جرحُ الحسينِ سفينةِ الأنبياءِ
سنة 2012
قد سارَ معنىً على سطرٍ بلا قلمِ = وكان يقرؤُهُ وحيٌ، بدونِ فمِ
أسرى بهِ الحُبُّ، جرحاً، من مصائبِهِ = على الفراقِ إلى الأقصى مِنَ الألمِ
فسارَ مِنْ مسجدِ اللهِ الحرامِ إلى = ذبحٍ ومذبحةٍ في الأشهرِ الحُرُمِ
حسينُ : حاءٌ وحُزّ الرأسُ من دُبُرٍ = وخلفَهُ ترتمي الدّنيا على القدمِ
والسّينُ سرٌّ إلهيٌّ وسيفُ هدًى = وسبيُ أنوارِهِ، ظلماً، مِنَ الظُّلَمِ
والياءُ يومٌ يلوذُ المؤمنونَ ، بِهِ = يومَ القيامةِ من عُرْبٍ ومِنْ عجَمِ
والنّونُ حرفٌ لحرفِ الكاف تكملهُ = لولاهُ ( كُنْ ) لم تكنْ والكونُ لم يَقُمِ
على الصّراطِ السّويِّ المستقيمِ مشى = ولم يمِلْ خفقةً عنهُ ولم يَنَمِ
ولم يَسِرْ أشرًا كلاّ ولا بطرًا = ولا على الحُكْمِ يمشي بلْ على الحِكَمِ
مضى ومِنْ خلفِهِ الدنيا بأكملِها = تجثو بإغوائها ذلاًّ كما الخدمِ
لم يلتفِتْ أبدًا ، فهوَ الأَمامُ، إمامٌ = للأمامِ، سماواتٌ لدى القممِ
تأوي الرّماحُ إليهِ وهْيَ جائعةٌ = لم تلقَ إلاّهُ طعماً طيّبَ الّلقمِ
فراحَ يطعمُها من نفسِهِ سوراً = قد قالَها اللهُ قبلَ النّونِ والقلمِ
وقالَ للدّينِ من نزفي ارتوِ غدقاً = ومن جراحي على آلامِيَ استَقِمِ
فصارَ مثلَ جراحٍ دونَما جسدٍ = كأنّهُ قد غدا جرحاً من الأدمِ
في كربلاءَ وحرُّ الشّمسِ يحرقُها = ماءٌ يموتُ حزينًا وهْوَ جدُّ ظمي
فشاهدَ الكوثرَ الملقى بشاطئهِ = فمدَّ أمواجَهُ نحوَ الثرى كفمِ
مدَّ الحسينُ إليهِ جرحَهُ نَهَراً = يسقيهِ من جرحِهِ حتّى ارتوى بدمِ
حسينُ لخّصَ آلامَ الحياةِ بِهِ = حتّى يخفّفَها عن كاملِ الأممِ
ضحّى بكاملِهِ روحاً على جسدٍ = أخًا وأختًا وأبناءً ، ذوي الرّحِمِ
وحرّرَ العبدَ ، من ذلٍّ ، بثورتِهِ = وكانَ أمًّا أبًا لليتمِ من يتُمِ
لسانُهُ لسنانِ الحقِّ سنّنَها = لتقطعَ الباطلَ الموصولَ كالورَمِ
وسيفُهُ لم يكُنْ إلاّ لردِّ أذًى = وكانَ يقطعُ قبلَ السّيفِ بالكلمِ
وكانَ شقَّ لموسى البحرَ مذبَحَهُ = وفكَّ رقبةَ إسماعيلَ في القِدَمِ
سفينةٌ جرحُهُ والأنبياءُ بها = ارتاحُوا ولاذوا وذاقوا أطيبَ النّعَمِ
أبكي الحسيَن ودمعاتي تطهّرُني = تطفي بنفسيَ وديانًا من الحمَمِ
تطفي جهنّمَ دمعاتي إذا ذُرِفَتْ = على الحسينِ وتشفيني من السّقَمِ
حبُّ الحسينِ صراطٌ ليسَ يأخُذني = إلّا إلى أفضلِ الأخلاقِ والقيمِ
جراحُهُ أنجمٌ في القلبِ لامعةٌ = تهدي المحبَّ لهُ في أحلكِ الظّلَمِ
فمبصرٌ كلُّ قلبٍ كانَ يعشقُهُ = ومطفَأٌ كلُّ قلبٍ غيرِ ذا وعَمِي
فلنْ أضلَّ وفي قلبي محبّتُهُ = وجرحُهُ حبلُ ربّي وهْوَ مُعْتَصَمي
قصدتُ مشهدَكَ الزّاهي ملائكةً = بقلبِ جوعٍ إلى أحبابهِ نَهِمِ
أتيتُ شِعراً ، وشِعري وهْوَ منكسراً = أتاكَ في خجلٍ زحفاً على النُّظُمِ
فاقبلْ إمامي مجيئي خاشعاً خجِلاً = مُرْنِي، حبيبي، أكُنْ مِنْ أفضلِ الخَدَمِ