القبر في كربلاء
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
ما زينة القبر الذي في كربلاء= قد ضم لإبن محمد جثمانا
زانوه بالعقيان زعما أنهم= طافوه من إحسانه إحسانا
شحوا عليه من الفرات بنهلة= حتى أذاقوه الردى ظمآنا
واليوم جاؤوا يطلبون ببعض ما= أخذوه منه عنده الرضوانا
ردوا عليه ملكه يا قوم إذ= ردوه حيا مثلما قد كانا
لا أرتضي الدنيا وما فيها وإن= جلت لشسع نعاله أثمانا
وأرى لساني قاصرا من مدح من= بذلوا له الأرواح والأبدانا
باعوا نفوسهم ولم أر بائعا= الا هم الا إشتكى خسرانا
لم يستقم بيت الهدى الا بما= أرسوا له من بأسهم بنيانا
لو كان خلف الستر غير أولئك ال= كلا ولا كانوا له إخوانا
لم ينصروا سبط النبي للحمة= نفر الكرام من الكرام لبانا
لكنهم نفست بضائعهم ولم= يجدوا لها الا الحسين مكانا
فلذلك أهدوها له فأتاهم= عنها بما لم يطرق الأذهانا
منهم حبيب والمهذب مسلم= وكلاهما بطلا لقاءٍ كانا
منهم أبو الفضل الذي قالت له= العلياء كن حامي حماي فكانا
منهم علي بن الحسين ومن رأى= كإبن الحسين على العلا غيرانا
منهم أطايب من عقيل كلهم= كانوا لدوحة احمد أغصانا
تعس العراق وأهله من معشر= ارضوا يزيد واسخطوا الرحمانا
لولا نفاقهم وغدرهم به= ما بات قلب محمد حرانا
أما يزيد فقد أصاب زيادة= في الكفر ثمة جازه طغيانا
وعدا على ال النبي فكان ما= قد كان منه ليته لا كانا
كم صارم اضحى بلحم بني الهدى= سمار أرمح بالدما ريانا
حرق الكتاب وأحرق البيت الذي= فيه المهيمن أنزل القرآنا
يوم السقيفة لا مررت على الورى= أحييت أنت الشرك والأوثانا
أمّرت تيما يوم غاية فخرها= بين البرية أكلها الذبانا
وعددت بالنجب الكرام عديها= ما كنت الا الغي والطغيانا
وغدت تقلب أرؤسا بين الورى= لم تدر منذ حياتها التيجانا
صارت تفاخر بالنبي محمد= أبناءه وتزيدهم شنآنا
أفديك ما أزكى الأنام مناقبا= وأعزهم قدرا وأعلى شانا
أفديك من ملك عليه عبيده= بالبغي صالوا وإعتدوا عدوانا
أفديك والنفر الذين على الفنا= والموت دونك عقدوا الإيمانا
أفديك والطفل الذي قدمته= كيما يذوق حمامه ظمآنا
ربيته واراك ما ربيته= الا لترضعه المنون لبانا
قد فات يومك ليتني أدركته= أو ليتني ما عشت بعدك آنا
أو ليتني ابقى الى أن يظهر ال= داعي بثارك في الملا إعلانا
فأقول ثم لصارمي ومثقفي= يا سيف ضربا يا سنان طعانا
لك قدرة الله التي بأقلها= قهر العباد وكون الأكوانا
فليعجب الرائي بموقفك الذي= أصبحت فيه تشتكي الخذلانا
وليعجب الرائي بأن إبن الخنا= شمر يحث على لقاك سنانا
ويعود كل منهما بك ظافرا= يهتز من فرح به جذلانا
فأقول ماذا بعد فيك وكلما= خلق الاله لعز مجدك دانا
ما خص غيرك بالذي لك عنده= أقصر لساني لا تطيق بيانا
والماء إن حبسوه عنك فربما= أحببت موتك صاديا ظمآنا
ليكون عند الله اكبر شاهد= فيكفر من عاداكم وأهانا
لم يقتلوك وإن قتلت وإنما= قتلوا بك الإسلام والإيمانا
ورقي رأسك خاطبا فوق القنا= يتلو على أهل السما القرآنا
كرقي جدك راكبا من قبل ذا= متن البراق كما ركبت سنانا
واراق دمع العين قرع إبن الخنا= لك ايها السامي الذرى أسنانا
ووراء ذلك سبه علم الهدى= صنو النبي وصهره إعلانا
ما كان جهلا قتلهم لك إنما= قتلوك كي لا يعدبوا الديانا
بسواد أرض الكوفة الوحي إغتدى= يشكو الظليمة والها حيرانا
يبكي معاشره الذين صدورهم= كانت له دون الورى أكنانا
وأذكر ولست أراك تنسى زينبا= وعساك تذكر قلبها الحرانا
وسفورها بعد الخدور وهتكها= ثوب السرور ولبسها الأحزانا
أحسين سلواني علي محرم= أم بعد فقدك أعرف السلوانا
أخشى البعاد وأنت أقرب من أرى= حولي واشكو الصد والهجرانا
أيامنا في طولها كسنيننا= حزنا عليك وصبحنا كمسانا
القوم قد عزموا الرحيل فمن ترى= يحمي يتامانا ومن يرعانا
هذا عليلك لا يطيق تحركا= مما دهاه من الضنا ودهانا
وتهون رحلتنا عليك ورأسك= السامي نراه على القنا ويرانا
لي أخوة كانوا وكنت بقربهم= أحمى النزيل وامنع الجيارنا
واليوم أسال عنهم البيض التي= صارت نحورهم لها أجفانا
واليوم أسال عنهم السمر التي= صارت رؤوسهم لها تيجانا
واليوم اسال عنهم الخيل التي= صارت صدورهم لها ميدانا
ذهبوا كأن لم يخلقوا وكأنني= ما كنت آمنة بهم أوطانا
وكأن داري لم تكن دار القرى= وكأنني لا أعرف الضيفانا
يأوي الى بابي ويرجع خائبا= من كان يأمل عندي الإحسانا
أنا بنت من أنا أخت من أنا من أنا= لو انصف الدهر الذي عادانا
قومي الذين بنوا على هام العلى= بيتا يزاحم سمكه كيوانا
هذا وهم أعيان كل قبيلة= في الناس اما عددو الأعيانا
وإذا القبائل عددت أقرانها= كانوا على أقرانها أقرانا
فاقت عمائمهم على التيجان فإ= حتقر الورى من بعدها التيجانا
يا كعبة الله التي من في السما= والأرض يسال عندها الغفرانا
تالله ما البيت العتيق وإن علا= قدرا بأشرف من محلك شانا
البيت يعلم إن من قد زاره= وجفاك نال الخسر والحرمانا
لم يدر أن الله شرف بيته= بك يوم أظهر فضله وأبانا
الله أول ناطق بمديحكم= فلتخرس الفصخاء بعد لسانا
سمّاك بالذبح العظيم ولم يجد= أحدا سواك لدينه قربانا
فبذلت نفسك صابرا في حبه= وبنيك والأصحاب والإخوانا
ما زار قبرك زائر الا رأى= منك الكرامة والحباء عيانا
كلا ولا وافى جنابك خائف= الا اصاب كما أحب أمانا
وأنا الفقير المستكين فهل ترى= أخشى لديك الغبن والخسرانا
حاشاك إنك لم تزل كهفا لمن= وافاك يأمل عندك الإحسانا
أنا خائف فأمنن علي فما ارى= أحدا سواك من الورى منانا
في هذه الدنيا وفي الأخرى خذوا= بيدي وقولوا عبدنا مولانا
حتى يراني كل مخلوق بكم= يوم القيامة راجحا ميزانا
فيقال هذا عبد ال المصطفى= دون الأنام وأسكنوه جنانا