قُلْ هُوَ الإنسَانُ
سنة 2010
لأَعْجُنَّنَّ المَوْتَ شَمْسَاً فيْ دَمي = وأَسْكُبَنَّ الصُبْحَ مِنْ جُرْحٍ ظَمي
وَأَوْدِعَنَّ الرَمْلَ قَلْبَاً دَافِئاً = ليُشْعِلَ المَاءَ بِنَهرِ العَلْقَمي
وأُلْبِسَنَّ الرِيْحَ ثَوْبَ غُرْبَةٍ = وأَقْطِفَنَّ الحُزْنَ قَطْفَ العَنْدَمِ
حَتّى أَصُوْغَ فِي الزَمَانِ لَحْظَةً = لِيُولَدَ الإِنْسَانُ مِنْ مُحَرَّمِ
ذَاكَ الصَّدَى المَنْحُوْتُ بِالوَجْدِ هَمى = مِنْ عِرْقِكَ المَغْمُوْسِ بِالتَّرَنُّمِ
مُضَرِّجاً وَجْهَ الصَّحَاريْ صَائِغاً = إنْسَانَ وَحْيٍ بالصِّرَاطِ الأَقْوَمِ
أَوْحى إِلَيْكَ المَاءُ: أَنْ قُمْ وَامْتَطِ = عِشْقَ السَّمَاءِ بِالبُدُوْرِ الحُوَّمِ
وَجَدْوِّلِ الشُعُورَ فِيْ تَبَتُّلٍ = وَمَحْرِبِ القَلْبَ بِنَغْمٍ مُلْهِمِ
صَمتُ الجَبِينِ نَغْمَةٌ مَجْروحَةٌ = فَاقْرأْ عَلَيهِ سُورَةً مِنَ الدَمِ
وانْقُشهُ – عِندَ النَّزْفِ – كَوْنَاً يافعاً = واعْزُفهُ لَحناً في الزَمانِ الأَبْكَمِ
بِصَدْرِكَ (المَكْيِّ) يَكْتَظُّ الهُدى = فَافْتَحْهُ مِيقَاتَ السَّلامِ الأَعْظَمِ
وَعَلّمِ الخُيولَ أَنَّ لِلسْما = غُصْناً مِنَ العَرْشِ وضِلْعاً فَاطِمي
إذا سَنَابِكُ القَتَامِ التَهَمتْ = سَنَابِلَ الضّوءِ بِنَهْمٍ مُتْخَمِ
أَنْقِعْ جِرَاحَ اللهِ في ضِلْعٍ هَوى = نَجْمَاً على شَطِ الخُشوعِ المُضْرَمِ
لِتَنْبُشَ الفَجْرَ بِحَدِّ قَطْرَةٍ = مَنْقُوعَةٍ فِي وَدَجٍ مُتَيَّمِ
على ضِفَافِ السّيفِ حَطَّتْ كَعْبَةٌ = طُفْ حَولَها سَبْعاً بِنَحْرٍ مُحْرِمِ
قُلْ لِلجِرَاحِ: حَلِّقيْ مَلائكْاً = وللخُيولِ: سَبِّحيْ وحَمْحِمي
وللرُؤوسِ في الرِمَاحِ: أَوْرِقيْ = وللصُدُورِ: بالظُّبا تَيَمَّمِي
وللرِيَاحِ: انْبَجِسيْ مَآذِناً = وللنُفُوسِ: انْصَهِريْ وَسَلِّمْي
وَعَبِّديْ الطَرِيقَ نَحوَ كَرْبَلا = وَهَدْهِدِيْهِ .. باعْتِصَارِ الأَعْظُمِ
هُزّيْ بِجِذعِ العِشْقِ يَهْتَزّ المَدى = واْرْقَيْ بِخَيطِ الدَمِ مَرْقى مَرْيَمِ
هَذيْ المَسَافاتُ اشْتِعَالُ خِنْصَرٍ = فَسَيِّجيْ اللَّيلَ بِوَمْضِ خَاتمِي
إذا خَبا الصَبَاحُ عِنْدَ خَيمَةٍ = فَاشْتَعِليْ .. وَأَوْمِضيْ .. وَخَيِّمي
وَدَثِّريْ الأُفقَ بِوَهجِ طَعْنَةٍ = شُقّيْ النَهارَ آيَةً عَلى فَمي
حُجّيْ إلى الذّبْحِ العَتِيقِ جَنّةً = واسْقيْ الحَيَاةَ قَطْرَةً مِنْ زَمْزَمِ
يَغْفو السُكُونُ مُتْعَباً فِي ضِفَّةٍ = والمَوتُ يَفْتَرُّ بِلَوْنٍ مُبْهَمِ
وَلَيسَ لِلْضَّوءِ سِوَاكَ طِينَةٌ = مَعْجُونَةٌ مِنَ النَّبيِّ الأَكْرَمِ
أَصَابِعُ النَّخْلِ تَعُجُّ بالرَّدى = بمَوْسِمِ الطَّعْنِ .. وأيِّ مَوْسِمِ
وَالمَاءُ كُلُّ المَاءِ في انْطِفَائِهِ = يَفِيضُ نَاراً مِنْ دَمٍ وَعَلْقَمِ
وَوَحْدَكَ الآنَ تَسُحُّ رَحْمَةً = بِعَالَمٍ يَسُحُّ مِنْ جَهَنَّمِ
أَنْكِئْ جِرَاحَ الطَفِّ رَوْضاً مُعْشِباً = وَانْسُجْ بِهِ حُبّاً بِقَلبٍ هَاشِمْي
سَبِّحْ دُمُوعَ الطِفْلِ في تَهَجُّدٍ = وَاتْلُ لَهُ ذَبْحاً بِآيٍ مُحْكَمِ
قَمِّطْهُ حُلْمَاً ظَامِئاً مُهَشَّماً = بِصَدْرِكَ المَكْسُورِ وَالمُهَشَّمِ
إذا السِهَامُ غُصَّةً تَجَهَّمتْ = فَاسْكُبْ رَبِيْعَاً مُوْرِقَ التَّبَسُّمِ
وَقبِّلِ الوَرْدَ ابْتِسَامَ مَنْحَرٍ = حَتّى تُزِيحَ عُتْمَةَ التَّجَهُمِ
وَعَانِقِ الصَّدرَ / الخُلُودَ آَهَةً = وَانْفَخْهُ قُرْآناً بِطِينٍ آدَمي
فَعُنْفُوَانُ اللهِ صُبّحٌ نَابِضٌ = بِمَنْحَرِ الرَضِيعِ حِينَ يَرْتَمي
قَيْظُ الشِفَاهِ غَارِقٌ في رَعْشَةٍ = والخَوْفُ يَحْبو في صَبَاحٍ أَقْتَمِ
وَ(ذَلِكَ الحُسَينُ – في انْبِلاجِهِ = لا رَيبَ فِيهِ) مُثْخَناً بِأَنْجُمِ
قُمْ فَارِسَ المَاءِ نَبِيَّ خَيْمَةٍ = مُسَبِّحاً، عَنْ صَهْوَةِ المُطَّهَمِ
هُنا صَلاةُ قُرْبَةٍ مَذْبُوْحَةٍ = ظَمْأى .. تَلُفَّ جُثَّةً مِنْ أَسْهُمِ
يَنْسَابُ هَمْسُ الطِفْلِ فِيْها .. فَابْتَكِرْ = مِنْها فُرَاتاً بالدُّمُوعِ اليُتَّمِ
هُنا خِيَامُ الوَحيِ آيَاتُ الدِما = أَنْزَلَها اللهُ بِتُرْبٍ مَلْحَمي
وَقَالَ للحُسَينِ: رَتِّلْ كَرْبلا = بِقِطْعَةٍ مِنْ قَلْبِكَ المُسَمَّمِ
بِسَجْدةِ النَّزْفِ تَدَلّى قَمَراً = مِنْ شُرْفَةِ العَدْلِ .. وَصَلِّ .. وَقُمِ
لِتَسْقِيَ الشُمُوخَ نَبْضَ جَذْوةٍ = مَخْبُوءَةٍ لِعَالَمٍ مُحَطَّمِ
بِكَ الوُجُودُ كِبْرِيَاءٌ .. فَانْدَفِقْ = أَنْهَارَ ضَوْءٍ بالسَلامِ العَالَمي