الإباءُ الكربلائي
سنة 2012
يا عندليبَ زمانِنا المتمثّلا = غرِّدْ تغاريدَ الصباحِ مؤصّلا
هدهِدْ على أسماعِنا معزوفةً = تستطربُ الأشلاءَ حينَ ترَتّلا
تُحيِي لنا مَيْتَ النفوسِ طوائعًا= وتزيلُ أقفالاُ لها وسَلاسِلا
حلِّقْ على أغصانِ حبٍّ راسخٍ = وامسحْ على عَيْنِ الهُدى متفصّلا
بلسِمْ جراحَ البُعْدِ في وجدانِنا = فالشوقُ يأخذُنا لمعشوقٍ عَلا
خُذْنَا إلى حيثُ المروءةُ والإبَا = وإبَا النفوسِ مَعَ الشُّمُوخِ مُمثَّلا
خُذْنَا إلى ميدانِ عزَّةِ أمَّةٍ = فيهِ تشرَّبَتِ البطولةَ والبلا
وبأحرفٍ ذهبيّةٍ معجونةٍ = بدماءِ أقمارٍ لنّا متكتّلا
فهناكَ مِنْ كأسِ السعادةِ والهدى = سُقِيَتْ نفوسٌ والسموُّ تكلّلا
وتسابَقُوا للعزِّ شوقًا مِنْهُمُ = كيما يفوزُوا بالنعيمِ الأجمَلا
قد ضُرِّجُوا بدمائِهِمْ فوقَ الثّرى = عشقًا إلى دارِ الهدايةِ والوَلا
سارُوا إلى أجداثِهِمْ بإرادةٍ = كالسائرينَ لحتفِهِمْ في كربلا
خطُّوا لهم خطًّا وسارُوا خلفَهُ = فغدَوا نجومًا نيِّرِينَ إلى الملا
مَنْ مثلُ ساجدةٍ قَضَتْ مخنوقةً = إلا رضيعَ الطفِّ صارَ مجدّلا
حَرَقُوا الخيامَ جميعَها في ساعةٍ = لؤمًا وحقدًا مِنْهُمُ متأصِّلا
مثلَ اللّئامِ بني أميّةَ أحرَقُوا = خيماتِ آلِ المصطفى في كربلا
وتفارَرُوا كلٌّ يلوذُ بملجأٍ = بعضٌ هناكَ مضى وبعضٌ في الفلا
لا يحملونَ سوى الورودِ علائمًا = والظالمونَ بكلِّ حقدٍ حُمِّلا
(هيهاتَ منّا الذلُّ) درعُهُمْ الذي = هزُّوا بهِ عرشَ الطغاةِ فَزُلْزِلا
و(اللهُ أكبرُ) في الطفوفِ تمثَّلَتْ = في قبضةِ الثوّارِ رعدًا قاتلا
وإذا اعتدى بالأمسِ جيشُ أميةٍ = فاليومَ ها هُمْ قدْ أعادُوا المِعْوَلا
عادُوا لهدمِ مساجدٍ صدَحَتْ بِها = آباؤنا بالذكرِ حينًا واعتلى
عادُوا لتدنيسِ الكتابِ وحرقِهِ = علنًا بلا خوفٍ وكانُوا الأجهلا
يا ويلَهُمْ قتلُوا الكرامَ وأجرَمُوا = في حقِّ شعبٍ مؤمنٍ مُتَبَتِّلا
أينَ الملوكُ وَمَنْ تقاسَمَ ملكَهُمْ = هلاّ استفادُوا عِبرةً وتعقُّلا
هلاّ استساغُوا في الزمانِ رسالةً = مكتوبةً بينَ السطورِ تأوُّلا
هلْ أدركوُا أنَّ الحسينَ مخلّدٌ = ويزيدَ عَنْ هَذي الحياةِ قَدِ انْجَلى
هل أدركُوا أنَّ الدماءَ هِيَ الّتي = قَتَلَتْ سيوفَ الظالمينَ مُؤَجَّلا
والحقُّ في كلِّ العصورِ حقيقةٌ = كُتِبَتْ كما القرآنِ صارَ مُرَتَّلا