حسينَ ألوفنا المتعطشات= إلى لُقياكَ و المُتلهفاتِ
تبيتُ قلوبُنا و النارُ فيها = أسيراتِ الحنين ِ مُجرَّحاتِ
تُقلِّبُها الهواجسُِ تَرْتَعيها = مبعثرَةَ الخواطرِ مُتعَباتِ
تُسائِلُ عَنك من خَلَقَ الليالي= وَليستْ عَن سواكَ بسائلاتِ
تظلُّ عليك أدمُعُها وفاءً =من الوجدِ المُبرِّح ِ سائلاتِ
إلامَ تعيشُ لا سلوى لَديها = سوى أحزاِنها المُتَنامِياتِ
و تبقى هذه الزَّفَراتُ فيها = و فيما حولها مستوطناتِ
تذوبُ من الهوى و تذوبُ شوقاً= و ليستْ عن هواكَ بتائباتِ
أرى للحزن ِ راياتٍ تَعالتْ = على هام ِ الزَّمانِ مُرفرفاتِ
بلون جراحِنا الحمراء تبدو =مخضبة الحواشي داميات
و سودا كالمآسي في بلادي = حزينات الملامح واجمات
لقد بدأ الهوى و الحزنُ فينا= حديثهما بدون مُقَدِّماتِ
فَلَم نَكُ غيرَ أرواحٍ تَصبَّتْ = و آذانٍ إليهِ مُصغياتِ
و ألسنةِ بحمدِ الحبِّ تشدو= و حمدِ عذابهِ متَغنيّاَتِ
و أفئدةٍ رقيقاتٍ تهاوتْ = عَلَى أيدِيهِما متوسلاتِ
حسينُ هواك يكبر في ضلوع ٍ = به منذُ البداية عامراتِ
على عهدٍ قطعناهُ قديمٍ = على عهدِ المودَّةِ باقياتِ
ألم يبعثْ هواكَ الروحَ لمّا = تفَجّرَ في العروق ِ الميِّتات
كنور الشمسِ مشرقةً حياةً= توهجَ في في الضلوعِ الدّافئاتِ
يمُّرُ أمام أعيننا سريعا = شريط الذكرياتِ المؤلماتِ
فتهتزُ المشاعرُ في نفوس ٍ =كثيراتِ الشجون ِ مُدَلَّهاتِ
فَتُلْقِي و الأسى يطغى عليها = إليه أمرَها مُستسلماتِ
و ماهي عنه راغبةٌ و ليستْ= على استسلامِها بالنادماتِ
لإجلك يا حسينَ الروح ِ نحيا= على جمراته المتوهجاتِ
فمنذُ بدايةِ الأحزانِ كانتْ= مشاعرُنا بها متوحِّداتِ
فما لِبوارِح ِ الأيامِ تمضي = قوافلَ غادياتٍ رائحاتِ
و نيرنُ الأسى و الحبِّ ليستْ= و إن طالَ الزمانُ بساكناتَ
حسينَ اللهِ يا وجه الثُّريا = و يا عبقَ الورودِ الناضراتِ
أيا قمراً وجوهُ الكونِ تبكي = عليه في الليالي المُظلماتِ
أَتَغْربُ عن عيونِ أنت فيها = و تُشرقُ في القلوبِ العاشقاتِ
أيا ريحانةَ الدنيا رَعَتها = عيونُ ذوي النفوس ِ الطّاهراتِ
تَزَّيَّنَتِ السَّماءُ بها فكانت = عبيرَ جنانِها المُتأَنِقاتِ
حبيبَ محمدٍ و أبي ترابٍ =و سيدةِ النساءِ الفاضلاتِ
دماؤُك من شعاع ِ اللهِ نورٌ= و من سلسال كوثرهِ الفراتِ
خرجت إلى العراق ِ إلى يزيدٍ =إلى جندِ الضلالةِ و البُغاةِ
إلى من شرِّعوا للناسِ شرعاً= يغرِّرُ بالنفوس ِ الساذجاتِ
و يحتضنُ الجهالةَ و هي شرٌ= و يؤمن بالعقول ِ الآسناتِ
خرجتَ فكنتَ صوتَ الحقِ يعلو = و يكفرُ بالعروش ِ الظالماتِ
و عن وجه السماءِ مضيتَ تَجلو = جحافلَ من غيوم ٍ داكناتٍ
على ما سنَّ جدُّك أنت ماض ٍ= على سننِ الرشادِ الواضحاتِ
خرجتَ بمن هم للناس ِ كانوا = و مازالوا هُمُ سفنِ النَّجاةِ
بأهل ِ محمَّدٍ و بَني بَنيهِ =شموس ِ الأرض ِ و الغُّرِّ الهُداةِ
بِهمْ أجرامُ هذا الكونِ قامتْ = تدورُ بمنْ عليها سابحاتِ
فَلا يبغي على فَلَكٍ أخوهُ =و تَسْبَحُ في الفضا مُتوازناتِ
و هذي الأرضُ لولاهمْ لَكَانتْ = رِواسيها الجبالُ مُزعزَعاتِ
خرجتَ مع الضحى تّبغي صلاحاً = لقوم ٍ أُغرقوا في السيئاتِ
تردُّ إلى حدودِ اللهِ ناساً =من النّفِرِ الأبالسةِ العصاةِ
لأدفعَ منكراً قد قلتِ إني = و أمرِ الناسِ بالمعروفِ آتي
فجنَّ جنونُ سادتهم و ضَجُّوا= و تاهوا في زِحام ِ المغرَياتِ
تَولّى أمرَهَم رجُلٌ شِقيٌّ =يُسلِّمُ نفسَهُ للغانياتِ
غدا و المارقونَ لَهُ رفاقٌ= و أعوانٌ.. وَ راحَ معَ الغُواةِ
فَلَيسَ فؤادهُ الأعمى بِراءٍ= سوى أوهامِهِ المُتَبَرِّجاتِ
يزيدٌ وَ هيَ بعضٌ من قشور ٍ = لُقى ً فوقَ التّرابِ و تُرَّهاتِ
خرجتَ تردُهم للدينِ ردّا= لآياتِ الكتابِ البّيِّناتِ
فما ارتدَّ الذينَ طَغَوا و كانوا= لآلِ محمَّدٍ شرَّ العُداةِ
و للشيطان ِ و هوَ إليهِ يدعو = زبانيةَ الفسادِ من الدعاةِ
فقلتَ لهم: غداً و غدٌ قريبٌ = سيحكمُ بيننا قاضي القضاةِ
فلَيستْ ذكرَنا الباقي حياةً= أيادي المجرمين بِماحياتِ
سيبقى ذكرُنا حيَّاً و تبقى = فضائلُنا الشُموس ِ مُخَلَّداتِ
"فهيهات المذلةُ" من نفوس ٍ= لغيرِ اللهِ لم تكُ مُذعِناتِ
حسينُ حبيبُ منْ سَمِعوا إليه = بِآذان ِ العقول ِ الواعياتِ
و ساروا خلفهُ يَبنونَ مجداً =علا فوقَ النّجوم ِ الزّاهراتِ
بدينِ محمدٍ يَمضي حسينٌ= على دربِ الأحبَّةِ و الثِّقاةِ
بزادٍ من عقيدتهِ و زادٍ= غنيٍّ بالأماني الواعداتِ
ألا من ناصرِ نادى حسينٌ= على طغيان ِ أبناءٍ الطغاةِ
فَيظفرَ بالشهادةَ و هو راض ٍ= و بالفردوس ِ حُسنى الحسنياتِ
ألا من ناصرٍ نادى طويلاً =و لا من ناصرينَ و ناصراتِ
بصوتِ محمدٍ نادى ولكنْ= جُسوماً في مقابرَ هامداتِ
فما بلغَ النِّداءُ نفوسَ قومٍ= أسيراتِ المطامع ِ مُجرماتِ
و لا اهتزَّت و لا ارتعشتْ قلوبٌ= و هل يهتزُّ قلبٌ في صَفاةِ
ألا من ناصر ٍ و الناسُ صمٌّ= تَخالُهُمُ دُمىً متحركاتَ
ذليلاتٍ مشاعرُهمْ أناسٌ =هُمُ دونَ النِّعاج ِ السارحاتِ
منَ الأحقادِ قد نَبتوا نُفوسا ً= و بغضِهمُ النَّبيَّ مُدنَّساتِ
حسينُ المصطفَى و أبي ترابٍ = و زهراءِ الجنان ِ النَّاضراتِ
تُولِّي عنهمُ الآذانُ صُمَّا ً =و تَنصرف النَّواظرُ مُطبقاتِ
و تنغلقُ العقولُ على عَماها = يغشَّيها الخنوعُ مُعطَّلاتِ
فَتؤمنُ بالضَّلالةِ مُظلِماتٍ= و تكفُرُ بالهدايةِ ظالماتِ
تَلقّاهُ أشدُّ الناسِ كُفراً =بآلافِ الرِّماح ِ الغادراتِ
و بالعطشِ الذي أمسى سلاحاً= أشدَّ من السيوفِ الماضياتِ
و أيْدٍ بالدَّم ِ المَسفوكِ غدراً =دَمِ البيتِ الطَّهورِ مُضَّرجاتِ
تلقَّتهُ الصوارمُ و العوالي = و خلَّتْهُ صريعاً في الفَلاةِ
على الجسدِ الشريف الخيلُ مرَّتِ =سنابكُها الغليظةُ عادياتِ
لقد وطِئتْ خيولهمُ جباهاً= تناهبَها السُّجودُ مُصَّلِّياتِ
و كانتْ و النُّبوُّةُ طهَّرتْها =مُكَّرَّمةً بها و مُعزِزاتِ
تكادُ الخيلُ تُحْجمُ عن حُسين ٍ =و تُقدِمُ رغمَ ذلك مُكْرَهاتِ
وَ لو خيَّرْتَها لأبتْ و مَالتْ =عن الجسدِ الشريفِ مُحاذراتِ
يشاءُ بنو الجريمةِ أن يكونوا =و شاء الله دون السَّائِماتِ
رأيتُ نفوسَ أبناءِ المعاصي =عنِ القيم ِ النبيلةِ مُعْرِضاتِ
رأيناها ولايةَ آل ِ طه =مصابيحَ النُبوُّةِ رافضاتِ
و كلَّ رسالةٍ في الأرضِ تُزْهَى = بإشعاعِ المحبةِ مُنكِراتِ
لها الشيطانُ مُذْ خُلِقو وَليٌّ= و ليستْ غيرَهُ بِموالياتِ
لِكُل ِ جريرةٍ يدعو إليها =و معصيةٍ نراها داعياتِ
و ليستْ عن خبيثٍ أو دنيءٍ = و لا عن منكرٍ مُتخَلِّياتِ
و لا عن فاحشٍ "تمضي إليهِ = شياطينُ الهوى" مُتخلِّفاتِ
أراها و هيَ تَسبحُ في عَمَاها = قتيلاتِ المآثمِ مُهلِكاتِ
فَمَا زالتْ عَلى الإشراكِ تحيا = و مِنْ دِين ِ الأحبَّةِ مارقاتِ
أَلَمْ تُدِر الحروبَ عليهِ يوماً= أُمَيَّةُ عَبدِ شَمس ٍ طاحناتِ
فَأَينَ بَنو العَمَايةِ من بُدور ٍ = سَناَها للخلائقِ واهباتِ
يَشُّعُ جَمالُها كَرَماً و عفواً= و تخطرُ بالمحاسن ِ كاملاتِ
فويلٌ للذينَ لهم عيونٌ =و عنها تَنثَني مُتَعَامِيات
فهل يروي غليلَ بني زيادٍ =سوى هذي الدماءِ الغالياتِ
فَما لِبني زيادٍ يومَ وِردٍ =على الحوضِ المُطَّهرِ منْ سُقاةِ
و ما بينَ الإلهِ و مُرسَليهِ =و بينَ بني أميَّةّ من صِلاتِ
لقد قَطَعوا أَواصرَ كلِّ قُربى = لَهم كانت بأحمَدَ واصلاتِ
و قد كانت سواعِدهم جميعاً= على طَمْس ِ الحقائق ِ عازماتِ
تَلاقَتْ و هي تعلمُ آثماتٍ على = سفْكِ الدِّما متشابكاتِ
وَ ساءهم الفضائلُ بازغاتٍ= و من بيتِ النبُّوةِ نابعاتِ
بِأفئدةِ غدا ً يأتون ِ رَبّاً =و أيْدٍ بالذنوبِ مُلَوَّثاتِ
يقالُ لنا بنوا مجدا عظيماً = بيارقه تَعَالتْ خافقاتِ
وهل يبنيه من هدموا و كانت =نفوسهم خرائبَ دارساتِ
قد اتَّخذوا من الإسلام ِ مهراً= يبلَّغهم جميعَ الأمنياتِ
و قد كانتْ نواياهم بَغايا = بأثوابِ النِّفاق ِ مُدثَّراتِ
و إنَّ وجوهَها السوداءِ كانتْ= بِأسمال ِ الرَّياءِ مُقَنَّعاتِ
فَليتَ أميةً لمْ تأتِ فُحْشاً = و لم تَهرعْ لِتأديةِ الزَّكاةِ
و لا صلّتْ و لا صامتْ و حجَّتْ = وَ لَمْ تَتَرَدَّ ثوبَ الفاسقاتَِ
و لمْ تَغدرْ بأحمدَ يومَ خلَّتْ = بناتِ بَنيهِ كالمُتشرِّداتِ
و لمْ تَسفكْ دماءَهُمْ انتقاما = فَتُحشَرَ في صفوفِ الهالكاتِ
و لمْ تكُ مثلَ منْ كانوا و قودا =لِغاشيةٍ و لا كالغاشياتِ
أَمَا كانتْ ضَغائِنُها عَليهِمْ =أَذلَّةَ كلِّ قوم ٍ حاشداتِ
فَمَا لِعقولِها أَمسَتْ ظلاماً = و على سُنَنِ الهدى مُتنكِّباتِ
تجاهلتِ الكتابَ عَمىً و أَضْفَتْ =إلى رغباتها المُتكالِباتِ
فأينَ تَفرُّ مِنْ مَلَكٍ عَزيزٍ =و من بَطْش ِ الملائكةِ العُتاةِ
فَلا واللهِ لمْ يؤُمِنْ يزيدٌ =بِأديان ِ السَّماءِ الهادياتِ
و لمْ يُؤمنْ يزيدُ و لا أبوهُ= بغيرِ المُترِفاتِ الناعماتِ
لقد خَدَعَتْهُما الدنيا فَلاذا= بأسبابِ الحياةِ الواهياتِ
و غرهما بساحتها جمالٌ =تألَّقَ بالخطايا الفاتناتِ
فما من شائن ٍ إلا أتَاهُ =بلا خَجَل ٍ يزيدُ الشائناتِ
فَتعْساً للذينَ غَدَو وَ راحوا= صغارا ً في الحياةِ و في المَمِاتِ
تولى أمرَهم رجلٌ شقيٌّ= يسلِّمُ نفسهُ للغانياتِ
على أبناء حيدرةٍ و طهَ =أغاروا بالسيوفِ مسلَّلاتِ
بإرث من ضغائنهم قديم ٍ = بأحقادِ النفوس ِ القاتلاتِ
فَما لِبيوتِهِمْ قدْ حاصرَتْها = عيونُ جَحافل ٍ مُترصِّداتِ
تديرُ عليهمُ خيلَ المنايا =فَلَمْ تَبْرَحْ بِهِمْ متربِّصاتِ
تَنَاهبُها السيوفُ البيضُ حتى =غَدَتْ أستارُها مُتَهتِّكاتِ
إلى أطفالِهمْ بالذُعرَ تمْضي = تَكُرُّ عليهُمُ مُستَبسِلاتِ
تريد نساءهم إما سبايا = و إما في العراءِ مجدَّلاتِ
تريدُ الموتَ للأحياءِ منهم =و عيشَ الذلِّ للمتَبَقياتِ
لقد تَرَكَتْهُمُ صَرعى ضَحَايا = على وجهِ الرِّمال ِ مُوَّزَعاتِ
و أسرى من نساءٍ مؤمناتٍ= قريحاتِ الجفون ِ مسهَّداتِ
بأجلافٍ يحاط بهن سودٍ= قلوبُهمُ ذليلاتٍ جفاةِ
يطاف بهنَّ غيرَ محجبَّاتٍ = يُتَرِّبْنَ الخدودَ مُفَجَّعاتٍ
يُطافُ بهن من أرض ٍ لأخرى = سبايا عن رؤوس ٍ حاسراتِ
و كان لهن بيتُ اللهِ بيتاً =و كُنَّ السيداتِ العاقلاتِ
و كنَّ أعزَّ خلقِ اللهِ أهلاً =كريماتِ الأصول ِ مطهراتِ
و ما زلْنَ العفَافُ لهنَّ ثوبٌ =و بالشَّرفِ الرفيع ِ مُحَصَّناتِ
بناتُ رسولِ ربِّ العرشِ يُغدى = بِهِنَّ إلى دمشقّ مُصَفَّداتِ
بناتُ رسوِلنا العربي ِ يمضي = بهنَّ الوغدُ كالمُستَعبداتِ
سَبيِّاتٍ يسار بهنَّ قهرا ً =جريحاتِ القلوبِ معذَّباتِ
فَيا ربَّاهُ للإسلام ِ يُلْقى = على الرَّمضاءِ مُنحلَّ العُراةِ
بَنوا الطُّلَقاءِ قَدْ حَشَدوا عليهِ= ضَلالاتِ القرون ِ البائداتِ
و لَو قَدَروا عليهِ لأورَدوهُ= مَوارِدَ للمنايا مُهلِكاتِ
لأجهزَ "إبنُ ميسون ٍ"عليه = و أخلَدَ بعدَهُ للمَفسداتِ
بناتُ " ابنِ الدَّعي ِ" سكنَّ قصراً= قريراتِ الجفون ِ منعَّماتِ
تطوفُ به عليهنَّ الجواري= معداتٍ لهنَّ مسخراتِ
يطيب لهنَّ فيه العيشُ رغْداً= يجرِّرنَ الذيولَ معربدات
بناتُ محمدٍ من غيرِ مأوى = يوقّيِّهنَّ حرَّ الهاجراتِ
و في الأغلال و هي تعضُّ عضاً= عِلى أجسادهنّ النّاحلات
فكُنَّ بربِهنَّ إذا ألَمَّت ْ =بهنَّ مُلمَّةً مُستَعْصِماتِ
وَ بالصَّبرِ الجميل ِ و بانقيادٍ= لأَحكام ِ القضا مُتَّجَمِّلاتِ
ففي النكبات أنفُسُهنّ تعلو = على ظُلامِها مُترفِّعاتِ
فَيَا للمسلمين رأيتُ فيهمْ =براكينَ الحميَّةِ خامداتِ
وَ لَمْ أَرَ فيهمُ غضبا ً شريفاً= تَجَسَّدَ في مواقفَ مُعلَنَاتِ
و أصواتُ العدالةِ ليسَ تعلو = بوجهِ الظالمينَ مُدَوِّياتِ
ألمْ يكُ صبرهمْ ذلا و عاراً =على تلك المآسي المُخزِياتِ
أيَغفَلُ جُلُّهمْ عنها و ليستْ = عيونُ العادياتِ بغافلاتِ
مسامعهمْ و أعينُهمْ أُصيبتْ = فلَمْ تَكُ رائياتٍ سامعاتِ
إذا غلبَ الهوانُ على نفوس ٍ= وَ ذلَّلَها فليستْ سيِّداتِ
و كيفَ تكونُ سيَّدةً إذا ما = غَدَتْ لِمَنْ اشتراها خاضعاتِ
فَمَا فيها دَمٌ يجري و ليستْ= بغيرِ الذلِّ تَحيا عاجِزاتِ
بغيرِ بَصيرةٍ ترنو وَ قَلْبٍ =إلى مَنْ حولها مُتَفَرِّجاتِ
لماذا لْمْ تَسلَّ على يزيدٍ= سيوفَ إبائِها مُستنْكراتِ
و قد كانت إذا الدَّاعي دَعاها = لِنَصرِ الحقِ تَنْفُرُ غازياتِ
إذا ما استُغضِبتْ غَضِبَتْ و كانتْ =على قَهر ِ الجبابرِ قادراتِ
فَأينَ مروءةٌ عشقتْ رجالا ً= مَضَوا كشموسِنا المُتوارياتِ
إذا مالمجدُ لاحَ سَعَوا إليهِ= قلوبا ً بالشَّجاعةِ زاخراتِ
و إنْ صِيحَ الجهادُ مَضَوا رجالاً= بأسيافِ البطولةِ مُرهَفاتِ
إذا دَجتِ المنايا قابلوهاَ =وجوهاً كالضُّحى مُتَألِّقاتِ
سَواءٌ عِندَهمْ وقَعوا عليها = أمْ انقلبَتْ عليهمْ واقعاتِ
عَزيماتُ الرِّجال ِ تَظلُّ فيهمْ = إذا ما أُغضبوا مُتحَفِّزاتِ
تسيلُ نُفوسُهمْ شَرَفاً وَ كِبْراً= على حدِّ الأسنَّةِ وَ الظباتِ
ذئاب أميةٍ لمْ تُبق ِ شيئاً =لغيرِ شرورها المتعاظماتِ
و تخجلُ حينَ تذكرها الضواري= فليستْ مثلَها مُتدنِيّاَتِ
لقد تَركتْ خيامَ بني عليٍّ =و أبناءِ النبيِّ مُمزقاتِ
بأظفار ٍ يسيلُ البُغضُ منها = على بَقْرِ البطون ِ مُدربَّاتِ
و أنيابٍ على قتل ِ الضحايا = و مصِّ دم ِ الوفاءِ مُعوَّداتِ
فَسَلْ هنداً عنِ "الكبدِ المُدمَّى" = و ذؤباناً بها متشبِّهاتِ
إذا هِندٌ لها ذُكِرتْ أُثيرَتْ= وَ باتتْ ليلها مُستنفِراتِ
أحستْ بالقصورِ حيالَ هندٍ =فليستْ مثلَها مُستشرياتِ
ألمْ تَكُ دونَها فتكاً و غدراً =و لمْ تَكُ مثلَها مُتوحِّشاتِ
ذئابُ بني أميَّةَ قد أصرَّتْ =على عدوانِها مُستكبراتِ
دماءُ بني رسول ِ اللهِ تَغدو = بثغرِ "يزيدها" مُستَعْذَباتِ
فَما اتَّقَتِ الألهَ بمنْ إليهِ =مَقاليدُ الشَّفاعةِ مُوَكلاتِ
تُعِدُّ لكل ِ مَنْ والى بنيهِ =فَوالاهُ مَخالبَ قاتلاتِ
تُمَزِّقُ لَحمَ مَنْ بِهِمُ تغنَّى = بألسنةِ المديح ِ المنصفاتِ
فَما لبيوتِهمْ أَمسَتْ خَلاءً= و كانتْ بالطَّهارةِ عابقاتِ
هنا و هناكَ بعضٌ من دماءٍ= تَحَدَّرَ من جراح ٍ لا هباتِ
هنا كان الحسينُ بِمَنْ لديهِ= يُقيمُ صلاتَهُ في الأمسياتِ
هنا كانت نُفوسُهُمُ كباراً =إلى الرحمن ترنو ضارعاتِ
و ما كانت لغيرِ الله يوماً =من الأيام ِ تعنوا خاشعاتِ
فَسائلْ عن مصارع أهل ِ بيتٍ= و عن أخبارهمْ كُتبَ الرواةِ
و سلْ عمَّا بهم فعَلَتْ أيادي= ذئابِ الغدرِ أبناءَ الرُّعاةِ
فما لبني رسولِ الله يمضي = بهمُ رجلُ الطباع ِ الفاسداتِ
أبوهُ إن تَسلْ عنهُ دعيٌّ =تبنّاَهُ سليلُ الموبقاتِ
بهمْ يمضي اللعينُ إلى لعين ٍ= غدا لِوليِّهِ شرَّ الوُلاةِ
فَمَا بالوا بجدِّهمُ ولكنْ= تَفانوا في ارتكابِ المُخزياتِ
و لا بذويهِ منْ شيخ ٍ و طفل ٍ= و لا بنسائهِ المتورِّعاتِ
و لا بالثاكلاتِ و لا الأَيامى = و لا بخدودهنَّ مُعفَّراتِ
و لا رقُّوا لِزينبَ آل ِ طه =لسيِّدةِ النِّساءِ الصابراتِ
لأ طفال ٍ تُمزِّقَهمْ رماحٌ =و هم ما بين أيدي الأُمَّهاتِ
يرقُّ يذوبُ من كَمَدٍ و غيظٍ= لهمْ قلبُ الصُّخور ِ القاسياتِ
ألم تكُ زينبُ الشُّجعانُ تسمو = بأخلاق الهداة ِ السَّامياتِ
فحين أصابها الكرب استعانت = بصبر المؤمناتِ القانتاتِ
و تنطق عن لسانِ الحقِ لمَّا = أحاط َ بها يزيد الُمنكَراتِ
تردُّ بمنطق ِ الإيمانِ ردّاً =دعاوى المجرمينَ ُمفنَّداتِ
ألمْ تكُ و هي بنتُ أبي ترابٍ= علي ٍ أبلغَ المُتَكَلِّماتِ
ووالدُها الذي كانتْ إليهِ =مقاليدُ البلاغةِ آيلاتِ
إذا قيلَ الكلامُ فقلْ عليٌّ= أميرُ جِياده المُتَخَيَّراتِ
أميرُ جميع ِ منْ حَملوا لواهُ= و هاموا بالآلي النادراتِ
إذا أرخى لِمِقوَلِهِ عناناً= تدَّفَقَ بالحسان ِ المترَفاتِ
إذا انطلقَ الكلامُ بهِ رياحاً= بأشرعةِ الفصاحةِ مُقبلاتِ
و بُرِّزتِ الفنونُ لهُ فَجَاءتْ= بألوان ِ الجمال ِ مُوَشَّحاتِ
يسيرُ بركْبِها الإعجازُ حتى = تلوذَ بدارِهِ مُتعبِّداتِ
فتُلْقي بالذي مَلَكتْ يداها = إليه راضياتٍ طائعاتِ
تدفَّقَ سيدُ البلغاءِ بحراً= بآياتِ البَيان ِ الساحراتِ
و زينبُ بعضُِ إخوتها فأكرِمْ= بهمْ من وارثينَ و وارثاتِ
ألمْ تصفعْ مقالتها يزيداً =فأفحمَ وهي خيرُ القائلاتِ
ألمْ يخضعْ لمنطقها ذليلاً= خضوع ِ اليائسينَ من النجاةِ
ألمْ يكُ دونها عبداً أسيراً= برغم قيودِها المُستَحكماتِ
"و كان كلامهُ فنداً و كانتْ= كتائبُ جمعهِ متبدداتِ"
و إنْ أيامهُ عددٌ تلاشتْ = بظلمتها و ليستْ دائماتِ
لقد صدقتْ ظنونُِ الحقِّ لما = رنتْ بعيونها المُتَبصِّراتِ
ألمْ يبرأْ منَ الإنسانِ مَنْ همْ= أحطُّ من الوحوش ِ الضارياتٍِ
فَسرَّهمُ انتصارُ الشرِّ فيهمْ =و أطربَهمْ عويلُ الثاكِلاتِ
و ساغَ لهمْ دَمٌ يجري سَخينا ً= طَهوراً من بنينَ و منْ بناتِ
كأنَّ بني أبي سفيانَ حَنُّوا= إلى "عُزَّاهُمُ" و إلى" مَناةِ
إلى زمنٍ بهِ الطُّلقاءُ كانوا =يديرونَ الكؤوسَ المُترَعاتَ
يديرونَ الحروبَ على رسولٍ= و يحترفونَ نَسجَ مؤامراتِ
فراحوا يثأرونَ ليومِ "بدر ٍ"= و قتلى مشركينَ و مشركاتِ
أَلَمْ نَرَ في ثيابِهمُ ذئاباً =على صدرِ النُّبوَّةِ جاثماتِ
قدِ احتزَّتْ رؤوساً سوفَ تبقى = بأهدابِ الصباح ِ مُتيَّماتِ
سَتبقى رَغمَ أنْفِ الموتِ فينا = بَصائرَ واعياتٍ مُدرِكاتِ
نعيشُ على هدايتِها و تحيا= حقائقَ في الضَّمائر ِ ماثلاتِ
فما ارتعشتْ يدٌ لِذئابِ قوم ٍ =تَرَشَّفَتِ الدِّما مُتلذّذاتِ
و لمْ أرَ مثلَها بَشَراً ذئاباً =فريساتِ العَمى مُستَأسِداتِ
تريقُ دمَ النبُّوَةِ و هي ليستْ =بغيرِ دمائها مُتشَفِّياتِ
فَلمْ تكُ وهي ناقمةٌ عليها =بغيرِ ضلالها مُتذَرَّعاتِ
و لمْ تَكُ وجهَ خالِقها تعالى = و وجهَ محمدٍ مُتَهيِّباتِ
فأيُّ نقيصةٍ بلْ ايُّ عارٍ =و لمْ تَكُ ثوبَهث مُترَديَّاتِ
على سُفنِ الجرائم ِ و الخطايا = رأيناها تُسافِرُ مُبحِراتِ
رأيتُ التّوُرَ يُصلَبُ فوقَ رمح ٍ =و أشلاءَ التُّقى مُتطايراتِ
و في كَبدِ الهدى و الحقِّ كانتْ= سيوفُ بني الضَّلالةِ مُغمَداتِ
فقامَ الليلُ يهتفُ: يا الهي =هَوَى قَمَرُ الليالي الدَّاجياتِ
هوَى فَهَوى على الرَّمضاءِ نورٌ= تَدَّثَّرَ بالرِّمالِ الساخناتِ
بَكاهُ جدُّهُ و بَكى أبوهُ =و فُضلى السيِّداتِ الوالداتِ
بَكتْهُ مريمٌ و بكاهُ عيسى = و موسى في العهودِ الغابراتِ
بَكوهُ قبلَ هذا اليومِ حياً =بعيداً عن جنونِ الحادثاتِ
و تبكيه السَّما و الأرضُ دمعاً= تَدَفَّقَ من عيون ِ المُعصِراتِ
حسينَ اللهِ تفديك المآقي =و أرواحُ الألوفِ المُغضَباتِ
على نهجِ الحسين ِ و والديهِ= تواصلُ سيرها مُستبشراتِ
بأفئدةٍ يلاقي الوجدُ فيها =مواقدَ نارهِ مُتأجِّجاتِ
بحبِ حسينِها اشتعلتْ فكانتْ= بدوراً في الجوانحِ طالعاتِ
رأتهُ بعقلها فَرأتْ مثالا ً =علا فوقَ الصِّفاتِ الفانياتِ
تكادُ تقولُ إنَّ حسينَ حيٌّ =و لمْ يُقتَلْ بسيفٍ أو قناةِ
و أجراسُ بها الشَّيطانُ يمشي = تثيرُ هوى بنيهِ مُجلجلاتٍ
تظلُّ قلوبُ من أصغوا إليها = على إيقاعِها مُتراقصاتِ
أحبُّ من ( الكتابِ) إلى يزيدٍ= أناشيدُ الغوايةِ ناعقاتِ
أما كانت قواعدُ كلُ رجْسٍ =بعهدِ بني أميَّةَ مُنشآتِ
همُ الأرواحُ تهلِكُ آثماتٍ =بدينِ الصادقينَ مُكذِّباتِ
و ألسنةٍ بفضلِهمُ ستبقى = دعاوى المُبطلين مُروِّجاتِ
رؤوسُ بني رسول ِ الله تَغدو= بأطرافِ الرّماح ِ مُعلَّقاتِ
تطوفُ بها على الدنيا ذئابٌ= مُغرِّبةٌ بها و مُشَّرقاتِ
تطوفُ بعارها في كلِّ أرضٍ= مُجاهرةً به متباهياتِ
تدلُّ على جرائِمها و ليستْ = بنادمةٍ و لا مُستحْيِياتِ
سلامُ الله ما دامتْ شموسٌ= لكل ِ بصيرةٍ مُترائياتِ
و مادامت بنا الأيامُ تجري= بقدرةِ ربِّها مُتلاحقاتِ
على مُهجٍ تُحبُّ اللهَ لاذتْ =به في كربلا مُتظلِّماتِ
أرادتْ أن تفِّرَ من الدَّنايا = فلاقتْ ربِّها مُستَشهَداتِ
لقد كذبوا فما قتلوا حسيناً= و إنَّ الفجرَ بعد الليل ِ آتي
أّتجترئُ الذئابُ على الثُّريا =و تعبثُ بالشموس ِ النيِّراتِ
و كيفَ يموتُ منْ يحيا سلاماً = و وجداً في القلوبِ المُخلِصاتِ
و منْ للحقِّ قد شادتْ يداهُ = قلاعاً من دماهُ شامخاتِ
بوجهِ الظالمينَ إذا رأتها =عيونُهُمُ توَلَّتْ خاسئاتِ
تَظلُّ قلوبُ منْ غلَبَتْ عليهِمْ = طباعُ الشَّرِّ منها واجفاتِ
و كلُّ مزاعمُ الجبناءِ تغدو= إذا لاحتْ لها مُتلاشياتِ
سيبقى رغمَ أنفِ الموتِ حيَّاً= و آنافِ الطُّغاةِ المُرغَماتِ
مناقبُهُ الشموسُ الزهرُ ليستْ= و لو كَرهَ الدُّجى بالغائباتِ
و إن أفلَتْ شموسُ الكونِ حيناً= فما هي لحظةً بالآفلاتِ
فما ذهبَ الحسينُ و لا أبوهُ = و لا حِكَمُ السَّماءِ بذاهباتِ
و لا بالحقِّ أو بالخيرِ أَلْوَتْ= أباطيلُ القرونِ الخالياتِ
و هلْ يأتي الفنَاءُ على نُفوسٍ =يُشِّعُ بها الجمالُ مُخلَّداتِ
رأيتُ مزاعمَ السُّفهاءِ تحيا =بأحلام ِ الغوايةِ مُفعَماتِ
بدا وجهُ الحقيقةِ و هي شمسٌ = تُطلُّ على الخليقةِ كالمَهاةِ
فَعْذتُ مِنَ الجحودِ بكلِ سيفٍ= يُسَلُّ على الخوارج ِ و النُّفاةِ
و منْ قوم ٍ بهمْ تنمو الخطايا =بكل مساوئ ِ الدنيا سُعاةِ
أما قال النبيُّ " حسينُ مني"= و من نورِ العليِّ الله ِ ذاتي
و قالَ " أنا كذلك منْ حسين ٍ"= فما سَمِعَتْهُ أفئدةُ الجُناةِ
ألمْ يتوحدا كالعطرِ يحيا = بأنفاس ِ الورودِ العاطراتِ
ألمْ يتوحَدا فكراً و حِسّاً =و يَغتَنيا بأسمى العاطفاتِ
أما كانا معاً جسداً و روحاً = تَرقرَقَ كالجداول ِ صافياتِ
إذا وَرَدتْهما الأرواحُ عطشى = صَدَرْنَ نواهلاً مُتَعلِّلاتِ
فَما لِقلوبِ مَنْ هَبَّتْ عَلَيها = رياحُ الجاهليَّةِ مُغلَقاتِ
بِقولِ مُحمدٍ كفروا بكنز ٍ =بما في سرِّهِ منْ خاطراتِ
و بالكلماتِ تَصعَدُ نحوَ عرْش ٍ =بنتهُ لها البلاغةُ شارداتِ
تُعمِّرُ بالمحبةِ كلَ أرض ٍ =و تسري كالنجوم ِ السارياتِ
فَتَقتحمُ النفوسَ بغيرِ إذن ٍ =كريماتِ الشَّمائل ِ آسراتِ
تلَقَّاها الأُلى كرهوا حُسيناً= بأكبادِ غلاظٍ يابساتِ
و كم كانت نفوسُهمُ بِدرٍّ =يجودُ بهِ محمدُّ زاهداتِ
فَأحزَنَهمْ تَعَلُّقُهُ حسيناً =و أنْ تبقى الرَّوابطُ جامعاتِ
فتغدو بالحسينِ هوىً و تغدو= ركائزَ للهدايةِ ثابتاتِ
بهِ و بجدِّهِ لمْ يستضيئوا= بأنوارِ الهدى المتلألئاتِ
و من أبويه قد برئوا و منهُ= و من قيم ِ السَّماءِ الخالداتِ
أذلَّ يزيدَ و ابنَ أبي عبيدٍ = و والِدَهُ اجتراحُ السيئاتِ
فضلُّوا عن سبيلِ الله حتى = رمَوا بنفوسهِمْ في التَّهلكاتِ
لقدْ خَرَجوا منَ الدنيا بأيدٍ= على لاشيئَ منها قابضاتِ
غداً يقفون عند الله هاما ً= ذليلاتِ الوجوهِ مُنَكَّساتِ
جرائمُهم بعين ِ الدَّهرِ تبقى = و في عين ِ الخلائِق ِ حاضراتِ
و عندهمُ الكبائرُ هَيِّناتٌ= و ليستْ عندَهمْ بمُحَرَّماتِ
و إنَّ محرَّماتِ الأرض ِ تغدو= لدى شرِّ العبادِ مُحلَّلاتِ
ألمْ يكُ حبُّ آل ِ البيتِ أمراً= بهِ قضتِ السَّما في المُحكماتِ
و لمْ تسألْ عبادَ الله أجراً= سواهُ فكانَ خيرَ الواجباتِ
بآياتِ الكتابِ قد استَخَفوا= فلمْ تكُ عندَهمْ بالمُلزِماتِ
و لمْ تَكُ بالموَّدةِ و هي فرضٌ= سماويٌّ لهمْ بالمُقنِعاتِ
محبَةُ آلِ خيرِ الخلق ِ شيئٌ= على قوم ٍ منَ المُتَعذَّراتِ
و بغضهمُ لآل ِ البيتِ ألقى = جذورا ً في العَمايةِ ضارباتِ
تَوَارَثهَُ أواخرُ عن أَوال ٍ = وراثةَ خاطئينَ لخاطئاتِ
فما للصُّمِّ و العُميان ِ تُمسي= قلوبهمُ الغليظةُ مُقفَلاتِ
تظلُّ خطاهمُ و الليلُ يَطغَى = على أبصارِهمْ مُتعثِّراتِ
إذا رحلَ الدُّجى فالجهلُ باقٍ= و ما ظلماتُهُ بمُغادِراتِ
كأنَّ نفوسُهمْ بالشَّرِ كانتْ= و بالغَدْرِ المُبيَّتِ مُرْهَقاتِ
و بالُّلؤم ِ الذي يقتاتُ منها = و يرتَعُ في دِماها مُشْبَعاتِ
فلما تمَّ أمرُ اللهِ كانتْ= عليه واجداتٍ ناقماتِ
و لما اشتدَّ عودُهمُ أغاروا =عليهِ بالنَّواجذ ِ بارزاتِ
لقدْ نَقموا على الإنسان ِ يحيا= بأوصاف ِ الرجال ِ الكاملاتِ
و قدْ نَقموا على الأخلاق ِ لمَّا = رأَوها مُشْرِقات ٍ نادياتِ
على الطفلِ الوليدِ أثارَ فيهمْ= جنونَهمُ حُنُوُّ المُرضعاتِ
فما أن حُكِّموا حتى أراحوا = سيوفاً في الصُّدورِ الآمناتِ
ألَمْ يَكُ خيرَ من سَقَطوا حسينٌ= بأسيافِ العدُوِّ الحاقداتِ
أراقَ شبابَهُ الغالي دفاعاً =عن الحقِّ المهدَّدِ بالمَماتِ
و يعلمُ أنْ سيبقى الحقُّ حقاً= يراهُ ذوو العيون ِ المُبصِراتِ
بهِ آلافُ أمتِنا تغَنَّتْ =مباهيةً بهِ و مُفاخراتِ
فيا دَمَهُ المنيرُ بهِ تحدَّى =دياجيرَ الزمانِ الحالكاتِ
تحدَّى الموتَ و هو إليهِ يسعى = بإطلالاتِهِ المُتَجَهِّماتِ
فكانَ الموتُ يُقدمُ بعدَ لأيٍ= بأعين ِ سائلٍ مُتَرَقباتِ
و يدنو و هو مرتعشٌ فتدنو= ملائكةُ الرَّدى مُتأمِّلاتِ
تَظلُ عيونُها تَرنو إليهِ =لطيفاتٍ بهِ مُترفِّقاتِ
تزفُ شهيدَ بيتِ الله زفاً =إلى جناته مستَعْجلاتِ
يكادُ الموتُ يرجعُ بعد عزمٍ= تَكرُّ به خُطاهُ راجعاتِ
على قسماتهِ حرجٌ و خوفٌ= و في خُطواتِه المتردِّداتِ
دمٌ كالطُّهرِ يجري في عروق ٍ= بكلِّ فضيلةٍ مُتدفقاتِ
تحدَّى كلَّ سيفٍ جاهلي ٍ =نِضِتْهُ أكفُّ أبناءِ الزُّناةِ
و منْ في الشامِ يجلسُ مستبداً =على عرشٍ بَنَتْهُ يدُ الجناةِ
بناهُ على الجماجم ِ مَنْ تَحلَّوا= بأخلاقِ العبيدِ السَّافلاتِ
و منْ جعلوا قصورَهَمُ العوالي = مسارحُ للخَنا و الفاحشاتِ
مَنِ اعتصموا بحبل ِ الشَّرِ حتى = عنَتْ هاماتُهمْ مُتصاغراتِ
و مَنْ فَتَنَتْهمُ الدنيا فهاموا =بأعراض ِ الحياةِ الزائلاتِ
و منْ كانتْ إلى دنيا الدَّنايا = ذنوبُهُمُ المطايا المُسرَجاتِ
أَيا دَمَه لقدْ أحرَزتَ نصرا ً= يكادُ يكونُ كبرى المُعجزاتِ
حُسينُ الكبرياءِ رَنَتْ إليهِ =ملائكةُ السَّما مُتخشِّعاتِ
جَسورٌ في مواقِفِهِ صَبورٌ =" عليٌّ" في الشَّجاعةِ و الثَّباتِ
فَلَمْ يَكُ في تَحدّيهِ حسينٌ= أقلَّ منَ الجبال ِ الرَّاسياتِ
و لمْ يرَ غيرَ أنْ يردَ المنايا = حياةً للميامين ِ الأُباةِ
أليسَ الموتُ أهونَ منْ رضوخ ٍ= لأبناءِ البَغايا الآثماتِ
و أحلى مَشْرَباً و ألذَّ طَعْماً =بأفواهِ الأعزةِ و التُقاةِ
أحبُّ من الحياةِ على سُفوح ٍ= مَمَاتٌ في الذُّرا عند البُزاةِ
دَماً وهبَ الحُسينُ فَمَنْ تراهُ= قديراً كالحسينِ على الهِباتِ
أليسَ الفجرُ ينبُعُ مِنْ دماءٍ= زكيَّاتِ الهوى مُترَقرِقاتِ
فَجَعْتَ بهِ الأحبَّةَ يا إلهي = و خلَّيت القلوبَ مُروَّعاتَِ
أمكتوبٌ لديكَ حسينُ يُلقى = بِمفرَدِهِ الوحوشَ الكاسراتِ
يُريقُ دماَءَ آل ِ البيتِ وَغْدٌ = على الفحشاء ليس من النهاةِ
و يَحكمُهم بِحَدِّ السيفِ فردٌ= مريضُ الدِّين ِ و الفَم ِ و الحَصَاةِ
و في زمن ٍ رأى الشُّرفاءُ فيه = بُغاثُ أميَّة ٍ مُستنْسِراتِ
أمكتوبٌ لديكَ بنو عليٍّ =حصادٌ للرَّزايا الجائراتِ
و أنَّ الخيرَ قد يشقى بَنوهُ= بأبناءِ الشرورِ الطَّاغياتِ
إلى يوم ٍ و يهوي الشَّرُّ فيهِ= وَ مَنْ خُلِقوا لهُ في الهاوياتِ
أمكتوبٌ لديكَ يزيدُ يَحظى =بتأييدِ الألوف المُذعِناتِ
و أصواتُ الثناءِ عليهِ تَشْدوا =بحمدِ الفاسقينَ مُسَبِّحاتِ
و تهتفُ باسم منْ قتلوا حسناً= ألوفُ الجاهلينَ مُؤيِّداتِ
تَسُبُّ على منابِرها علياً =و تَمْتَدِحُ ( الخليفةَ) شاكراتِ
فَلَو دَرَت ِ المآذنُ و هي تَعلو = لخَرَّتْ فَوقَهمْ مُتَداعياتِ
بما ابتدعوهُ – لو علمتْ لأهوَتْ =حِجارَتَها عَلَيهمْ مُطبقاتِ
رأيتُ نفوسَ مَنْ غدروا و هانوا =بظلمةِ عارِها مُتَقَلِّباتِ
تُسالمُ كلَّ جبارٍ عَنيدٍ =و تركَعُ للجبانِ مُوالياتِ
"أميرُ المؤمنينَ" يُسَّبُّ جَهراً= و ليس لسبِّهِ من مُوجباتِ
سوى أن الكتابَ روى صريحاً = شواهدَ فضلِهِ المتعدِّداتِ
و أنَّ "حُسينَهُ" قد شاء حقاً= رآهُ البُطْلُ كُبرى الكُبرياتِ
أمَا اتخذَّ النبيُّ له علياً =أخاً بعدَ المماتِ و في الحياةِ
أَلّمْ يَكُ فيهِ أخلاقا ً و عِلْما ً= و كانَ ُحسامهُ في الواقعاتِ
و راياتُ الهدايةُ في يديهِ =عَلَتْ رغمَ الضَّلال ِ مُظفَّراتِ
تَعاظمَ غيُّهم حتى أراهَمْ =قوانينَ السَّماءِ مُضلِّلات
و ضلَّ رشادُهم فاعتلَّ حتى = غَدَتْ حُجُراتُه مُستَنْقَعاتِ
فكيف يعيشُ في الأوحال ِ قومٌ= و في ظُلماتِ شكٍّ طامياتِ
أحبوا أنْ يكونَ العدلُ ظلماً = و أبوابُ الهدايةِ مُوصَداتِ
و زُّيِّنَتْ الحياةُ لَهمْ فَصارتْ= دَناياها بهمْ مُتَّحكِّماتِ
و زادَهُمُ الهوى صَلَفا ً و جّهلا ً= بآياتِ الصَّباح ِ الباهراتِ
بِ "عَمَّ" و " هلْ أتى" و بِفلكِ نو ح ٍ =و "مائدةِ" الهدى و "المرسلاتِ"
بسورةِ " آل ِ عمرانَ" و "طه" =و "بالأحزابِ" ثمَّ "النازعاتِ"
أَلَمْ تَكُ بينَ أهل ِ الحقِّ فينا = و بينَ المُبطلينَ مُفَرَّقاتِ
و ألسنةٍ بها الشيطانُ ألقى = أحاديثَ النبيِّ مُزوَراتِ
فألبسها ثيابا ً منْ هواهُ =مُهَلْهَلةَ النَّسيجِ مُرقَّعاتِ
و ألْسنةٍ يُنالُ بها عليَّاً =تَحجُّ الإثمَ لا مُتَحرِّجاتِ
تُصِّرُ عليهِ لا مُستَنْكِراتٍ =شَتيمَتَهُ و لا مُستهجناتِ
فكَيفَ يكونُ ما يملي يزيدٌ= و والدُهُ أوامرَ نافذاتِ
يزيدٌ مارقٌ و أبو يزيدٍ =مروقَ السَّهم ِ من ظبيِ و شاةِ
و إنَّ خلافَةَ الاثنين عارٌِ= على الدُّنيا و كُبرى المَهْزَلاتِ
ألا ليتَ السَّماءَ على ابنِ حربٍ = أغارتْ بالرُّجوم ِ المَاحقاتِ
و ليتَ الأرضَ منْ غضبٍ عليهِ= هَوَتْ أركانُها مُتهدِّماتِ
و لكنَّ الذي سوّاهُ أرْجا =عقوبةَ ذي الفِعال ِ السَّاقطاتِ
إلى يوم ٍ و فيهِ تُجرُّ جَرّاً =رقابُ المجرمين مُغلَّلاتِ
إذا الرحمنُ أمهلَهَمْ قليلاً= فَما أحكامُهُ بالمُهْمِلاتِ
ألا شَلَّتْ يدٌ تبني عروشاً =على جسدِ العدالةِ قائماتِ
عُروشُ الظالمينَ و إنْ تعالتْ =سَتَهْوي في غدٍ مُتَزلْزِلاتِ
ذئابُ الغدرِ بالإسلام ِ كانتْ= حُشاشةَ َ روحهِ مستهدفاتِ
فيا أحزانُ أمتهِ عليهِ= و يا عَبراتِها المُتساقطاتِ
و يا ذلَّ الخلافةِ بين قومٍ= تَوَلاهم يزيدُ المُسْكراتِ
خليفةُ مَنْ يداهُ غَدَتْ كأيدي= بنيهِ بالدماءِ مُلطَّخاتِ
فمنْ آثامِهِ غدرٌ و بَطشٌ =بأوراق ِ الزُّهورِ النابتاتِ
و تضليلٌ و كِذْبٌ و افتراءٌ= و قتْلُ النَّفسِ دونَ مُبَرَّراتِ
و إلقاءُ القيودِ على عقولٍ =مِنَ الشكِ الخبيثِ مُبرَّراتِ
و إرسالُ الحقائق مُجهداتٍ= كسيراتِ القلوبِ مُغرَّباتِ
ثقيلاتُ الخُطى مُتردِّداتٍ =غريبات ِ الوجوهِ مُزيَّفاتِ
يَلوكُ لسانُها الكلماتِ ..تَعيا = بِعُجْمَتِهِ .. فليستْ مُعرِباتِ
فلَمْ تَكُ شائناتُ أبي يزيدٍ= لدى الشَّيطان بالمُستنكراتِ
أّلَمْ يَكُ ظلَّهُ ما عاش يمشي = على طرقاتِهِ المُستَوعراتِ
معاويةُ الذي سنَّ المعاصي = بَنَى ليزيدَ شَرَّ المدْرَساتِ
و مَنْ خَلَفوا يزيدَ الشَّرِّ ساروا= على خُطُواتِه المُترَسِّماتِ
إذا مالذئبُ عاوى في قطيع ٍ= تُجاوبُهُ الذِّئابُ مُعاوياتِ
فَيَا رَبَّاهُ عفُوكَ انتَ أدرى= بمخلوقاتِكَ المُتبايناتِ
و أعلَمُ بالمشاعِرِ خافياتٍ= و في أعماقِنا مُتَغوِّراتِ
و بالعُميانِ عنكَ و عنْ شُموس ٍ =غنيِّاتٍ بنورِكَ ساطعاتِ
إذا ذكرَ الحسينُ فَقُلْ سلامٌ= عليهِ في العَشِيِّ و في الغَداةِ
على جدِّ الحُسين ِ على أبيهِ =على تلك الدماء ِ المُهرَقاتِ
على الأرض ِ التي صلَّى عليها = حسينُ براكعينَ و راكعاتِ
على الشَّفَق ِ الحزين ِ على رمال ٍ =بأحزان ِ الحُسين ِ ملوَّناتِ
على ذاتِ الحسين ِ على نُفُوس ٍ =بأخلاق ِ الهدى مُتَخلِّقاتِ
إلى الرحمن ِ خالقِها تعالى =بكل ِ قُلوبِها مُتوجِّهاتِ
بكلِّ و سيلةٍ في الأرْض ِ يسمو =بها وجهُ العدالةِ ساعياتِ
تُدافعُ عن حقيقتِها فَتَحيا =على درْبِ الشهادةِ ماضياتِ
قريباتٍ منَ الرحمنِ جدا ً =و عنْ دار المَذلَّةِ نائياتِ
و كلُّ مَتارِفِ الدنيا تَرامَتْ =على أقدامِها مُتهالكاتِ
فَداستْها و لم تنظرْ إليها = و وَلَّتْ عنْ دُناها مُعرِضاتِ
لِما ليستْ تعزُّ به و يَرضى = به خُلُقُ النُّبوَّةِ كارهاتِ
تَرقُّ.. تَرُقُ ثم تذوبُ حُبّاً =و تَفنى زاهداتٍ عابداتِ
لها في حُبِّ أحمدَ لو علِمْتُمْ= و حبِّ اللهِ أرْقى الفلسفاتِ
بها المُتَصوِّفونَ رأَوا إماماً= و أصباحَ الهدى مُتبَلِّجاتِ
إذا ذُكرَ الحسينُ فقلْ سلاماً = على مُثل ٍ بهِ مُتَجَلِّياتِ
على صَحْبِ الحسينِ بكربلاءٍ= و أجسادٍ بِها مُتَناثراتِ
على خدِّ الثّرى المكروبِ فيها = تمُرُّ بهِ الرِّياح ِ مُدَمْدِماتِ
تمُرُّ بهِ النَّسائمُ هادئاتٍ =مُرطَّبةَ الشِّفاهِ مُسَلِّماتِ
و تقصُدُهُ الأزاهرُ كلَّ عام ٍ= إذا جاءَ الرَّبيعُ مُؤاسِياتِ
إذا ذكرَ الحسينُ فقمْ و سلِّمْ= على طَهَ و كبِّرْ للصلاةِ
و قلْ يا ربِّ ذا العرش ِ إني = برئتُ من النَّواصبِ و الغُلاةِ
ألا خذْ بعفوِكَ يا إلهي =إلى غُرفِ الحسينِ المُشرفاتِ
إلى حيثُ الأحبة ُ في ظلالٍ= معَ الملأِ الملائكِ وارفاتِ
هنالكَ تُدْرِكُ الأبصارُ نوراً= بهِ تغدو الحقائقُ عارياتِ
به الأرواحُ تسبحُ في فضاءٍ= عليِّاتِ المراتبِ هائماتِ
و في تلك الحياةِ فلا مكان= لغيرِ ذوي العقولِ العارفاتِ
و ما للظالمينَ – برئتُ منهمْ = بها منْ شافعينَ و شافِعاتِ
و ما للنفس ِ من شَهقاتِ نار ٍ= سوى الهادي و حيدَرَ من حماةِ
و مِنْ غزو ِ المآثم ِ و الخطايا = سوى البيت العصيِّ على الغزاةِ
سوى بيتٍ دعائمُهُ أُقيمتْ= على أرض ِ الهدى و المَكرُماتِ
فيا صَحبَ الحسينِ و يا بنيهِ= و يا أخواتِهِ المُتَبَتِّلاتِ
و يا أجسادَهمْ يُلقي شقَيٌّ =بها فوقَ الرِّمالِ مُشلَّعاتِ
عليكُم أيها الأحبابُ تبكي = دما ً كلُّ القلوبِ الشاعراتِ
و يا رأسَ الحسينِ و يا "ثنايا "= بها الأحقادُ كانتْ عابثاتِ
أما ضمَّ النبيُّ إليهِ رأسا ً =أحبَّ إلى النبيِّ من الحياةِ
و وَجها ً هاشميا ً قدْ عَلَتْهُ= سنَابِكَ عادياتٍ صافِناتِ
فَمِنْ عَبَق ِ النَّبيِّ عليهِ شيئٌ =و منْ قُبُلاتِهِ المُتَضَوِّعاتِ
فأيُّ فجيعةٍ جلَّتْ كهذي =خلالَ عصورِنا المُتقدِّماتِ
فكلُّ مصائبِ الأيام ِ ليستْ= إذا قِيسَتْ بها بالفادحاتِ
و أيُّ جريمةٍ لمْ ترتَكبْها =سوى زُمَر ِ الِّلئامِ المجرماتِ
فليسَ بِوسع ِ منْ أوتوا بَياناً =و كانوا كاتبين و كاتباتِ
و منْ دانَ الكلامُ لهمْ فَصالوا= و جالوا في ميادينِ اللغاتِ
و منْ كانوا عباقرةً فحولا ً= كبارا ً شاعرينَ و شاعراتِ
فليسَ بوسعِهمْ ترميمُ نفس ٍ= و بعثُ الُّروح ِ في الجسدِ الرُّفاتِ
و أنْ يَصْفوا جريمةَ َ منْ أباحوا =نفُوسَهمُ لكلِّ المَعْصياتِ
فيا أحبابَنا نشكوا إليكُمْ =حَزازاتِ الصُّدورِ الجامحاتِ
و أنفسَ مَعشَرٍ تركوا هُداكمْ= غدَتْ لِهواهِمُ مستعمراتِ
فما أرواحُ منْ جاروا عليكُمْ= و أُلهِمَتِ الفُجورً بناجياتِ
فويلٌ للذينَ غداً عليْهِمْ =جرائمُهُمُ تكونُ الشَّاهداتِ
بدورَ هدايةٍ للناس ِ كنتمْ = مُنوَّرةَ الوجوهِ مُنوِّراتِ
بأفئدةِ الذينَ هُدوا إليكمْ= بقُدرةِ ذي الجلال ِ مُحَكَّماتِ
خُلِقنا يا أحبَتنا نفوساً =بنورِ هوى الحبيبِ مُشَعشعاتِ
تألَّقَ حبُّكُمْ فيها فكانتْ =بلا جَسدٍ مشاعرَ خالصاتِ
حسينَ عذابِنا لوْ كنتَ تدري= بنيران ِ المآسي المُحرقاتِ
بنا و الذلُّ تفرُشُ مُقلَتاهُ =ظلالاً في الجباهِ الخانعاتِ
غَدَونا كالخرافِ لكلِ غازٍ =تُراقُ دماؤُها في الأُضحياتِ
ولكن في مناسبة ٍ دمانا= أراقوها و غيرَ مناسباتِ
عراقُ اليومِ يغرقُ و هو حيٌّ= بأنهارِ الدماءِ الجارياتِ
فليسَ عراقُنا غيرَ الثَّكالى = و آلافِ العيون ِ الباكياتِ
و أجسادٍ مُشَلَّعةٍ ضحايا = حفاةٍ في شوارعِهِ عُراةِ
و أكبادٍ مُمَزَقةٍ ترامَتْ =بأظفارِ الذِّئابِ الجائعاتِ
فكلُّ مدينةٍ هي كربلاءٌ =تَسَرْبَلَ ليلُها بالفاجعاتِ
ولكنْ لا حُسينَ بها فَيَمضي = على خيل ِ الجهادِ الضّامراتِ
يردُّ جحافلَ الظُّلُماتِ عنها = بنورٍ دٍمائهِ المُتَحدِّياتِ
حسينُ عراقُنا يدعوكَ فارجعْ = لِتَدرأَ عنهُ جيشَ النائباتِ
لِتَبْعثنا إلى الدنيا أُباةً =فنخرجَ مسلمينَ و مُسلِماتِ
بلا حقدٍ يُبَعثِرنا و بغضٍ= تُقسِّمنا يداهُ إلى فئاتِ
بقلبٍ واحدٍ يغدو مُحالاً =لديهِ أن نصيرَ إلى شَتاتِ
فَنَحيا فوقَ وجهَ الأرضِ قوماً =تَحلّوا بالخصال ِ الرائعاتِ
أبا الشهداءِ قلتَ لنا المنايا = سبيلُ الخالدينَ إلى الحياةِ
و قدْ آمنتَ أنّ اللهَ حقٌّ = تجلّىَ في النفوس ِ المؤمناتِ
بَذلتَ دماكَ كي نحيا كراماً= بهاماتِ الأعزَّةِ و الأُباةِ
و رحتً تدُّقُ بابَ الخلْدِ دقَّاً= و لمْ تَخشَ المنايا الدائراتِ
فانتَ حسينُ كل الناس مهما = بدتْ ألوانهم مُتغايراتِ
نداؤُكَ في ضمائرهم تعالى =له انفطرتْ قلوبُ الكائناتِ
مَسيحَ العالمينَ جزاكَ عنا =إلهُ الثائرينَ على الطُّغاةِ
إليكَ رَنَتْ شعوبُ الأرضِ تَرجوا= حياتَكَ في النُّفوسِ الهاجعاتِ
لِتُوقِظَها فتُبعَثَ منْ جديدٍ =دماً بعروقِها المُتجمِّداتِ
بَنوكَ تساقطوا ظَمأ ً و قتلاً= و يجري بارداً نهرُ الفراتِ
تَلَقفَهم بنوا الُّلقطاءِ رَميا ً =بألسنةِ السِّهامِ الكافراتِ
رأيتُكَ يا فراتُ تَضنُّ بُخلاً =على المُهَجِ العطاش ِ الوارداتِ
على مُهًجٍ بها أسرى حسينٌ= شريفاتِ المَقاصدِ طيِّباتِ
و أفئدةٍ مُغَرَّبةٍ بَواكٍ =أسيرات ِ الجراح ِ الرَّاعفاتِ
ستُسألُ في غدٍ يا نهرُ عنها = و قدْ ماتتْ بقربكَ ظامئاتِ
عليكَ و قدْ حَجَبتَ الماءَ ظُلما ً= سيشهَدُ كلُّ غُصن ٍ أو حَصاةِ
أراكَ تسيرُ في صمتٍ حزيناً= تحاذرُلائمينَ ولائماتِ
بريءٌ أنتَ من دمِهمْ بريءٌ =براءَ السابحاتِ الصادحاتِ
و ما بالصادحاتِ الطيرُ لكنْ= تحلِّقُ في سمائكَ نادباتِ
أراكَ تئنُّ منْ كَمَدٍ فتبكيْ =عيونُ الغادياتِ الماطراتِ
و مَنْ يدري أما كانتْ إليهمْ =تَصبُّ دموعَها مُتَعَطِّشاتِ
بَرَزْتَ إلى المنيِّةِ و هي تُرغي = و تُزبِدُ كالبحارِ الهائجاتِ
فما لانتْ قناتُكَ في خِضَمّ ٍ= لطاغيةٍ غشوم ٍ أو لعاتي
و لا ارتًعشَتْ يداكَ و لا فؤادٌ= و لا دلَّتْ خيولك مُدبراتُِ
و نفسُكَ في الرزِّيةِ ما تخلَّتْ= عنِ الصبرِ الجميلِ أو الأناةِ
عليكَ الحربُ سعَّرَها يزيدٌ= بآلافِ الفوارِسِ و المُشاة
نفُوسُهمُ بما يرضاهُ دينٌ= و يُرضي اللهَ ليستْ راضياتِ
أليستْ مِنِْ أُميَّةَ عَبد شمس ٍ =نَقيصاتِ الوَرى مُتَحدِّراتِ
بَنوكَ تناثروا جُزءاً فًجُزءاً =بمختلَفِ الأماكنِ و الجهاتِ
رأيتَهمُ فما أنزلتَ نفْساً =على حُكم ِ الجَبابرةِ القُساةِ
لِغيرِ الله ما ألقيتَ سَمْعاً =و أحكام ِ السَّماءِ العادِلاتِ
و لو شئتَ الحياةً لَنِلْتَ منها = بما يُرضي النفوسَ الطّامعاتِ
عَلَتْ بكَ هِمَّةٌ فَعَلَوتَ حتى = بلَغَت حدودَ أعلى المرتباتِ
يقولُ الموتُ ليس حسين مَيْتاً =و ما أقوالُه بالكاذباتِ
فليسَ مِن الذينَ مَضوا فكانوا= حديثاً في شِفاهِ الذِّكرياتِ
ستًبقى يا حسينُ لنا حُسيناً= يُطلُّ على العصورِ الآتياتِ
و مفهوماً سماويَّاً قديماً =جديداً ليسَ كالمُتَغيِّراتِ
ستبقى يا حسينُ لنا حياةً= مُخَلَّدَةَ المَعالِم ِ و السِّماتِ
شُجيرَتُها بنا تنمو غصوناً= بأصنافِ الأطايبِ مُثقلاتِ
لها فوقَ السّما في الخُلدِ فَرْعٌ= و جذرٌ في ترابِ الصالحاتِ
سنبكي يا حسينُ إذا بكينا = على أفكارِنا المُتَحَجِّراتِ
على آمالِنا و على نفوس ٍ =مريضاتِ الهوى مُتَخاذلاتِ
على مَنْ بَدَّلوا بك يومَ كانتْ= رماحُهُمُ إليكَ مُسَدَّداتِ
سيوفُهمُ عليك غدتْ فهانتْ= و لمْ تَكُ للعهودِ بحافظاتِ
و قيلَ قُلوبُهمْ منْ قبلُ كانتْ= إليكَ على عدوِّكَ مائلاتِ
جُموعُهمُ أما استَدْعَتْكَ لمَّا = تلبَّدَ ليلُها مُستَنْصرِاتِ
فَكيفَ تَخونُ مَنْ بَعثتْ إليهِ= رَسائلَ وُدِّها مُستَقْدِماتِ
فما انتَصّرتْ و لا عَزَّتْ فَرُدَّتْ = على أعقابِها مُتَقَهقِراتِ
و لا ربِحَتْ تجارَتُها فَضَلَّتْ= و باءَت بالمذلَّةِ خاسراتِ
رأيتُكَ يا حسينُ هوىً يقيناً= تَجَذَّرّ في الضُّلوعِ الوالهاتِ
رأيتُكَ بسمةً حُلُماً جميلاً =ترفَّقَ بالعيون ِ البائساتِ
لنا في كربلاءِ المجدِ درسٌ =تدفَّقَ بالهِباتِ و بالعِظاتِ
تدفّقَ بالهُدى يجتاح فينا = دعاوى الكاذبينَ الباطلاتِ
جديدٌ ليس تبليهِ الليالي = و لا كرٌّ السنينَ العابراتِ
فمَنْ مثلُ الحُسينِ مَضى ليلْقى = جنونَ العاصفاتِ الغاصباتِ
تُنيرُ رياحُها حقداً دفيناً =و تُقبِلُ بالضَّلالةِ زاحفاتِ
تسلُّ على الهدى سيفاً و ناراً= لتَقْتَلِعَ الجذورَ الرَّاسخاتِ
و مَنْ مِثَلُ الحسينِ مَضى وحيداً =يُعدُّ حسامَهُ للنازلاتِ
يذودُ القومَ عن حقٍّ سليبٍ= و عن أركانِهِ المُتصَّدعاتِ
و عنْ دين ٍ سَماويٍّ حنيفٍ= و عنْ مُثُلٍ لهُ و مقَدِّساتِ
و مَنْ مِثلُ الحسين ِ اختارَ ثوباً= تَلَوَّنَ بالدِّماءِ القانياتِ
و آلافُ العدوِّ بهِ أحاطَتْ =بآلافِ السُّيوفِ الخائناتِ
و قدْ دارتْ بهِ زُمَر الأعادي= على الجُرْدِ العِتاق ِ مُسَوّماتِ
فقَرَّرَ أنْ يخوضَ غمارَ حربٍ= أعدَ لها بنو "هُبَل ٍ" و "لاتِ"
أَلَمْ يَكُ خيرَ مَنْ سقَطوا جميعا ً =على أرضِ الشَّهادةِ و الكُماةِ
إليه ترحلُ الأجيالُ تأتي = مُسَلِّمَةً عليهِ مُصَلِّياتِ
إلى دارِ الخلودِ مضى شهيداً =و خلَّفَ حزنّهُ للنائحاتِ
كأنَّ الله شاءَ لهُ حياةً =لَديهِ في الجنان ِ المُورِقاتِ
فأَيُّ شجاعةٍ فاقَتْ سواها = بمنزلةٍ تَجِلُّ عنِ الصِّفاتِ
بها ليسَ البيانُ يحيطُ يوماً = بأنماطِ الكلام ِ السَّائراتِ
و لو حشدَتْ يداهُ لها جيوشاً= و غالى في اختيارِ المفرداتِ
و أيُّ شجاعةٍ هزمتْ يداها = جيوشا ًفي الضلالةِ غارقاتِ
لِوالِده إذا انْتَسَبَتْ و باهَتْ= لحيدَرَة التُّقى و السَّابقاتِ
بهِ وبسيفِهِ تاهَتْ قريشٌ =على الدُّنيا بخيرِ المنْجَزاتِ
بهِ ألقى الصَّباحُ إلى رمال ٍ =بأحلام ِ الظَّلام ِ المُزعجاتِ
هنيئاً يا حسينُ لكَ انتسابٌ =لخيرِ أبٍ و خيرِ الوالداتِ
لخيرِ الأنبياءِ عليهِ صلَّت = ملائكةُ السَّماءِ مُباركاتِ
و صلَّى الله خالُقنا عليهِ =بآياتِ الكتاب المُنزلاتِ
فَمَنْ مثلُ الحسين ِ و والديهِ = و مثلُ مُحمَّدٍ في الكائناتِ
ألمْ تَكُ منْ علىٍّ أو حسين ٍ= بطولاتِ الورى مُستَلْهَماتِ
و مِنْ آل ِ النبيِّ و مِنْ دِماهِمْ =مَصابيحُ الهدايةِ مُسرَجاتِ
أما كانوا سماواتٍ تَعالتْ= بآياتِ النبوُّةِ ناطقاتِ
و قبلَ بزوغِ فجرِ الحقِّ كانوا= عيونا ً بالصباح ِ مُبشِّراتِ
سلامُ اللهِ و الدُّنيا عليهمْ = على تلكَ النُّفوسِ الطيِّباتِ
عَلَوتَ مع الحياةِ و في المَماتِ= علوَّ جبالِنا المُتَشامخاتِ
و قدْ تَفنى الجبالُ و ليس َتفْنى = مَفاخِرُ فوقَ كلِّ المَفْخراتِ
و لمْ أرَ مثلَ موتِكَ هزَّ قوماً =خلالَ عصورِنا المتتالياتِ
و حزنُهمُ تَوَطَّنَّ في عيون ٍ = تظلُّ دموعُها مُتَفَجِّراتِ
و لَمْ أرَ مثلَ حبِّكَ ذا فروع ٍ= و في أعماقِهم مُتأصِّلاتِ
مَسيحَ العالمينَ فدتكَ نفسي = و آلافُ النُّفوس ِ المُسلماتِ
تُسبِّحُ ربِّها مُستَغفراتٍ =بآل ِ نبيِّها مُتوسِّلاتِ
تُباركُ فيكَ صوتَ الحقِِّ يَعلو = و مَنْ خَرجوا لحربكَ لاعناتِ
تظلُّ إلى ابن ِ حيدرةٍ و طه =إلى صوت النبوّةِ مُصغياتِ
لكَ الجناتُ يومَ رحلْتَ كانتْ= و أبوابُ السَّماء مُفتَّحاتِ
ألمْ تَكنِ الوجوهُ بمنْ عليها = أطلَّ بوجهِه مُتَهلِّلاتِ
أمَا خفَّتْ إليهِ يومَ وافى =مرحِّبةً بهِ مُتَبَسِّماتِ
نُحبُّكَ يا حسينُ و أنتِ تمضي = إلى وطن ِ الشموس ِ المشرقاتِ
إلى دار ٍ تكونُ بها أميرا ً =بلا ظلم ٍ هناكَ ولا افتِئاتِ
بلا قوم ٍ يرونَ الدينَ دنيا =و دورا ً بالمفَاسدِ حافلاتِ
يرونَ الحقَّ و الإنصافَ بطلا ً= بأعينَ جاهلاتٍ قاصراتِ
فليتَكَ يا حسينُ ترى ذئاباً= على أقداس ِ ( قدسي) عادياتِ
و ليتَكَ يا حسينُ تهزُّ فينا = مشاعرَ كالحجارةِ جامداتِ
تحررُ في هياكلَ بارداتٍ= نفوسا ً بالهوان ِ مُكبَّلاتِ
ألا قلْ كيفَ نوقِظُ في نيام ٍ = ضمائرَ كاذباتٍ نائماتِ
بغيرِ بصيرةٍ نمشي فُرادى =تُزعزعُنا الرياحُ و باصراتِ
بعسكَرِها المنايا كلَّ يوم ٍ =تواجهُ ضعفنا متحيِّناتِ
و عنْ أوطاننا النكباتُ ليستْ= بما حمَلَتْ يداها راغباتِ
فنختارُ الهروبَ إلى حياةٍ =تدورُ بها صنوفُ المُغرياتِ
سلامٌ يا حسينُ عليكَ منّا = منَ الوطن ِ المُكبَّل ِ بالغُزاةِ
منَ الشعبِ الذي سلبتْ مناهُ =ذئابُ ترتدي ثوبَ الرُّعاةِ
سلامٌ يا حسينُ عليكَ منا =و منْ أبياتِك المتوجِّداتِ
و من نجَفٍ عليكَ و كربلاءٍ= و أرضِ الكاظميةِ و الفراتِ
عليكَ رأيتُها في كلِّ يوم ٍ =تُقيمُ صلاتها مُستعْبِراتِ
ستبقى كربلاءُ لنا مَحَجَّاً =لِناس ٍ تائبينَ و تائباتِ
بمُهجتِكَ التي انسكبَتْ عليها = هنيئا ً للترابِ و للنباتِ
أما روَّتْ دماؤُكَ في ثَراها = شُجيراتِ النخيل ِ الباسقاتِ
و سبَّحَ للإله العُشبُ فيها = و أسرابُ الطيورِ الزَّائراتِ
و قدْ بكَتِ الغصونُ عليكَ حتَّى = رأيتُ قدودَها مُترَنِّحاتِ
أما روَّتْ ثراكَ و طَهَّرَتْهُ =بما مَلَكَتْ عيونُ الغادياتِ
و مدرَسَةُ الشهادةِ كربلاءٌ =بها انْغَرَسَتْ جذورُ المأثراتِ
غَدَتْ أفراسُها شجراً ظلالاً =غصوناً مُزهراتٍ مُثمِراتٍ
و ألحاناً شجياتٍ عِذاباً =تردِّدها شفاهُ الأغنياتِ
تحرك في جوانِحنا حنيناً= تظلُّ شُموسُهُ متوقداتِ
و ألحانُ البطولةِ سوفَ تحيا = على آلامنا مُترَعْرعاتِ
سلامٌ يا حسينُ عليكَ منّا = و مِنْ أطلالنا المُتَبعثراتِ
تسيلُ دُمُوعُهُا حَزَناً علينا = على أخلاقِنا المتبدِّلاتِ
على أمصارِنا و على قُرانا = على أحوالنا المتخلِفاتِ
تُسائلُ و هي تُنكرُ ما تراهُ =على قَسمَاتنا مُتَحيِّراتِ
تُسائلُنا عنِ الوطنِ المُسجَّى = بأكفان ِ المَذَّلَةَ نادباتِ
رأيتُ طُلولَنا ثَكلى .. بَنوها = تَواروا كالشموسِ الغارباتِ
مَرَرْتُ بها فما نَبَسَتْ و كانتْ= حِجارَتُها تُحدِّقُ مُشفِقاتِ
فَروَّعَني ذهولٌ منْ رُباها = و صَمتٌ في العيون ِ النَّاطقاتِ
و لكنِّي دَنوتُ فَخِلْتُ أني =سمعتُ حِجارَها مُتسائلاتِ
أمِنْ قوم ٍ كالحلم ِ أنتمْ =بهمْ كانتْ بيوتي آمناتِ
و منْ مُضَرِ الإباءِ و منْ نزارٍ= بُناةُ المجدِ أولي السابقاتِ
و أشهرُ مَنْ حَمَوا بالسُّمرِ أرضاً =و عرْضاً, و السيوفِ الباتراتِ
رفاقُهُمُ الحنينُ إلى المَعالي = و أعناقُ الخيولِ مُذَكِّياتِ
إذا مالظلمِ غالَبَهم رأينا = نفوسَهمُ الأبيِّةُ غالباتِ
و إنْ حملوا على زرْقِ المَنايا = ببأسِهِمْ تَولَّتْ هارباتِ
و أنتمْ مَنْ بَنَوا شرقاً و غرباً =قصوراً للحضارةِ شامخاتِ؟!
و مَنْ حملوا رسالَتَهمْ فكانتْ= مَناراً للشعوبِ التَّائهاتِ
و قد نَشَروا عدالَتَهمْ عصوراً= فسادتْ في البلادِ الواسعات؟!ِ
سمعْتُ عتابَها مُرَّاً أليما =كوقْع ِ السَّيفِ أو كالصاعقاتِ
"أكادُ اشكُّ أنَّكمُ بنوهُمْ.. =و إنْ غصَّتْ بما أفْضي لَهاتي "
" و ألسُنُ كلِّ منْ هانوا أراها = بمجدِ جدودِهِمْ مُتَشِّدِقاتِ
أقولُ و تشهدُ الأيامِ إني =رأيتُكُمُ طلولاً بالياتِ
عرفنا فيك يا وطني عيوناً= على أطرافِ أرضكَ ساهراتِ
فما لك نائما ًو الفجرُ يُلقي =سناهُ في العيونِ الصَّاحياتِ
أتضحكُ و السّماءُ عليكَ تبكي = فيا للمضحكاتِ المُبكياتِ
أتلعبُ و الأفاعي الرُّقطُ سُمٌّ= و ما هي إنْ دَنَتْ باللاعباتِ
لقد حشدَتْ عليكَ يدُ الأعادي= جيوشَ الموتِ غيرَ مبالياتِ
و لمْ تُضمِر عداوْتَها فباتَتْ= نواياها الخبيثةُ سافراتِ
لماذا ترتعُ الأحلامُ فينا =و نسقطُ في شِراكِ الأُمنياتِ
و نَلْقى كلَّ صعبٍ مستحيلاً =فلا نعدو حدود المُمكناتِ
أما لكَ في حسينِ اللهِ درسٌ =يعلِّمُنا ركوبَ العاصفاتِ
أما لك في الحسينِ و في بنيهِ= و منْ صَحِبوهُمُ في المَعمَعْمَعاتِ
و آلافُ الكواسرِ قدْ أعدَّتْ= لهمْ أنيابَها مُتَوثباتِ
و أجنِحة ُ الرَّدى منْ فوقُ كانتْ= تُطلُّ منَ السَّماءِ مُحوِّماتِ
أمَا لكَ في شهادتِهمْ حياةٌ= تَقيكَ من الرَّدى قبلَ الفواتِ
فلا تركعْ لغيرِ الله يوماً= أيا وطنَ الجباهِ العالياتِ
على خيلِ الزمانِ المسرجاتِ= بنا الأيامُ تمضي مُسرعاتِ
فإنْ بلَغَتْ محطَّةَ كربلاءٍ =تُعَرِّسُ عندها مُتوقِّفاتِ
تُقبِّلُ تربَها الغالي و تهوي =عليهِ بالقلوبِ العاشقاتِ
و إنْ رحلَتْ فإنَّ لنا قلوباً..= تظلُّ على ثَراها عاكفاتِ
تُقَطِّعُ نفسَها الأيامُ حزناً..= على أفلاكِها المُتهاوياتِ
فلا عبراتُها تَرْقا قليلاً.. =و لا أكبادُها مُتَصبِّراتِ
تُلَمْلِمُ نفسها و الحزنُ باق ٍ= و تمضي بعدَه مُتَأهِّباتُِ
لِتَقطَعَ بعدَ أنْ و قفتْ طويلاً =مراحلَ سيرِها المُتَبَقِّياتِ
فَليستْ تَرْحلُ الأحزانُ عنَّا =و لا عنْ كربلاءَ بِراحلاتِ
و لولا حبُّ امَّتِنا حسيناً =و ما في كربلا منْ موجِعاتِ
لَما كانتْ دموعُ الناس ِ يوماً = إلى أجفانِهمْ بِمُحبَّبَاتِ
أرى فجرَ الأماني مُكفَهراً =و أحلامَ الشبابِ مُصادراتِ
و سوفَ تَزيدُنا الأحزانُ عَزماً =على قهرِ الخطوبِ القاهراتِ
يَجرُّ هوى أحبَّتِنا علينا = عداوةَ شامتينَ و شامتاتِ
يُجرِّعُنا كؤوساً منْ عذابٍ =بها الأحداثُ دارتْ ساقياتِ
يخالِطُها الهوى فَتصيرُ برداً =على أكبادنا مُتَنَزَّلاتِ
و نَشْرَبُها إذا دارتْ فَتُمسي =على أعصابنا مُستولياتَ
يُسَلْسِلُها الهوى فتذوبُ فيهِ =و في الأعراق ِ تسري مُنعِشاتِ
لقد صنعَ العذابُ لنا خُموراً =على نبْتِ الكروم ِ مُفَضَّلاتِ
ألذَ مَذاقَهُ منها و أصفى =شهيِّاتِ الرحيق ِ مُعتَّقاتِ
إذا اضطرَبتْ بنا اضطرَبَتْ قوانا = كأعجازِ النخيل ِ الخاوياتِ
بنا يبقى الهوى حيَّا ً و تبقى =بها وَجَناَتُنا مُتَوَرِّداتِ
إذا اشتَعَلَ الهوى اشتَعَلَتْ و كانتْ= بنا نيرانُها مُستَأثراتِ
فلا نورُ الهوى يخبو و ليستْ= بنا أنوارُها بالخابياتِ
أليس هواهُمُ قدراً أليستْ= أفانينُ العذابِ مُقَدَّراتِ
فريضةُ حبِّنا أنَّا نُجازى =بأيدي الجاحدينَ الجاحداتِ
بما نَلْقاهُ منْ ظُلْم ٍ وُعِدْنا = فَأَكْرِمْ بالوعودِ الصَّادقاتِ
لنا الرحمنُ إنْ نَصبرْ طويلاً= على جهل ِ العقول ِ الجاهلاتِ
حَبانا اللهُ حبَّهمُ فَخَلَّى =بهمْ أرواحُنا متعلقاتِ
هُمُ ملحُ السَّما والأرض ِ فيهمْ= شفاءُ نفوسنِا المُتوجِّعاتِ
فَيا آلَ النبيِّ و منْ سواكُمْ= غداةَ تُزَلْزَلُ الدنيا حُماتي
و منْ إلاكُمُ و الليلُ داج ٍ = و دبَّ الرُّعبُ في قلبي هُداتي
بَنيتُمْ للعدالةِ و هي شمسٌ = بروجاً في النفوس ِ مُشيَّداتِ
أَلَمْ تَكُ و الجمال بها تعالى =على منْ رامَها مُستَعْصياتِ
و يا شُفعاءَ يوم ِ الدين فيهِ= كأني بالخلائق ِ نافراتِ
رجالاً أو نساءً أمهاتٍ =تَخَلَّتْ عنْ بَنيها ذاهلاتِ
يُدافعُ بعضهمْ بعضا ً و يسعى = بأبصارٍِ أليكُمْ شاخصاتِ
دعوتُ إذا دعوتُكُمُ كراماً= و صَفوةَ خيِّرينَ و خيِّراتِ
يمُدُّ إليكمُ يدَهُ غريقٌ =خلالَ ذنوبهِ المُتدافعاتِ
يُزاحمُ بعضُها بعضا ً ليقضي =على أنفاسيَ المُتَقَطِّعاتِ
أتظفَر بي يداها و هي تطغى = و تعلو مُرغياتٍ مُزبداتِ
فَلا بالقربِ أطمعُ من حبيبٍ= و لا بالعفوِ من ذي المَغفراتِ
قدِ اختَلَقتِ طبائعها و لكنْ = عليَّ رأيتُها مُتآزراتِ
بغيرِ النارِ ليستْ و هي تَسعى = بكلِّ جنودِها مُتوَعِّداتِ
و أخشى أن تكونَ عليَّ نفسي = غداً بينَ النفوس ِ الجانياتِ
أتَغلبُني على أمري ذنوبي =و منْ ضعفي تُقهقِهُ ساخراتِ
و بي لمحمَّدٍ و بنيهِ حُبٌ =تَوَطَّنَ في صميمِ صميمِ ذاتي
فيا آلَ النبَيِّ غداً خذوني = بِعَفوِكمُ إذا حانتْ وفاتي
حسينُ تكادُ تنضبُ و هي بحرٌ = ينابيعُ العيونِ السَّاجماتِ
لنا منْ حبِّكَ المشهورِ ما لا = يقدَّرُ من صنوفِ النُّعمَيَاتِ
بهِ لا العاصفاتِ تَهُبُّ ناراً =نخافُ و لا الرُّعودَ القاصفاتِ
سفائِنُهُ بمَنْ يهواكَ تجري= على موج ِ الهدايةِ آمناتِ
فما زالَ الهوى فينا يرَوِّي = شرايينَ الحياةِ النّابضاتِ
ملايينُ الورَى نادتْكَ وَجداً= و غيرُكَ لمْ تكنْ بمنادياتِ
تطيرُ من الحنينِ إلى حبيبٍ= بأجنِحةِ القلوبِ الصَّادياتِ
إذا مالحزنُ دارَ بها احتَوَتْهُ= مُرَّحِّبةً بهِ مُتَلَطِّفاتِ
نكادُ نَخالُها شفَّتْ و رَقَّتْ= و شَعَّتْ كالنُجوم ِ السارياتِ
يكادُ الوحدُ يجعلُها خيالاً= و منكَ نَخالُها مُتَدانِياتِ
أراها و هي عاشقةٌ.. دماها = و أدمُعَها لِحُبِّكَ ناذراتِ
أيا قَبَسَ البوُّةِ سوفَ تَبقى = سراجَ نفوسِنا المُتحرِّراتِ
نِشيدَ الحبِّ يُشرِقُ في قلوبٍ = بِذِكْرِ حُسينِها مُتَرَنِّماتِ
و مَلحمةً تَفورُ دماً و نوراً =بنا ليستْ كباقي المَلْحَماتِ
سيبقى يا حُسينُ هواكَ شمساً= تُقبِّلُ دورَنا المُتَعانقِاتِ
و تَدْفَعُ عنْ سماءِ اللهِ دَفْعاً= سحائبَ فتنةٍ مُتراكِماتِ
بقدرةِ كافرينَ بكلِّ دينٍ =أبالسة َ الجحيم ِ مُسيَّراتِ
سَتَغدو إنْ دنونا منكَ عنَّا =و عنْ آفاقِنا مُستَبْعَداتِ
حسينُ هواكَ عفوُ اللهِ يمحو = مآثمَ بالخواطرِ عالقاتِ
و سِلْمٌ رائعُ الإشراق ِ حربٌ =على نَزعاتنا المُتًنازعاتِ
رحيلُكَ يَبْعثُ الأحزان َ فينا = بألوان ِ الحياةِ القاتماتِ
و للحريِّةِ الحمراءِ فيهِ =كلامٌ منْ عيون ِ المُعجزاتِ
تقولُ: دِما حسين ٍ سوفَ تحيا = عنِ المُستَضعفينَ مُحامياتِ
مَشاعلُها الشَّريفةُ سوفَ تبقى = على رغم الدُّجى مُتوَقِّداتِ
مشاعلَ رحمةٍ و هدىً و حق ٍ = لأجيال ِ الحياةِ الثائراتِ