المئويةُ الفضليةُ في رثاءِ الإمامِ الحسينِ (ع)
سنة 2009
من كلِّ فجٍّ عميقٍ أقبلّ البشرُ = إليكَ يا سيّدَ الأحرارِ وانتصروا
لبيكَ لبيكَ يا رمزَ البطولةِ يا = عشقَ المحبينَ يحلو عندَكَ السَّمَرُ
حطُّوا الرحالَ بأعتابِ الضريحِ وقد = هَوَوا على القبرِ والتربانِ واعتفَرُوا
تلكَ العيونُ التي تبكي عليكَ دماً = فلا الدماءُ روَتْ عشقاً ولا المطرُ
فيا سحابَ الدِّما روّي ظمَى وَلَهٍ = قد شبَّ في القلبِ كي يلقاكَ يستعرُ
تَهوِي النجومُ وتُخفي الشمسُ شعلتِها = حزناً عليكَ ويبكي عندَكَ القمرُ
حتى حسبتُ بأنّ البحرَ كوّنَهُ = فيضُ الدموعِ على مثواكَ تنهمرُ
هذا ضريحُكَ أمسى الكلُّ يقصدُهُ = يا درةِ العقدِ قد حاطَتْ بها الدُّرَرُ
إنَّ الحسينَ كدوحٍ مثمرٍ أبداً = وعندَهُ تُقطَفُ الأزهارُ والثمرُ
فلا يخيبُ الذي قد كانَ يقصِدُهُ = فليتني منِهُمُ يا أيُّها الشَّجَرُ
يا زائراً قبرَهُ أكرِمْ فإنَّ بهِ = تُقضى المسائلُ والحاجاتُ والنُّذُرُ
زُرِ الحسينَ ولا تبخسْ زيارَتَهُ = حبُّ الحسينِ ليومِ الحشرِ يُدَّخَرُ
زورُوا الحسينَ بفخرٍ من زيارتِهِ = هذا المزارُ الذي من زارَ يفتخرُ
زورُوا الحسينَ ففي يومِ القيامةِ لا = ذنبٌ عليكُمْ ولا إثمٌ ولا وِزَرُ
خذْ زادَكَ اليومَ من آلِ النبي غداً = بعدَ المماتِ يطولُ البُعدُ والسَّفَرُ
هم الصفا والنقا والتبرُ أجودُهُ = وغيرُهمْ ليسَ إلا الطينُ والمَدَرُ
بابُ النجاةِ ومَنْ باهى الإلهُ بهِمْ = وفيهِمُ تُنزَلُ الآياتُ والسُّورُ
اِذهبْ إلى آيةِ التطهيرِ إنَّ بها = في مُحْكَمِ الذكرِ أهلُ البيتِ قد ذكرِوا
توراةُ موسى وإنجيلُ المسيحِ رَوَتْ = عنْ فضلِهمْ وكذاكَ الصُّحْفُ والزُّبُرُ
قد فازَ من كانَ والاهُمْ وناصَرَهُمْ = وخابَ أعداؤُهمْ مَنْ حقَّهُمْ نَكَروا
مَنْ ناصَبُوا آلَ بيتِ المصطفى حسداً = محاهُمُ الدهرُ والتاريخُ واندثروا
هاذي القبابُ عَلَتْ في الجوِّ شامخةً = نحوَ السماءِ إليها يشخَصُ البَصَرُ
فأينَ أعداؤُهُمْ صارَتْ مكانتُهُمْ = وأينَ مِنْ هذهِ البطحاءِ قد قُبِروا
حتى حسِبتُهُمُ لم يُخلَقوا أبداً = من حيثُ ليسَ لهم ذكرٌ ولا أثَرُ
عفى الزمانُ على آثارِهِمْ ومحا = ذكرَاهُمُ وتغاضَتْ عنهُمُ السِّيَرُ
راموا الحياةَ فماتُوا قبلَ موتِهِمُ = وفيهُمُوُ تُضرَبُ الأمثالُ والعِبَرُ
وبعدَ عزٍّ أراهُمْ أُنْزِلُوا حُفَراً = هذا إذا قَبِلَتْهُمْ تِلكُمُ الحفرُ
وبعدَ لبسِ حريرٍ أُلْبِسُوا كَفَناً = وبعدَ مُتَّكَأٍ تحتَ الثّرى طُمِروا
لربّما لحياةِ العزِّ قد ظَفِروا = ماتوا فأينَ الذي مِنْ عيشِهِمْ ظَفِروا
ماتوا بذلٍّ فمَنْ قد عادَ يذكُرُهُمْ = وكلُّ ما كسبوا في العيشِ قد خسروا
لربّما جلسوا فوقَ العروشِ وقد = كانوا سكارى برغدِ العيشِ قد سكروا
إنْ كانَ هذا لهُمْ في الدهرِ مكسبُهُمْ = فهُمْ لمثلِ مقامِ الآلِ قد فَقِرُوا
لقد رأوا حبَّ آلِ المصطفى خَطراً = على عروشِهِمُ إذ يُعظَمُ الخطرُ
فقرَّروا حبسَهُ لكنَّهُم فشِلوا = ماتوا وهُمْ في سجونِ البُغضِ قد أُسِروا
دعْهُمْ يقولونَ ما شاءوا وما رغِبوا = فالشمسُ لم يَأْتِها مِنْ غيمةٍ ضررُ
هذي الملايينَ ضمّتْ كربلاءُ وفي = قلوبِهِمْ حبُّ أهلِ البيتِ يستعرُ
فليتَ مَنْ حاربوا أهلَ الرسالةِ في = أرضِ الطفوفِ بهذا الحشدِ قد حضروا
اِسْمَعْ هتافاتِهِمْ اُنْظُرْ تهافُتَهُمْ = يا ليتَهُمْ سمِعوا يا ليتَهُمْ نظروا
هذا الحسينُ أبيٌّ شامخٌ أبداً = وهْوَ الذي كانَ في البيداءِ يعتفرُ
قد حاولوا شأفَهُ مِنْ بعدِ مقتلِهِ = مِنَ القلوبِ ولكنْ حبُّهُ بَذَروا
إنْ حاولوا مسْحَهُ من قلبِ عاشقِهِ = فليقتلوا كلَّ أهلِ الأرضِ إنْ قدروا
هو القتيلُ الذي أردى بقاتِلِهِ = والحقُ يبقى وإنَّ الظلمَ يندَحِرُ
صَنَعتَ للناسِ والتاريخِ ملحمةً = فليسألوكَ فأنتَ الردُّ والخَبَرُ
أنتَ الجِنانُ ومَنْ قد حارَبُوكَ لقد = تَلَقّفتْ واستزادَتْ مِنْهُمُ السّقَرُ
قلْ للذينَ رَمَوا قتلَ الحسينِ لقد = أحيَوْهُ مِنْ حيثُ لا حسُّوا ولا شَعَروا
قتلُ الحسينِ مصابٌ خالدٌ أبداً = طولَ الدهورِ جليٌّ ليسَ يستترُ
حزنٌ بشيعتِهِ لا ينطفي أبداً = وذنبُ مَنْ قَتلوهُ ليسَ يُغتَفَرُ
بصاحبِ العصرِ إنَّ اللهَ منتقمٌ = مِنْ قاتِليهِ، بهذا يحكمُ القَدَرُ