شعراء أهل البيت عليهم السلام - يومُنا واحدٌ

عــــدد الأبـيـات
0
عدد المشاهدات
207
نــوع القصيدة
فصحى
مــشــــاركـــة مـــن
تاريخ الإضافة
17/09/2023
وقـــت الإضــافــة
7:24 مساءً

لماذا يكونُ الموتُ في لحظةٍ أُخْرى
أرقَّ على المقتولِ من شفةٍ حرّى

لماذا أراني مستقلاً منيَّتي
ومستكثراً عشقَ الفؤادِ الذي أسرى

كأني رأيتُ اللهَ يتركُ عرشَه
ليحتضنَ الفادي ويستقبلَ الأسرى

وقد عطَّلَ الأملاكَ من أيِّ مهنةٍ
سوى أن يحوطوا بالمعانقةِ القبرا

إذا متُّ لم أقبرْ ليأكلَ جثَّتي
ثراكُم، فنورُ اللهِ لا يقبلُ النخرا

ولكنْ لكي أعطيكُمُ الدرسَ من دَمِي
فلا يختفي الفادونَ في الأممِ التَّتْرى

بدا ظمئي ماءً فقلتُ لهُ: ارتعدْ
فكنْ ظمأً لا ينتهي واذبحِ النهرا

فمثلي هو الماءُ الذي ليسَ ريُّه
بماءٍ سواهُ والإلهُ هو المجرى

ومثلي هو الرأسُ الذي ليسَ حزُّه
من الجسمِ إلا ثورةَ العالمِ الكبرى

ومثلي الذي تطوافُهُ وهو أجردٌ
من الجسدِ القرآنِ إذْ يقرأُ الذكرا

تمامُ نبوّاتِ السماواتِ بعدَما
بدَتْ مثلما لو كانَ جوهرُها الشمرا

ومثلي الذي في لحظةٍ من حياتِهِ
بدا الكونُ مطوياً فقايضَها النشرا

وأعطاهُ لا مغزاهُ حسبُ وإنّما
تماهى بهِ حتّى تنفَّسَهُ طرّا

لصحراءِ عشقِكَ لونُ الشهادةِ منذُ الولادةِ، حتى وأنتَ جنينٌ ببطنِ خلودَكَ كانتْ دماؤكَ تشخبُ من منخريكَ
وكنتَ تحدِّث نفسَكَ في نورِ كونِكَ لم تدرِ ما الفرقُ ما بينَ أنتَ وغيرِك ما كنتَ تبصرُ إلا وجوداً، إذا قيلَ ما كنهُهُ، أيُّ شيءٍ تراهُ، وما طعمُ رائحةِ الموتِ فيهِ، تحيَّرتَ، إذ هو والضدُّ لا فرقَ بينَهما، وعيونُ الخلائقِ تأبى لتبصرَهُ دونَ ضدٍّ، وإنَّ لضدِّك طعمَكَ، لونَك، كنهَ وجودِك لو فهِمَ الناسُ سرَّك، يا سيِّدي ليسَ صدرَكَ بل هو والنصلُ فيه، ولا ليسَ رأسَكَ، بل هو والرمحُ مفتخِرٌ أنّهُ يحملُ الكونَ أجمعَهُ بالذي فيهِ من أنفسٍ تتلوّى من العشقِ، هل ذقتَ عشقَكَ، قلْ كيفَ كانَ، لعلَّك حتّى وأنتَ البليغُ بكلِّ لغاتِ المحبّينَ من أيِّ جنسٍ ترى الآنَ صعباً عليكَ حديثُ الغرامِ.
وقد ذقتَ عشقَك حقاً فقرِّبه لي، قلْ: تحوَّلْ إلى ذرَّةٍ من ترابٍ لكي يطأَ الضوءُ هامتَها بسنابِكِ روحِكَ، قلْ: فلتكُنْ خمرةً يشربُ الخمرُ منها فيسكرُ، قلْ: حينَ ينهشُ لحمَكَ ذئبُ الفناءِ فروِّضْهُ حتى تعلِّمَهُ أنْ يطيرَ كأرشقِ عصفورةٍ أو كأفضلِ خاطرةٍ في قلوبِ الحمامِ.
أريدُ حياةً فجورُ العفافِ بها وعفافُ الفجورِ، أريدُ حياةً تشاكسُ معنى الحياةِ
حياةً من الغيبِ واللاشعورِ تهندسُ معنى الصلاةِ
حياةً متى جاعَ أبناؤها الزغبُ في داخلي أطعمتُهم منَ الحبِّ منّاً وسلوى، وتنصبُ في جهةِ الروح مرمًى، ومن جهةِ الروحِ مرمًى، وتجعلُ أضلاعَها ساحةً والفؤادَ لهم كرةً حينما يلعبونَ
أريدُ حياةَ الحسينِ الذي معَهُ عشتُ مأساةَ عشقِ الحياةِ.

هل تريدينَ عِلَّةً للرَّحيلِ
فأنا نفسُ خُطَّةِ الإِنجيلِ

أقطعُ الأرضَ والوهادَ وأنسى
أنَّني واحدٌ بهذا القليلِ

كلَّما العشقُ زادَ، روحي استطالَتْ
وأحاطَتْ بعرشِ جسمي الضَّئيلِ

ليسَ في الأرضِ عاشقٌ ظلَّ أرضاً
بل سماءً غدا جميعُ الرَّعيلِ

ربما جسمُه توهَّجَ في الليلِ
التياعاً توهُّجَ القنديلِ

ربما قيلَ عنهُ يكتبُ شعراً
رغبةً منه بالمجازِ الجميلِ

فإذا استنفدَ المجازَ ترامى
مثلَ صحراءَ خارجَ التأويلِ

وبدا لا قصيدةٌ هوَ منها
أو خيالٌ ملائمٌ للنزيلِ

لو رأى نفسَهُ القديمةَ أو أهوى
عليها باللثمِ والتّقبيلِ

نفَرَتْ مِنْهُ واشمأزَّتْ كما لَوْ
لم تكنْ نفسَهُ لعمرٍ طويلِ

ليسَ بالضبْطِ طعمُ مأساتِهِ
مرّاً وقدْ مجَّ لذَّةَ السلسَبيلِ

طعمُ مأساتِهِ لذيذٌ كطعمِ الرمحِ
في صدرِ سبطِ طهَ القتيلِ

سوفَ يرتاحُ من عناءِ الحيارى
فدمُ السبطِ لبُّ لبِّ الدليلِ

لقد أوقفوني على الرأسِ والقدمانِ إلى فوقَ
وضعُكَ هذا جميلٌ
ألستَ تقدِّمُ نفسَكَ أضحيةً في ضريحِ الجمالِ؟!
تسيرُ على الأرضِ قفزاً وبعدَ زمانٍ سيفقدُ رأسَكَ ذاكرةَ الرأسِ، يفرزُ رأساً سواهُ، وتنبثقُ الرجلُ من كلِّ رأسٍ، ورجلاكَ تتّحدانِ وتقتديانِ بكلِّ الرؤوسِ التي لا تفكِّرُ إلا كما يمضغُ الحجرُ الصلدُ جبنَ القصيدةِ والعسلَ المرَّ في جوفِ هذا المجازِ.
طرازُكَ لا يعجبُ الفقهاءَ
ولا يعجبُ الزعماءَ
ولا يعجبُ الشعراءَ
ولو كانَ كلُّ الرجالِ كهذا الطرازِ
لصارَتْ مناصبُنا شذراً مذراً
لرأيتَ الرجالَ الذينَ من الطينِ طيناً، وصارَ النضارُ على الرأسِ والماسُ عاراً
لكنتَ تريدُ النساءَ من الشاعراتِ فيأتينَ طوراً فطوراً، ولا ينتهي موجُهنَّ، وهنَّ يجدنَ لذاذتِهنَّ بإحكامِ طوقِ الحصارِ على عشقِهِمْ أن يفيضَ فيطغى فيغرقَ حتى المصبّاتِ حتى البحارا
سأقصدُ رأسَكَ حتى أذوبَ بهِ فكرةً وسأدخلُ قلبَكَ حتى يجيءَ النعاسُ
ولا لن أنامَ
سأبقى أحدِّثُ عشقَكَ فيهِ
أحدِّثُهُ وأنا أتمرغُ تحتَ هجيرةِ عشقي
فإنْ كانَ مختلفاً عشقُ قلبِكَ عن عشقِ قلبي فلا بدَّ أن يطعَنَ الآنَ عشقي شرايينَ عشقِك ذاتَ الفضاءِ العريضِ
سأمرقُ منها إلى حيثُ أنتَ
أريدُ عناقَكَ من داخلِ الدمِ
إنَّ عناقَكَ أصعبُ شيءٍ إذا لم أعانقْكَ موتاً لموتٍ
ولا ليسَ موتُكَ إلا حياةَ الحياةِ.

أريدُكَ أن تنزوي لحظةً يا حسينُ.. أريدُكَ أن تنزوي في خيالي.. أريدُكَ أن تمنحَ العفوَ منكَ لهذا الخيالِ فقد شطَّ.. من ينزوي؟ هو من ينزوي فيكَ.. أنتَ الفضاءُ الكبيرُ وما هوَ إلا فضاءٌ تضاءلَ جداً ليصبحَ في حجمِ قبضةِ قلبٍ ولا غيرَ في قفصِ الصدرِ داخلَ هذا الكيانِ الكبيرِ.
أريدُكَ ألّا تحدِّثَ إلا أنا، ليسَ إلا أنا رجلٌ يفهمُ السيفَ حينَ يعيشُ تجاربَ عشقِ النساءِ، ويبكي وإن كانَ يقطرُ بالدمِّ .. يبكي وفي نفسِهِ رغبةٌ أن يعانقَ بالحبِّ حتى الضحيَّةَ .. حتى الذي لا يراهُ حرياً بعشقِ النساءِ
حسينُ حسينُ حسين
جميعُ الذينَ يعيشونَ عشقاً مع الموتِ، عشقاً لذيذاً بلا أيِّ شوقٍ إلى موضعِ العهرِ منهُ حسين

جميعُ الذينَ يصيرونَ في لحظاتِ الغريزةِ فكراً،
وقد يمطرونَ، ولكنّهم يمطرونَ ذواتٍ كما الثلجِ بيضاءَ من روعةِ اللهِ فيها حسينُ
حسينُ
حسينُ
حسين
جميعُ الذينَ ينامونَ من سكرِهِمْ بالحياةِ، ويستيقظونَ وهم كلُّ ما عندَهم أدمعٌ تبرقُ الروحُ منها ومنْ حولِهِمْ ليسَ إلا وجودٌ بليدٌ يراهُمْ وليسَ يراهُم، يصافحُ عالمَهم وهو حبٌّ وصفحٌ بكفِّ الصفيحِ حسين
حسينُ
حسينُ
حسين
جميعُ الذين بلا قلقٍ يقلقونَ لعلمٍ لديهم بأنَّ أضابيرَهم في القيامةِ ليست سوى أعينٍ تتململُ
أو أنفسٍ تتقلقلُ
أو جبلٍ هو عشقٌ يعيشونَهُ يتزلزلُ رأسُ الحسين
حسينُ
حسينُ
حسين
سأدخلُ هذا الضريحَ الذي أنتَ فيهِ وأسلخ جلدَ القصيدةِ حزناً عليكَ
سأصمتُ.. إنَّ الكلامَ بحضرةِ موتِكَ إثمٌ، فلا حقَّ إلا لموتِكَ أن يتحدَّثَ حتى تجيءَ القيامةُ حينَ تكونَ العوالمُ واقفةً في صعيد ِالحفاةِ العراةِ.
Testing