بخيرِ فرسان وخيرِ جُندِ (1)
فوثبوا بابن أبي سفيانِ= عثمانِ أقبح فيه من عثمانِ
مخرباً ومفسداً في البلدِ= يسلب من أموالهم ويعتدي
فرَّ إلى الإمامِ كي يحميهِ= فضمّ أهلهُ إلى أهليهِ
وذاك ما لم ينكر الأَعداءُ= من فضلِ مَن تعرفهُ السّماءُ
أصبحت المدينةُ المجلله= في يدِ عبد الله وابن حنظله
وسارت الأخبارُ نحو الشامِ= فخطط الطاغوتُ لانتقامِ
أعدّ جيشاً كي ينالَ مأربه= يقودُه « مسلمٌ بن العقبه »
أوصاه بالسيفِ وأن تباحا= يثربُ أيّاماً وأن يُطاحا
بكل رأسِ يبتغي التمردا= فكلُّ أهل يثرِبٍ همُ العدا
فزحف الجيش اللئيم غدرا= ومسلم ينشد فيه شعرا
« أبلغ أبا بكر إذا الأمر انبرى= وانحطت الرّايات من وادي القرى
أجمعُ سكران من القوم ترى= أم جمعُ يقظان نفى عنه الكرى »
فحاصروا مدينة الرسولِ= ومهبط الآيات والتنزيلِ
فحفر الثوار فيها خندقا= ليضمنوا لثورة الحق البقا
لكنّما الحرب استطالت نارها= واتقدت في يثرب جمارهها
حيث التقى الجمعان عند الحرَّه= « ومسرفٌ » صبَّ عليها شرَّه
فيا لها من وقعةٍ معابه= عضت ثمانينَ من الصحابه
لم يبق « بدريٌّ » بُعيدَ الوقعه= عشرةُ الآف بها أو تسعه
قد سالت الدماء دون رحمه= وانتهكت فيها نساء الأُمه
أباحها ثلاثةً للقتلِ= مشتتاً فيها لكل شملِ
وأجبر الناسَ على المبايعه= إلى يزيد خُولاً وطائعه
منتهكاً قبر النبيّ الأطهرِ= بخيله وجندهِ والعسكرِ
لكنّما السجّادُ لم يعطِ يدا= أو أن يخافَ منه أو يؤيدا
وبقي الإمام منه حذرا= لمّا رآهُ طاغياً مستهترا
وعانت المدينة العذابا= عاشت ولكن فقدت أحبابا
فالثكل والحزن وظلم الوالي= ومقتل الأبناء والرجالِ
قد ترك الأجواء فيها مظلمه= مذ أسرفت فيها أكفُّ الظلمه