وحيد مع الجرح الغزير أنادمه=وأعبر أنا قاذفتني عوالمه
تشكلني هذي الهموم كأنما=قوامي الأسى الفنان بالدمع راسمه
وتكتبني بيتاً من الشعر ناثراً=تحير في أشجى معانيه ناظمه
أنا ذلك المولود طفلاً مسهّداً=أنيطت على جرح الحسين تمائمه
ترضّعت في حجر الطفوف إباءها=رضاعاً وحق الحزن قد عزّ فاطمه
أنا من جراح الطف جرح مكرر=غريب عصيُ على البرئ كلت مراهمه
تورّث منها البذل لم يطرق الفدا=على جرحي الأبواب الا سخى دمه
عنيد كما جرح الحسين مزاجه=تورق فيه للقيامة ظالمه
أنا بعض بارود الطفوف تجمعت=على شكل غيظٍ خاسر من يخاصمه
أنا إنما العباس بعض ذخيرتي=كفاني اسمه أنّي على الروح لاغمه
بمقدار ما استشرى الأسى في حكايتي=تماهى الإبا ظلا ظليلاً يلازمه
على صرخة الزلزال يصحو هديره=وفي مدمع البركان يحرق ساجمه
قليل كهذا الحزن يكفي مولّهاً=لأن يشعل الدنيا إذا قام قائمه
حسين وإني بعد لم أذكر الهوى=إذا هبّ هذا الاسم هبتّ نسائمه
لنا في معاني العشق عشق مدجج=يهاجمنا طوراً وطوراً نهاجمه
وفي لهفنا جيش من الحبّ باسل=إلى جسمك المدمى أعيرت جماجمه
وألف جنونٍ من سلالة عابسٍ=على هامة العشاق طارت حمائمه
غزير كهذا العشق لا شيء في المدى=سوى جرحك الدفاق فينا يلائمه
كبرنا مع العشاق لم يفهم الهوى=كم قلبنا المفتون في الطف فاهمه
فصرنا مزيجا من الحبّ والإبا=يطوف به هذا الأسى وغمائمه
يقاسمنا همّ الحسين همومنا=وأجمل ما في العمر أنّا نقاسمه
على كل جرحٍ نازفٍ سال جرحه=يمازجه في لونه ويناغمه
يداوي سقام العالمين عليله=وتخمد حزن الأمهات فواطمه
ويرهم أوجاع الطفولة طفله=ويطلع في قتل الشبيبة قاسمه
ولو قارن الشاكي عظيم بلاءِه=بمن يفقد العبّاس هانت عظائمه
صعدنا على الأحزان نزفاً وجرحه=إلى بعد هذا الحزن تفضي سلالمه
ينبئنا ذاك الذبيح عن الدما=وشلالها العاتي اذا فاض عارمه
ويخبرنا عن نصره ودماءه=فإن الدمّ المظلوم لا شيء هازمه
إذا شهر المظلوم سيف نجيعه=فلا شكّ تنبو للظلوم صوارمه
فقد تبرم الأوداج ألف مهندٍ =تباهى على الأزمان من ذاك راغمه
إذا فار تنور الدماء فأينما =يدير يزيد الطرف لا شيء عاصمه
كفى العالم الغابي من الرعب أنه=ينام وكابوس الرضيع يداهمه
ويصحو رهين الخوف والذل إن صحى=على خنصر السبط المسلب خاتمه
وأما أنا والحزن والحبّ والإبا=مزيج بأرض الطفّ شدّت قوائمه
أنا اللفظة البكر التي أشعلت بها=قواميس أسرار الولا ومعاجمه
تربيت في مهدِ المواكب لم أعِر=ضجيج المدى سمعي إذا لام لائمه
أنا هاهنا المزروع في التربة التي=تنامى بها نبت الولا وبراعمه
أنا المحفور كل عقيدتي تراب =ي الذي ما كنت يوماً أساومه
تعاهدت والمظلوم من يوم ذبحه=على مسمع النخلات تُحيى مآتمه
أنا صوته المبحوح غاية مطمحي=إذا كتبوا ما بين عينيه خادِمُه