(1) إنّ أوّل تجربة قاسية واجهها الإمام الحسن عليهالسلام هي يوم وفاة جدّه صلىاللهعليهوآله فقد شاهد
الصحابة يتركون جثمانه الطاهر مسجى وهم يتسابقون على السلطة في « سقيفة بني
ساعدة » حيث قرروا بمنطق العصبية القبلية أن يغتصبوا حق أبيه في الخلافة ، تاركين وراء
ظهورهم أمر السماء والأحاديث الكثيرة التي تؤكِّد حقّه ، ووصيّته ، وخلافته للنبوّة في
قيادة الأمّة ورعايتها ، وشاهد أمّه البتول ، وهي تُمنَع إرثها في الرسول ونحلتها « فدك » من
قِبَل جماعة الخلافة ويتحسّس آلامها ، وهي تشكو الغربة والظلام الذي لفّ الدُّنيا بعد
محمد صلىاللهعليهوآله وهي تردد هذه الابيات من الشعر :
صُبت عليَّ مصائب لو أنّها
صُبّت على الأيّامِ صِرْنَ لياليا
فلأجعلن الحزن بعدك مؤنسي
ولاجعلن الدمع فيك وشاحيا
وتحرق قلبه الفتى آهاتها الحزينة على ضياع حق ابن عمّها أبي الحسن عليهالسلام ويسمع خطبتها
التاريخية في المسجد النبوي في حشد من المسلمين لتسجل إحتجاجها الغاضب على
سكوت معظم أهل المدينة على الحقّ المضيع ، وقد وصف شاعر أهل البيت الكمّيت بن
زيد الأسدي يوم الغدير وهو اليوم التاريخي الذي ضاع فيه حق علي عليهالسلام ومدرسة الإمامة
حتّى يومنا هذا :
ويوم الدوح دوح غدير خم
أبان له الولاية لو أطيعا
ولكنّ الرِّجال تقاسموها
فلم أر مثلها خطراً منيعا
ولم أر مثل ذاك اليوم يوماً
ولم أر مثله حقّاً أضيعا