يَا سُورةَ التكويرِ ما أغلاكِ
لا يفضحُ اللهُ الذي تلاكِ
كما رَوَوا عن النبيِّ الهاديْ
إن نُشرتْ صحائفُ المَعادِ. (١)
ومنْ تَلا آياتِكِ الكريمةْ
يُخبَرُ عن حوادثٍ عظيمةْ
كأنَّهُ ينظرُ يومَ الحشرِ
من بعدِ أن ينفضَ تُربَ القبرِ. (٢)
وشيبتْ نبيَنا محمدَا
كأنَّهُ يَنظرُ مَا يَجري غدَا. (٣)
غدًا نرى في شمسِنا التَّكويرَا
تُطفى فلا نلمحُ فيها النُّورَا. (٤)
وفي غدٍ إذا النجومُ انكدرتْ
تَفنى، وهكذا الجبالُ سُيِّرتُ. (٥)
أما العشارُ والنياقُ الحاملةْ
قد عُطِّلتْ فيهِ وصارتْ مُهْمَلَةْ. (٦)
في رهبةٍ تلكَ الوحوشُ حُشرتْ
وهكذا البحارُ فيهِ سُجِّرتْ
أي أُضرِمتْ نارًا وقيلَ امْتلأتْ. (٧)
بالماءِ، والنفوسُ فيهِ زُوِّجَتْ
تُزَوَّجُ النفوسُ فالصَّالحونْ
برحمةِ اللهِ غدًا يُجمعونْ
امَّا المسيؤونَ معَ المسيئينْ
سَيجمعونَ، ذاكَ علمُ اليقينْ. (٨)
سماهُ ربُّنا بيومِ الفصلِ
باللطفِ حاسِبْ ربِّ لا بالعَدلِ
بأيِّ ذَنبٍ تُقتلُ المَوؤدَةْ
وكيف يُبدي قاتلٌ جحودَه
أحيَّةٌ تدفنُها يا قاسِي؟!
واللهِ هذا أفظعُ المآسيْ. (٩)
أعمالُنا في صحفٍ قد نُشرتْ
فيهِ وكلُّ ما عمَلْنا سجَّلتْ. (١٠)
سُبحانَهُ إذا السَّماءُ كُشِطَتْ
ويلٌ لهمْ إذا الجحيمُ سُعِّرتْ
واقتربتْ جنتُهُ وأُزلفتْ
وكلُّ نفسٍ عَلِمتْ ما أحضرَتْ
تفرحُها الطاعاتُ والصالحاتٰ
تُخزى من العصيانِ والسيئاتْ. (١١)
وربنا أقسمَ بالخنَّسِ
يُوصفُ بالجوارِ والكنَّسِ
قدْ قيلَ حمسةٌ من الكواكبْ
سبحانَ خالقِ السماءِ الواهبْ. (١٢)
والليلُ ما أعظمَهُ إذ عَسْعَسْ
والصبحُ بالأنوارِ قد تنَفسْ
إذْ بِهما أقسمَ ربٌّ عظيمْ. (١٣)
بأنَّهُ قولُ رسولٍ كريمْ
ذي قوة جبريلَ وهو الأمينْ
وذو مكانٍ شامخٍ أي: مكينْ
تطيعُهُ معاشرُ الملائكةْ
وأمَّةُ السوءِ بهِ لَهالكةْ. (١٤)
وليس مجنونًا كما تدَّعونْ
محمدٌ، والشركُ صِنوُ الجُنونْ
وقد رأى محمدٌ جبرئيلْ
بالأفقٍ الأعلى المقامِ الجليلْ
لا يُحجبُ الغيبَ ولا يَخفيهِ
والعلمُ كالبحرِ جرى من فيهِ
ما كان شيطانًا ولا ساحرَا.). (١٥)
وليس كاهنًا ولا شاعرَا
فأينَ تذهبونَ؟ للضلالةْ!
تُحاربونَ الحقَّ والرسالةْ
إنَّ كتابَ اللهِ ذكرٌ مُبينْ
أنزلَهُ اللهُ إلى العالمينْ
وإنَّه نورٌ و هَدْيٌ عظيمٰ
لكلِّ من أراد أنْ يستقيمْ
وما يشاءُ العبدُ هذا الضعيفْ
إلا إذا شاء الإلهُ اللَّطيفْ. (١٦)
Testing
المصادر
(١) قال في الأمثل : روي عن النّبي (ص) أنّه قال: "من قرأ سورة: (إذا الشمس كورت) أعاذه اللّه تعالى أن يفضحه حين تنشر صحيفته".
(٢) قال في الأمثل وفي حديث آخر، أنّه (ص) قال: "مَنْ أحبّ أنْ ينظر إليّ يوم القيامة فليقرأ: (إذا الشمس كورت) ".
وروي الحديث بشكل آخر: "مَنْ سرّه أنْ ينظر إلى يوم القيامة (كأنّه رأي عين) فليقرأ: (إذا الشمس كورت) و (إذا السماء انفطرت) و (إذا السماء انشقت) ".
(٣) قال في الأمثل وفي حديث آخر، سُئل النّبي (ص) عن ظهور آثار كبر السن عليه، فقال: "شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعمّ يتسائلون وإذا الشمس كورت".
(٤) في إشارة إلى قوله تعالى : ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِرَتْ (1)) وليس المقصود من البيتِ أننا سنرى ذلك بأعيننا، بل المقصود أننا نعلم أن ذلم سيقع في المستقبل كما وعد ربنا سبحانه وتعالى.
(٥) في إشارة إلى قوله تعالى : (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الجِبَالُ سُيِّرَتْ (3)).
(٦) في إشارة إلى قوله تعالى : (وَإِذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ (4)) قال في الأمثل : العشار": جمع (عشراء)، وهي الناقة التي مرّ على حملها عشرة أشهر، فأضحت على أبواب الولادة، بعدما امتلأت أثداؤها باللبن. وهي من أحبّ وأثمن النوق لدى العرب زمن نزول الآية المباركة."عطلت : تركت لا راعي لها. فهول ووحشة القيامة، سينسي الإنسان أحبّ وأثمن ما يمتلكه.
(٧) في إشارة إلى قوله تعالى : وإذا الوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا البِحَارُ سُجِّرَتْ (6).
(٨) في إشارة إلى قوله تعالى : (وإذا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7)) قال في الأمثل : ويأتي دور المشهد السابع: (وإذا النفوس زوجت). فتبدأ المآلفة بخلاف حال الدنيا... فالصالحون مع الصالحين، والمسيؤون مع المسيئين، وأصحاب اليمين مع أصحاب اليمين، وأصحاب الشمال مع أصحاب الشمال، فإذا ما جاور المؤمن مشركاً، أو تزوج الصالح من غير الصالحة في الحياة الدنيا، فتصنيف يوم لقيامة غير ذلك، فهو يوم الفصل الحق.
(٩) في إشارة إلى قوله تعالى : وَإِذَا المَوْءُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَىِّ ذَنْب قُتِلَتْ (9)﴾قال في الأمثل : "المؤءودة": من (الوأد) على وزن (وعد)، بمعنى دفن البنت حيّة بعد ولادتها.
(١٠) في إشارة إلى قوله تعالى : ﴿وَإذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10).
(١١) في إشارة إلى قوله تعالى : ( وَإذَا السَّمَآءُ كُشِطَتْ (11) وَإذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإذَا الْجَنَّةُ اُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ (14)﴾
(١٢) في إشارة إلى قوله تعالى : ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِألْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)) قال في الأمثل : يعتقد كثير من المفسّرين، إنّها الكواكب الخمسة السيارة التي في منظومتنا الشمسية، والتي يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة (عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري وزحل).
(١٣) في إشارة إلى قوله تعالى : (وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)).
(١٤) في إشارة إلى قوله تعالى : ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُول كَرِيم (19) ذِى قُوَّة عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِين (20) مُّطَاع ثَمَّ أَمِين (21)).
(١٥) في إشارة إلى قوله تعالى : وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُون (22) وَلَقَدْ رَءَاهُ بِألاُْفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُو عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِين (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَن رَّجِيم (25)﴾
في إشارة إلى قوله تعالى :
﴿فَأَيْنَ تُذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلعَلَمِينَ (27) لِمَن شَآءَ مِنْكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَآءَ اللّهُ رَبُّ العَلَمِينَ (29)﴾