أقولُ لعيني وقد ساءني
الشيخ أحمد البلادي
أقولُ لعيني وقد ساءني=بكاها لربعٍ عفاه الدَّمار
أتبكينَ حزناً لربع خلا=ومنه السفير نأى والسّفارُ
فهلا بكيت غريبَ الطفوف=قتيلاً بكته السّما والبحارُ
هوالسيّد المستضامُ الذي=له في حمى الطفِّ طابَ المزارُ
ألا ليت روحي فداءٌ له=غداةَ عليه العِداة استداروا
وجاشوا عليه بجيشٍ له=يَضيقُ فضى رَحبِها والقفار
كأني به بينَ تلك الجُيوش=هلالٌ به الصحب حَفُّوا وداروا
يكرّ بأبيض فيه الرَّدى=بل الموت في غربه يستعار
حسينٌ سألتكَ لمّا سطوتَ=وَحِيداً ونارُ الوغى تُستطار
أعزُمكَ أقطعُ أم باترٌ=بِكفّكَ قد سُنَّ منه الغرارُ
وبأسُكَ من جلمدٍ قَدَّ مُذ=هَوَيتَ الردى حيث في الجبن عارُ
فلا عجباً منه فهوَ ابنُ مَن=عليه بيوم الحروب المدارُ
فلو شاء حصدَ العدى كلَّهم=لنالَهمُ من فِناه البَوارُ
ولكن له ربُّه اختارَ ما=به يحصل الفوزُ والإفتخار
فأرداه سهمُ الرَّدى فانثنى=له بالثنا لهجةٌ واعتبار
وسرَّحَ نحوَ النِّسا طَرفَهُ=حذاراً وأنَّى له والحذارُ
فكيفَ وكفُّ الرَّدى قابضٌ=بنفسٍ له قد عراها احتضارُ
وَشمرٌ به فاتكٌ نحرَه=وكان ينحر الهدى الانتحارُ
عزيزٌ على جدِّه الطهرِ أن=يرى رأسه فوق رمحٍ يُدارُ
وعزَّ على حيدرٍ أن يرا=هُ وفي جسمه للرِّماح اشتجارُ
وعزَّ على فاطمٍ أن تراهُ=وقد رَوِيَت من دماه الشفارُ
له من نجيع دماه رداً=ومن نسج أدي السوافي إزارُ
وللخيلِ في شأوِ مضمارها=صعودٌ على جِسمه وانحدارُ
فلهفي لِنِسوته الطاهرات=تولَّى عليها البلا والصَّغارُ
لهنَّ ضجيجٌ كضجّ الحجيج=ينالُ صفا الصخرِ منها انفطارُ
فَطَوراً ترومُ استلام الحطيم=وللقوم في سلبهنَّ ابتدارُ
وأعظمُ شيءٍ يذيبُ الحَشا=ويقدحُ في القلب منها استعارُ
مقالةُ زينبَ في نعيها=ودمعُ محاجرها مستثارُ
أخي ما لحزني بَراحٌ ولا=لكسري مدى الدهر قطُّ انجبارٌ
فَنومي حَرامٌ وحزني مُدامٌ=وَوَجدي سقامٌ ودمعي قطارُ
وزينُ العباد رَهينُ القيودِ=ويمناهُ مغلولةٌ واليَسارُ
يرى رحله منهباً للعدى=ونسوتَه ما لهنَّ اختفارُ
وينظُر والدَهُ جثّةً=على التُّرب يَسفي عليها الغبارُ
يرومُ النّهوضَ لمثوى أبيه=وليس له في النهوضِ اقتدارُ
يُسَقنَ أُسارى كسَوق العبيد=يباشرُ أوجهَهُنّ البشارُ
ويحدو بهنَّ لأرض الشئام=بحال المذلة عجفٌ عِثارُ