حينما جُلد آل عمّار جُلدت جميع حروف الأبجدية، وعلى الصخرة التي عانقت بلال تعانقت القوافي على سطحها لتهتف " أحد أحد " ، وها هي تلفّعت اليوم ببردة زهير بن أبي كعب وجاءت معتذرةً منكسرةً أمام عفو رسول الله ((ص)) !!
هُدهدُ الشعرِ يا مَلاكَ القصيدِ = هَدهدِ الشوقَ في دِماءِ الوريدِ
واسكب الخمرَ ها هنا حانةٌ لل = شعرِ تسمو بخمرِكَ المشهودِ
واسرج الليلَ بالقصيدِ كبدرٍ = شعّ في حلكةِ الظلامِ الشديدِ
يولدُ البدرُ حين يزدحمُ اللي = لُ ويخبو في الظلمِ وجه الوجودِ
هكذا في قريش من ظلمةِ الجه = لِ وطيّاتِ فكرِها الملحودِ
جاء ياسين بالعدالةِ ، بالأحكامِ = بالحبِّ ، بالصباحِ الجديدِ
جاء بدراً ليسكب النور فينا = يسكب النورَ في فؤادِ العبيدِ
في الشبابِ النضيرِ في الشيخ في الأمّ = وفي مهجةِ الرضيعِ الوليدِ
هكذا جاء في الزمانِ ليُحْيي = هيبةَ الربِّ في الفؤادِ العميدِ
هدهدُ الشعرِ لم يعدْ في قصيدي = غيرُ طيرٍ يهيمُ في التغريدِ
لم يعدْ في الفؤادِ حبٌ لسلمى = و ربابٍ وعبلةٍ ورغيدِ
يا سعادٌ ! زهير ما عاد يشدو = كِ قوافٍ بقلبهِ المعمودِ
لا وما ظلّ قلبهُ فيكِ متبو = لاً ولا حنّ للقاءِ السعيدِ
ضجّ في قلبهِ أذانُ بلالٍ = فانتشى بين ركعةٍ وسجودِ
ها هنا العشقُ ها هنا الحبُّ كونٌ = في سجودِ العبيدِ للمعبودِ
هُدهدُ الشعرِ، في صبيحةِ بدرٍ = حصحصَ الحقُّ واضحاً للوجودِ
جاءَ ياسينُ بالبسالةِ ، بالإسلامِ = بالفكرِ ، بالسلامِ المجيدِ
فرقتْ أمةٌ ، ورقّتْ قلوبٌ = وسمت أدمعٌ ، بدربٍ سديدِ
هكذا يولد الضياءُ بليلٍ = حالكٍ عابسٍ ودربٍ كؤودِ
وأبو جهلَ في الهزيمةِ جاثٍ = يلعقُ الجهلَ بالفؤاد الجحودِ
حيث عمّار يصرعُ السوطَ صرعاً = في سبيلِ السما وربِّ الوجودِ
سيدي ، هالَ فجرُك الشمسَ حتى = ثَمِلَت في بهاءِ فجرٍ فريدِ
فجرُ عزٍّ وثورةٍ وإباءٍ = ووفاءٍ وصحوةٍ وخلودِ
سيدي ، جلجلَ الضياءُ بقلبٍ = هائمٍ فيك مثل لحنِ النشيدِ
أيُّ دهرٍ يحويك أيُّ زمانٍ = لم يته فيكَ كالسحابِ الشرودِ
سيدي هاك نبضَ قلبي قوافٍ = نظمت في فضاءِ هذا القصيدِ
هاك حباً وأدمعاً واشتياقاً = وفؤاداً من عاشقٍ مكدودِ
" سيدي أيها الضميرُ المصفّى" = عَرْبَدَ الجهلُ في فؤادٍ حقودِ
فتمادى في الغيِّ يرمي محبَّ = الآل حقداً بالشركِ في التوحيدِ
وإلى الفرسِ يرمي ولاءَ شعوبٍ = متعباتٍ منْ أمسهِا المفقودِ
هاهنا الحقدُ ها هنا البغضُ كونٌ = ذائبٌ في مباركٍ والسعيدي
نحن أصلُ البحرين من آلِ بكرٍ = وتميمٍ منذ الزمانِ البعيدِ
نحن لم نأتِ فوق ناقاتِ ذلٍّ = من صحارٍ بعيدةٍ أو بيدِ
هُدهدُ الشعرِ ، كم لنا من سجينٍ = ألِفَ العيشِ بين فكّ القيودِ
كم لنا من مشرّدٍ وغريبٍ = عن ثراه معذبٍ وشهيدِ
لمْ نزلْ نجرعُ الجراحَ جحيماً = من عذابٍ منذ الزمانِ العهيدِ
عقمتْ كلُّ ضحكةٍ فشفاه ال = شعبِ ضاقتْ بثغرها المنكودِ
ضجَّ كونٌ من الجراحِ عصيبٌ = ذبلتْ فيه زاهياتُ الورودِ
أيُّها الحاملونَ للشعبِ نعشاً = من عهود جريحةٍ ووعودِ
أين حقُّ الشهيدِ والقاتلُ المأ= جورُ يختال بين عيشٍ رغيدِ ؟!
أين حقُّ السجينِ والقيدُ في كفّ = يه ما زالَ مثقلاً بالحديدِ ؟!
أين حقُّ الجياعِ والجوعُ جيشٌ = كجرادٍ بيقظتي وهجودي ؟!
أين حقُّ الإله هلْ يا ترى في = سنِّ قانونٍ مارقٍ ويهودي ؟!
ثقلتْ هذهِ الجراحُ وما زالَ = هنا الصبرُ رغمَ نقضِ العهودِ
ومحالٌ يظلُّ في القلبِ صبرٌ = إن شكى الدينُ يا بلادَ الجدودِ