مَنْ هُوَ الفائزُ والمنتصرُ؟
سنة 2010
مررتُ بكربلا والعينُ عَبرى = تفيضُ مودةً وتصوغُ شعرا
تخطُّ على الصعيدِ نشيدَ عشقٍ = وتشعلُ تحتَ عرشِ الظلمِ جمرا
أنادي يا حسينُ فداكَ نفسي = أبا الأحرارِ لا أخفيكَ سرا
أراكَ محمدًا في كلِّ يومٍ = وذكرُكَ فيهِ تحلو كلُّ ذكرى
أردِّدُ صوتَ مجدِكَ في صلاتي = وأشهدُ أنّكَ المذبوحُ قهرا
شمَمْنا مِنْ عبيرِ الطفِّ عطراً = يصوغُ على مدى التاريخِ خيرا
فأزمعتُ الوقوفَ لكي أناجي = شهيداً لم يجدْ كفناً وقبرا
أراهُ على الرمالِ بقي ثلاثاً = بلا غسلٍ ولا صرخاتِ حسرى
تألّقَ بالدمِ المسفوحِ منهُ = إلى أنْ خالَهُ السفّاحُ بدرا
فأرعدَ وانتحى عنهُ بعيداً = ويصرخ يا إله الخلق صبرا
إلهي لم نحط بالسبط خبراً = وأنتَ بحالِ من أصفيتَ أدرى
حسينٌ باعَ للمولى نفوساً = عديماتِ النظيِر وخطَّ سِفرا
لِمَنْ طلبَ المعالي في هداهُ = دروسٌ تجتلي للنصرِ نصرا
وقد ربحَتْ تجارتُهُ وفازَتْ = فهل نوفيهِ بالعَبَرَاتِ أجرا
ولم نسمعْهُ قالَ لدى الرزايا = سوى مولايَ يا رحمنُ شُكرا
ألا يا سائلي ما كانَ جبراً = على عبدي طريقاً خطَّ وعرا
لقد خطبَ الشهادةَ وهوَ كفؤٌ = وقدَّمَ أطهرَ الأرواحِ مَهرا
عقدنَا صفقةً ربحَتْ لديهِ = وزادَ خصومَهُ ذلاً وذعرا
هم باعُوا ونحنُ قدِ اشتَرَيْنَا = حسينٌ في التجارةِ صارَ أثرى
هنا جناتُ عدنٍ أو سجونٌ = وبينَهما جعَلْنَا الموتَ جسرا
فقلْ لي كيفَ لي إنْ كانَ حرًّا = سيقطعُ منهُ شرُّ الخلقِ نحرا
أعدلٌ منكَ تنسبُ كلَّ نقصٍ = لمَنْ لا يُخْدَعَنَّ ولنْ يُغَرَّا
حسينُ أحبَّ أنْ يحيا سعيداً = ويبقى الدينُ غضّاً مستمرّا
هو اختارَ الشهادةَ دونَ وردٍ = لكي لا يتركَ الأكبادَ حرّى
لقد وهبَ الحياةَ دماً زكياً = وتوّجَ أمةَ الإسلامَ فخرا
تقرَّبْ من رياضِ السبطِ فِتراً = وخُذْ من مجدِهِ شبرًا ومترا
ومِنْ عينِ البصيرةِ خُذْ نميراً = ينيرُ مسيرةَ الإصرارَ دهرا
وقلْ لي أينَ مَنْ قتلوهُ ظلماً = وأيُّ الناسِ بالأحزانِ أحرى
شهيدُ الحقِّ أمَّنْ مزَّقُوهُ = ومَنْ أخذُوا عيالَ اللهِ أسرى
لقد عرجَ الحسينُ عروجَ عزٍّ = فقلْ لي قاتِلِيهِ بأيِّ صَحرا
بكى يوماً لقاتِلِهِ فأزرى = بقاتِلِهِ تصوّرَ كيفَ أجرى
مدامعُ شيعةٍ تبكيهِ عشقاً = وأصبحَ وعيُها للحبِّ مجرى
وقد وهبَ الحبيبَ ثمارَ قلبٍ = وهبناهُ قلوبَ الخلقِ طُرّا
وضخَّ دماهُ في شريانِ ديني = وصارَ لخطِّ أهلِ الدينِ حبرا
أتعجبُ للعوادي لَمْ يرُعْها = بيومِ الحشرِ عندَ الحقِّ حشرا
بكى وطناً تغرَّبَ عنهُ قسراً = وشيَّدَ في عِراصِ الطفِّ قصرا
لتصبحَ كلُّ أرضٍ بعدَ حينٍ = تُسمَّى كربلا وتزيدُ قدرا
ويومٌ واحدٌ عاشورُ فيهِ = أذاقُوا عترةَ المختارِ مُرّا
فكلُّ الدهرِ عاشوراءَ أضحى = وأحداثُ الشهادةِ فيهِ تَتْرى
وكلُّ حناجرِ الأحرارِ صارَتْ = تنادي يا حسينُ قتلْتَ شمرا
ينوحُ الخلقُ نحراً منكَ يُفْرَى = وجسماً منهُ فوقَ التربِ يعرى
ولا غسلٌ ولا كفنٌ ثلاثاً = وشبلُكَ في السِّبَا والأختُ حَيْرى
أتُغْسَلُ مرةً وتُلَفُّ يوماً = وتُلحَدُ في الثرى والنفسُ حرّى
أبا كرمي وحقِّكَ يا حبيبي = تُغَسَّلُ أو طَهُوراً مستمرّا
دموعُ الطاهرينَ بكلِّ يومٍ = أقدِّمُهَا لطُهْر عُلاكَ طهرا
حسينَ الطهرِ دُمْ للحقِّ ذكرًا = وإنْ أبدى لكَ الأعداءُ غدرا
وظنوا إنْ قُتِلْتَ سينعمونا = بدنيًا ما لها عهدٌ بأخرى
وإذ بدمائِكُمْ أضحَتْ لهيباً = يؤرِّقُها فقامَتْ وَهْيَ سَكْرَى
أحالَتْ فوقَ قبرِكَ سيلَ ماءٍ = ليجرفَهُ ويمنَعَ عنهُ زَورا
فحارَ الماءُ والأجيالُ هبَّتْ = تناديكَ اتَّخِذْ في القلبِ قبرا
فيا سبطَ النبوّةِ سُدْتَ فِهرًا = وذكرُكَ عن همومِ الدينِ سَرَّى
وريثَ الأنبياءِ ووعدُ ربي = بنصرِكَ عندَ مرقدِكَ استقرّا
زحفنا نحوَ قبرِكَ يا بنَ طَهَ = على سُنَنَ الإباءِ نجِدُّ سَيْرا
نُنادي يا أبا الأحرارِ جِئْنا = نواصلُ بالهدى مَنْ كانَ بَرّا
شفيعَ المذنبينَ لنا رجاءٌ = بلطفِكَ يومَ نُسْحَبُ أو نُجَرّا