بيداءُ كربٍ وبلاءٍ
سنة 2008
بيداءُ كربٍ وبلاءٍ
محاطةُ بماءِ الفراتِ
شمسٌ محرقةٌ
أشعّتُها مسترسلةٌ لاهبةٌ
دخانٌ كثيفٌ أسودُ متصاعدٌ
تنتشرُ في الأجواءِ رائحةٌ معطرةٌ
يفوحُ أريجُها في كلِّ مكانٍ في البيداءِ
وهناكَ أسمعُ صوتَ بكاءٍ ونحيبٍ وعويلٍ
أطفالٌ يتامى .. نساءٌ أراملُ ثكلى بالأنينِ والجراحِ
وقفِ الجلاّدُ من خلفِهِنَّ
والسياطُ بيدِهِ
والسيفُ مشهورٌ يلمعُ في الفضاءِ
قيودٌ حديديةٌ مثقلةٌ
وُضِعَتْ في يدِ الطفلةِ البريئةِ
طفلٌ رضيعٌ ذو أربعةِ أشهرٍ
السهمُ في نحرِهِ
بعدَ أن ذوَّبَ العطشُ كبدَهُ
عندَ الفراتِ
أشلاءٌ مقطعةُ الأوداجِ
مبعثرةٌ في البيداءِ
نازفةٌ تحتَ حرِّ الرمضاءِ
خيلٌ أبيضُ قادمٌ من بعيدٍ
مغطًّى بدماءِ شهيدٍ حرٍّ أبيٍّ
رائحتُها كرائحةِ الجنةِ
نساءٌ لابساتٌ السوادَ
احتضَنَّ ذلكَ الخيلَ القادمَ من أرضِ الطفوفِ
وارتفعَتْ أصواتّهنَّ بالبكاءِ والعويلِ
واشهيدااااااه
واحسينااااااه
نزلتْ دموعُ الخيلِ على وجنَتَيْها
تزلزلتِ الأرضُ
ونزفتِ الحجرُ دماءً
وهلّتِ السماءُ مُزنَها الأحمرَ
هبّتْ ريحٌ سوداءُ
أسرابُ حمامٍ محلّقةٌ
هنااااااااااااااااااااكَ
في أعالي السماءِ
تظلّلُ الجثثَ الأشلاءَ المتناثرةَ
من لهيبِ الشمسِ الملتهبةِ
سمعتُ نداءً يصرخُ عاليًا
يرجُّ الأكوانَ من قوّتِهِ
يا أرضٌ قد ضمَّتْ بين جنبَيْها
شهيدَ الطفوفِ
شهيدَ الإباءِ
شهيدَ الإسلامِ
ابنَ رسولِ اللهِ – صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ
يازهرااااااااااااااااء
هلِّلي وزفِّي شهيدَكِ للجنةِ
افتحي له ذراعيكِ فإنهُ قادمٌ إليكِ
خذيهِ في أحضانِكِ
وامسحي دماءَهُ الأبيةَ
انثريها في الوادي
يا بنتَ المصطفى
يازهرااااااااااااااااء
قد جاءَكِ مَن حَملَ رايةَ الإسلامِ عالياً
مَن حافظَ على دينِ جدِّهِ ونصرَ الإسلامَ
يا عليُّ هذا هو شهيدُنا قادمٌ
وبيدِهِ سيفُكَ ذو الفقارِ
مقطوعَ الرأسِ من المنحرِ
رفعَ رأسَنا عاليًا
رفعَ يدينا
وجلجَلَتْ في الأكوانِ كلمةُ
اللهُ أكبرُ
فُتِحتْ أبوابُ الجنانِ
لأبوابِ الشهداءِ
ونادى المؤذِّنُ في السماءِ قولَهُ تعالى:
"وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ"""