حلّق بأغنى جنّةٍ غنّاءِ = معسولةِ الأنهارِ والأنداءِ
محفوفةٍ بملائكٍ لو حُرِّكت = أشجارُها مالوا على استحياءِ
وإذا الصَبا هبّت تهبّ كآدمٍ = لما مشى شوقا ً إلى حواء
وإذا تزغرد طيرها هيَ زغردتْْ = فاسمع نشيدَ الحُورِ في إصغاءِ
تتراقص الأضواءُ في أجوائها = يا ليت اسمي مرَّ في الأجواءِ
ياليتني تربٌ لأحضِن بذرها = وأنبِّتُ الأزهار من أحشائي
ياليتني ماءٌ يسيح بفيئها = ينسابُ من أرضٍ إلى علياءِ
حلِّق أيا طيفَ الهوى في جنّةٍ = مُدت منَ الأرضينَ للجوزاءِ
واسبحْ على أمواجِها مستنشِقاً = عِطرَ الربيعِ بموجه الوضّاءِ
وإذا مشيتَ على نعيمِ تُرابِها = سترى الترابَ يهُشّ في خُيَلاءِ
وتخال أنّ رجلَك قد مشتْ = في الأرض لكن فوقَ سبعِ سماءِ
وإذا تمايلتِ الزهورُ برقصةٍ = أو صفّقت فرَحا ً بلحنِ غناءِ
وإذا رأيتَ الحورَ تنثرُ طِيبَها = ينهل ّ مِسكُ عيونِها النجلاءِ
فاخلع هنا نعليك واسجد إنهُ = وُلد النبيُّ محمدٌ بضياءِ
ما بال اسمِك يا محمدُ كلما = يتلوهُ ميْتٌ عاد في الأحياءِ
ما سِرُّه ؟ ! لو كنتُ أعرفُ سرَّهُ = لقلبتُ هذا الكونَ بالإيماءِ
ما سره ؟ ! لو كنتُ أعرف سره = لرقيتُ في المعراجِ والإسراءِ
ما سره ؟ ! لو كنتُ أعرف سره = لرأيتَ تلك الشمسَ من أعضائي
يا مُلهمَ الصديق تفسيرَ الرُؤى = ألهمني تفسيراً إلى الأسماء
ألهمني ما معنى محمدٍ الهدى = فعلى هواهُ ستنحني أهوائي
حنّيتُ لاسمِك يا محمدُ في الورى = كحمامةٍ حنّت إلى الورقاءِ
فانثر حروفاً أربعاً في مهجتي = فبها سأمشي فوق سطح الماءِ
وإذا تلألأ في الوجودِ بريقُها = تأتي كمثل مليحة ٍ عذراءِ
وتحيل إن تتلى على صحرائِنا = غبراءَ قاحلة ً إلى خضراءِ
يا أحرفاً قولي فأمرُكِ واجبٌ = لا ما أشاءُ فأنتِ أنتِ تشائي
( ياليتني لِصٌ فأسرِقَ ) اسمهُ = لأطيرَ بينَ كواكبٍ وسماءِ
يا سيدي ما بعدَ جنتِك التي = وُصفت سوى عصرٍ منَ الظَلماءِ
يا سيدي ما بعد سيفِك قاطعٌ = شُلت سيوفُ الركّعِ الجبناءِ
يلِجُ الطغاة بسُمهِم في قلبنا = والحاكمون بنشوةِ الصَّهباءِ
يلج الطغاة ؟!! همُ الطغاةُ بأمةٍ = حكامُها مُسِخوا إلى أهواءِ
قد شيّعوا نعشَ العروبةِ واكتفَوا = أن يحكمُوا بعُروبة ٍ شوهاءِ
حكامُنا جمعا ً أبادوا أمة ً = في القدسِ في بغدادَ في صنعاءِ
شفراتهم تلتذّ في عُنُق الشعو = بِ ويطربون لمنظرِ الأشلاءِ
همْ كلُهم قتلوا لباقرِ صدرِنا = هم كلهم سفكُوا دمَ الشهداءِ
هم كلهم وقفوا كصف ٍ واحد ٍ = ضدّ الخمينيْ سيدِ الأمناءِ
هم كلهم قد أرقصوا صدامَهم = في الرافِدَينِ كرقصةِ الحسناءِ
أقسمت إنْ كانوا مثالَ عروبة ٍ = فعلى العروبةِ لعنةُ الشعراءِ
يا سيدي ما بعد شمسِك مَطلعٌ = صِرنا بعمق الصخرةِ الصَّماءِ
ما عاد قلبٌ في الصدورِ ولم يعُدْ = في روحِنا من ذرة ٍ بيضاءِ
فمُرقَّط ٌ تحيا الوُحوشُ بسُمِّه = ويخالُهُ الطاووسَ فينا الرائي
ومعممٌ قد جاء يَسقي ربَّه = خمراً ليلهوَ عن دمِ الشهداءِ
ومؤذنٌ ملأ المآذنَ صوتُهُ = ويداهُ ترقصُ في نزيفِ دماءِ
ولَهاتُهُ كم كَررت تكبيرة ً = لكنها تكبيرةُ الأهواءِ
أو عابد يقضي اللياليَ ساجدا ً = وابليسُ يملأ ُ سبعةَ الأعضاءِ
أو شاعرٌ قد لفَّ بحرَ قصيدة ٍ = ما بينَ أعناقٍ لنا حمراءِ
عزَف القوافيَ من مفيضٍ رؤوسِنا = وغدا كجارية ٍ بسوقِ إماءِ
ومنافقٌ يفري الوريدَ بسيفهِ = يرثي الوريدَ بأدمُعِ الخَنساءِ
يا سيدي أشرقْ بطلعةِ بدرِكُمْ = تِهنا بظُلمةِ ليلةٍ ليلاءِ
حلّق بأغنى جنةٍ غنّاءِ = معسولةِ الأنهارِ والأنداءِ