عيد الغدير
ديوان أنوار الولاء - السيد هاشم الهاشمي
غديركَ لا صوبُ الغمام ولا البحرُ= ونهجك لا زيدٌ هناك ولا عمرو
ولائي لكم زادي إذا صفرتْ يدي= كفاني به فخراً فما بعده فخرُ
يقولون لي غاليتَ في الحبّ فاتّئدْ= فربّ هوىً غالى بإظهاره الشعر
عذولي مهلاً أنّ في القلبِ جذوةً= تزيد ضراماً كلما كبر العمر
رضعتُ الهوى في المهد بل إنّ فطرتي= تلقّتْ عهود الحبّ مذ وُجد « الذرّ »
مقيم بروحي ضاربٌ متجذّرٌ= وهيهات ، لا يخبو وإن ضمّني القبر
شفيعي في يوم الجزاء وأنّه= صحيفة أعمالي سيشهدُها الحشر
كتبتُ بها سطرين ، سطراً لحبّهم= وتبرئتي من مبغضيهم لها سطر
هما كلُّ زادي في المعاد ومُنيتي= فإنّ يدي من كلّ مكرمة صفر
ذكرتكَ سيفاً ما استكان لغمده= إلى أن قضى الإيمان أن يُشهر الصبر
تحدّى جنون الجاهلية هادماً= كياناً بناه الجهل والبغيُ والنكر
فاشعل حقد الجاهليين سيفُه= ففي كلّ قلبٍ من لظى حقده جمر
نفوسٌ أبت أن تُبصر النور فانبرت= تحاربه ، حتى يدوم لها عمر
فنازلها بالحرف والسيف « حيدرٌ »= هصورٌ على وقع الأسنّة يفترُّ
وما قام دين الله إلا بسيفه= كما شهدت في فضل عزمته « بدر »
فسل صحف التاريخ من قدَّ « مرحباً »= ومن قد هوى من وقع صارمه « عمرو »
ولمّا مضى عهد الرسول تحرّكت= نفوسٌ تلظّى في ضغائنها الثأر
ولمّا تعالتْ بالجهاد وبالدما= صروح الهدى وانهار من عرشه الكفر
أتت عصبةٌ لم تعرف الحقّ إنّما= لإبليس في توجيهها النهي والأمر
رأت أمةً لا زال في المهد وعيها= وحكماً بناه السيف والدم والذكر
أتت بقناع الدين تسرقُ مجده= وفي عمقها الأحقادُ والبغي يجترُّ
وكان لها تحت « السقيفة » غدرةٌ= ستبقى تثير الشرّ ما بقي الدهر
تناست بها عهد « الغدير » وكم لها= عهودُ ولاءٍ كان دافعها المكر
ومنذ قديم وهي تُحكم خِطّةٌ= فقد آمنت لفظاً ولم يؤمن السرُّ
وأصلُ ضلالِ الناس للحشر قولةٌ= « بأنّ رسول الله أدركه الهجر »
وشادت ببطش السيف والمكر عرشها= ليُسكتَ صوتَ الحقّ في مهده الغدر
وكانت طواغيتُ الخلافات بعدها= وراثةَ عرشٍ شادَه المكر والقهر
ولو عملوا « بالنصّ » حقّاً ، وآمنوا= بعهد رسول الله ما نجم الشر
ولو سلّموا حكم الهدى « لوصيّه »= لكانت عصورٌ ملؤها النورُ والطهر
يريدون إطفاء الولاء ببغيهم= ولكن سيبقى في المدى نوره الثرُّ
خلاص الورى دنيا واُخرى بظلّه= وعقبى سواه العار والنار والخسر
حملتُ لكم قلبي دليلاً فإنّه= وحبّكم لا لن يحوّله هجر
طرقتُ بكفِّ الشوق أبواب عطفكم= طويلاً فلم يُكشف لعاشقكم ضرُّ
تحمّلتُ ما تعيا الجبال بحمله= نوائب تغتال الفؤاد وتجترّ
ففي كل شبر للشقاء جهنّمٌ= ومن ألمي في كل ثانية دهر
وكيف يخوض التيه خطوٌ ممزّقٌ= ومن يتمنّى قربكم دربه وعر
اُحاول أن أنسى فاهرب فترة= عن الوعي لكن لن يغيب لكم ذكر
فبيني وبين الوجد سرٌّ معذّبٌ= ومهما قسى دهري فلن يكشف السر
لقد آمنت نفسي بأنّ ولاءكم= طريق الهدى حقاً وبغضكم كفر