أفخرٌ وبابُ الفخرُ دونكَ مُغلَقُ
الشيخ أحمد البلادي
أفخرٌ وبابُ الفخرُ دونكَ مُغلَقُ=وكِبرٌ وطيرُ الكِبر عنكَ مُحَلّقُ
ومَن بدؤهُ مِن نطفةٍ ومآلهُ=إلى جيفةٍ أنيَّ له الفخرُ يلحقُ
وما شرَفُ الإنسانِ إلا بدينه=وأخلاقِهِ اللاتي بها يتخَلّقُ
وأن يتلقىّ بالرضا مُقتضى القضا=ولو أنه بالمرهفات يُمزَّقُ
كما صنعت أهلُ الوفاءِ بكربلا=وخيلُ الرّدى فيها تخوض وتعتق
غداة اُنُوفُ البيضِ ترعف في الوغا=دماً وصدورُ السُّمر بالنجع تُشرِقُ
إذا استبقوا للحرب لم يفرقوا ولم=يبالوا سَقَوا كأسَ المنيَّة أو سُقوا
فيا ليتني أصبحت فيهم مجاهداً=أجود كما جادوا حولهُ الجندُ مُحدِقُ
كأني به يبغي الجهادَ وقد غدت=أكفُّ النسا في ذيلهِ تتعلّق
أتمضيَ يا كهفَ الأيامي وعزَّهم=وحافظهم مما به الدهر يطرق
وتترُكُنا في عرصة الطف ما لنا=كفيلٌ وأنت الكافلُ المتشفّق
فقال لهنَّ اصبرنَ يا خيرةَ النسا=فإنّ خيار الناس بالصبر أخلق
وفارقها بالرغم منها ورغمهِ=وكلُّ لكلّ بالكآبة مُحرَق
وشدَّ على القوم الطغاة مجاهداً=وظلَّ لِهامات الكُماةِ يُفَلقُ
فما صال بالأبطال إلا تفرّقوا=حِذارَ الرَّدى من بأسِهِ وتمزّقوا
ولما تغشَّته النبالُ صوائبا=وصادف منه النحرَ سهمٌ مُفوَّق
هوى وهو للرحمن شاكٍ وشاكرق=ومسترجعٌ من كربه ومحولق
ولم ينته الأرجاس من سوء فعلهم=ولم يختشوا سوءَ العذاب المحقّق
فكم هتكوا من حرمةٍ لمحمدٍ=وكم أهرقوا منهم دماً ليس يُهرق
مُرَوَّعَةٌ ثكلى كأنَّ قلوبها=خوافي القطا عَطشى إلى الماء تَسبق
تهمُّ بأن تنعى فيمنعها الحيا=ويخنقها كرب الغرام فتشهق
وللحزن ما بين الضولع توقدٌ=وللدمع في صحن الخدود تَدَفُّق
فباطنها من لاهب الحزن محرقٌ=وظاهرها من ساكب الدّمع مغرَق
تساق على عجف المطّي بلا وطا=يَرقُّ لها قلبُ الحسود وُيشفق
ومن بينهم زين العباد مُقيَّدٌ=عليلٌ وبالقيد الثقيل مُطوَّق
له جسدٌ بالٍ وبالٌ مُبَلبلٌ=وجانحةٌ حرّى وطرفٌ مُأرَّق
فلا غروَ لو عينُ العُلا اغرورقت دماً=وكادت نفوسُ المجد بالوجد تُزهَق
إليكم ولاةَ العالمينَ خريدةً=لها من معانيكم ضياءٌ ورَونق