القصيدة الحائزة على الجائزة الأولى في مسابقة الجود في دورتها الرابعة
كلُّ الجراحِ إلى عينيكَ ترتفعُ=يا سيدَ الماء هل في القلبِ مُتّسعُ ؟
يا سيدَ الوجع الممتدّ أشرعة=ما زال ينبضُ فيهِ حزنُكَ الورِعُ
سكبتَ روحَكَ فوق الماء فانبجستْ=دماؤهُ وتلاشى الخوفُ والهلعُ
صنعتَ كونًا من اللاخوف منبعُهُ=قلبٌ بكلِّ شموخ الأرض يلتمعُ
وصغتَ نهرًا من الأحزانِ لا سُحبٌ=تغفو على ضفتيهِ حين تنقشعُ
لا ماءَ في النهر كانَ الدمعُ يُخجلهُ=لتستحيلَ رمادًا تلكم الجُرَعُ
مددتَ للجودِ كفًا لو لمستَ بها=جرحَ السماء توارى دونهُ الوجعُ
وكنتَ تدنو وكان النهرُ من خجلٍ=ينأى وحيدًا ومن خذلانهِ يقعُ !
غدوتَ ترسمُ فوق الماء ملحمة=أبطالُها من جلالِ العرش قد صُنعوا
فعانقوا الشمسَ كان القتلُ عادتهم=فعلموا المجد مجدا حينما فُجعوا
وصبية كرفيفِ الفجر شتّتَهم=شملُ الفراتِ ومن حرمانه رضعوا !
عذرًا (أبا مخنفٍ) ما زلتُ أنكرها=وربما قالَ بعضُ الناس : مبتدعُ !
هبني أصدِّقُ أنَّ الراية انكسرتْ=أو أنَّ نهرًا هوى فاستيقظ الجزعُ !
فكيف أؤمنُ أنَّ الكفَّ قد قُطِعتْ=وأنَّ عينًا بسهم الحقدِ تنصدعُ ؟
عباسُ يُمسكُ روحَ الكون في يدهِ=فكيفَ تُمسكهُ كفٌّ ستنقطعُ ؟!
ما زالَ عباسُ حيًا كنتُ أرمقهُ=يحنو علينا بحبٍّ حين نجتمعُ
لو كان للموتِ شيء من شجاعتهِ=لما تريثَ حتى يوغلَ الوجعُ
عبرتُ ألفًا من الأعوام مشرعة=علِّي إلى ذكرياتِ الطفِّ أرتفعُ
عبرتُها كان عمرُ الأرض ملحمة=للثائرين بوجهِ الخوفِ تنزرعُ
رأيتُ نهرًا عظيمًا كان منشتلا=بقلبِ زينب يسقي ماءَهُ الورَعُ
ومذ هوى كان وجهُ الماء يرمقهُ=بنظرةٍ لا يعيها غير من صُرعوا
وأنجمًا كانت الصحراءُ تحرسهمْ=يغزو السماءَ ضياءٌ كلما سطعوا
يا سيدَ الماء صوتُ الله أيقظني=فعانقَ الأمسَ قلبٌ نصفهُ فزعُ
قلبٌ يطأطئ هامَ الغيم من ولع ٍ=بوحي جودِك يسمو ذلك الولعُ
كلُّ القصائد إنشاءٌ وقافية=ومذ مدحتُكَ صار الشعرُ يندلعُ !
علمتَني كيف يغدو الشعرُ بسملة=وكيف تخجلُ من آياتهِ البدعُ
ما كان ذلك شعرًا كان محضَ دمٍ=وأحرفًا من بقايا الروح تُنتزعُ
حقيقة أنتَ لا طيفٌ فيُبعدني=عنكَ السهادُ ولا قولٌ فيُختَرعُ
سمعتَ صوتًا فكان الردُّ منك دمًا=وما استجابوا له لكنهمْ سمعوا