العودة الى المدينة
الجزء السادس: الإمام السجاد عليه السلام
وحين قاربوا ديارَ يثربِ= تنسموا بعبرةِ طيبَ النبي
توقفوا لم يدخلوا عليها= وارسوا « ابن حذلمٍ » إليها
ينعى الحسين باكياً منبها= يا أهلَ يثربِ دعوا البقا بها
قد قُتل الحسينُ والأنصارُ= ورأسُه على القنا يُدارُ
قوموا فها قد وصلَ السجّادُ= وأهلهُ من بعد أسرِ عادوا
فهُرِعَ الناسُ لصوتِ الناعي= بكل قلبٍ مكمّدِ ملتاعِ
وقد دعوا بالويلِ والثبورِ= على يزيدِ الشرّ والفجورِ (1)
وخرج الإمامُ وهو ينحبُ= وراح في الجمعِ الحزينِ يخطبُ
فحمد الله وأثنى وشكرْ= ثمّ مصلياً على خيرِ البشرْ
يقول قد حل مصابٌ جللُ= وثلمةٌ في الدين لا تُكتملُ
قد قُتل الحسينُ ثمّ عترته= وسبيت نباؤهُ وصيته
ودار رأسه على البلدانِ= من فوقِ رأسِ الرمحِ والسنانِ
وقد بكتهُ في السّموات العُلى= ملائكُ اللهِ وأدمعُ الملا
والأرضُ والسماءُ والبحارُ= والماءُ والجبالُ والأشجارُ
فأيّ قلبٍ فيه لم ينصدعِ= وأيٌّ أذنِ للذي صار تعي
صِرنا ونحن الآلُ مبعدينا= مقتّلين أو مشرّدينا
بغير ذنبٍ لا ولا جريمه= قد طاردتنا الزمرةُ الأثيمه (2)
ودخلوا المسجدَ في بكاءِ= والقبرُ والمنبرُ في عزاءِ
تلك تعزي بالمصابِ حيدرا= وتلك تدعو فاطماً وجعفرا
وقد بكى النبي للمصابِ= وما جرى لسيّدِ الشبابِ
وعُقدتْ مآتمُ الحسينِ= وانفجرتْ بالدمعِ كلُّ عينِ
وغرقت يثرب بالسوادِ= والحزنِ والعويلِ والحدادِ
وباتتِ المدينةُ المنوّره= تبكي على قتيلها ابن حيدره
فكل بيتِ يندبُ المطهرا= ويذرف الدمع سخيناً أحمرا
وأُنشدتْ قصائدُ الرثاءِ= وانتشرتْ مجالسُ البكاءِ
وأهلُ بيتِ المصطفى في حزنِ= لهم نياحةٌ بأشجى لحنِ
لم تعرف النسوةُ منهم طِيبا= ولم يعد بنانُها خضيبا
ولليتامى دمعةٌ وعَبره= بذكرِ مأساة شهيدِ العِتره
أبناء جعفر وولدِ زينبِ= وثلةِ من النساءِ النجبِ (3)