نظرت عيني فلم أدرِ ضباءا
الشيخ فرج الخطي
نظرت عيني فلم أدرِ ضباءا= أو غصوناً مائسات أم نساءا
حين جئنا بربى وادي النقا= بعدما جُبنا رُباها والفضاءا
ورنت عيني لخود وجهها= يخجل البدر إذا البدر أضاءا
وإذا ما أقبلت ماشية= تخجل الغصن انعطافاً وانثناءا
قد كسى الليل ظلاماً شعرها = ومحياها كسى الصبح ضياءا
والتفات الريم من لفتتها = واقتنى من قدها الرمح استواءا
جمعت ما بين شمس ودجاً = ما سمعنا صحب الليل ذكاءا
فأتتني وهي تبدي غنجا= مَن يشمها ظنها تبدي الحياءا
فالتقينا وتعانقنا فيا = صاح ما أحسن ذياك اللقاءا
ثم بتنا في عفاف وتقىً= وعناق قد تردّينا كساءا
لم أجد لي من حبيب غيرها = ما عدا آل النبي الاصفياءا
فهم الحجة لله على= خلقه من حلّ أرضاً وسماءا
وهم الرحمة للخلق بهم= يدفع الله عن الخلق البلاءا
وبهم يشفع للعاصين في = يوم حشر الناس إذ لاشفعاءا
حرّ قلبي لهم قد جرّعوا= غصص الكرب بلاءً وعناءا
بعضهم ما ت خضيب الشيب من = ضربة هدّت من الدين البناءا
وقضى بالسم بعضٌ منهم= وقضى بعضهم لم يرو ماءا
ذاك مَن جاء بأهليه إلى= أرض كرب وبها حطّ الخباءا
نصرته فتية قد طهرت= وزكت أصلا وفرعا ونماءا
تاجروا الله بأرواحهم= وأبوا إلا الرضا منه جزاءا
وكفاهم مفخراً أنهم= مع خير الخلق ماتوا شهداءا
وبقى ابن المصطفى من بعدهم= مفرداً والجيش قد سدّ الفضاءا
قام فيهم خاطباً يرشدهم = للهدى لو تسمع الصم الدعاءا
فمذ السبط رأى أنهم= لم يجيبوا بسوى السيف النداءا
زلزل الأرض إلى أن حسبوا = أن يوم الوعد بالزلزال جاءا
موقف قد أظلم الكون به = غير وجه السبط يزداد ضياءا
صوته رعدٌ وبرقٌ سيفه= والغبار الغيم قد غطّا السماءا
ودماء الأسد غيثٌ هاطل = مذ همى صيّر بحراً كربلاءا
هو والخلاق لو شاء محى= ما حواه الكون لكن لن يشاءا
ومذ الله دعا السبط هوى= ساجداً لله شكراً وثناءا
فبكى الروح وأملاك السما = والجمادات بكت حزناً دماءا
أيّ رزء أحزن المختار والمر = تضى والأنبيا والأوصياءا
وله فاطمة الزهرا غدت= ثاكلا تبكيه صبحا ومساءا
ومضى الطِرف حزيناً باكياً = صاهلاً منذعراً ينحو النساءا
فخرجن الفاطميات له= ثكلاً يندبن كهفاً ورجاءا
لهف نفسي خرجت من خدرها = وهي ما قد عرفت إلا الخباءا
وسرى الأعدا بها حاسرة= جعلت للوجه أيديها غطاءا
أيها الشمس ألا لا تبزغي = فنساء السبط سُلّبن الرداءا
أيها السحب ألا لا تمطري = فبنات المصطفى تشكوا لظماءا
يا بني أحمد قد فاز الذي= في غد كنتم اليه شفعاءا
فرج يرجو من الله بكم= فرجاً يُنجي إذا في الحشر جاءا(1)