مصائب آل يعقوب "مشهد مسرحي" السيد جعفر الفرزدق الديري
مصائب آل يعقوب "مشهد مسرحي"
(محمد بن الحنفية على فراش مرضه وعنده ولديه جعفر وعلي)
جعفر: ألا تزال هذه الجمرة في قلبك أبي؟
بن الحنفية: (باكيا) بلى والله.. انها لم تهدأ يوما.
علي: هوّن عليك أبي.. انك لاتزال تبكي حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين.
بن الحنفية: كيف؟! ألم يخرج أخي وحبيبي حسين دون أن أكون إلى جواره؟!
جعفر: لكنك شديد المرض أبي!
بن الحنفية: وهل يشفع لي المرض؟
جعفر: انك أحدَ رجال الدهر في العلم والزهد والعبادة والشجاعة، ولا يشك أحد في فضلك.
بن الحنفية: ان الحسين أعلَمُنا، وأثقَلُنا حِلْماً، وأقرَبُنا مِن رسول الله صلّى الله عليه وآله رَحِماً، وكان إماماً فقيهاً. ليتني واسيته بنفسي
جعفر: (ينشج باكيا) الله الله في نفسك أبي.
بن الحنفية: لا حياة بعد الحسين يا ولدي.
علي: انك لم تتكلم بين يدَي أبي عبدالله؛ يوما إعظاماً له.. ألم يكن أمير المؤمنين علي يقدّمك في المعارك، ويضنّ بالحسن والحسين؟
بن الحنفية: بلى.. وكنت أقول ان الحسنُ والحسين عينَا أبي وكنتُ يَدَيه، والمرءُ يَفتدي عينيه بيدَيه، فهل فديته ولدي؟
(يسمع بكاء ونواح وعويل صادر عن خارج الدار)
بن الحنفية: (مذعورا) ما هذه الضجة ماذا يحدث؟
(هشام غلام بن الحنفية يقرع الباب مستأذنا)
علي: من بالباب؟
هشام: أنا هشام سيدي؟
بن الحنفية: أدخل هشام
(يدخل هشام)
بن الحنفية: ماذا يحدث هشام؟
هشام: (في أسى ظاهر) جلعت فداك يا ابن أمير المؤمنين إن أخاك الحسين أتى من الكوفة وقد غدر أهل الكوفة بابن عمك مسلم بن عقيل فرجع عنهم وأتى بأهله وأصحابه.
بن الحنفية (متوثبا): ولِمَ لمْ يدخل عليّ أخي؟
هشام: ينتظر قدومك.
بن الحنفية: (محاولا النهوض مرارا) لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، تلك والله مصائب آل يعقوب. قدّموا إليّ جوادي.
(ينتقل المنظر الى خارج المدينة.. أعلام سود، نساء يضربن صدورهن، ورجال يقرعون رؤوسهم)
بن الحنفية: (في هلع) ما هذه الأعلام السود، والله قتل بنو أمية الحسين، واحسيناه (يسقط على الأرض مغشيا عليه).
بن الحنفية: (يفتح عينيه مذعورا فيجد رأسه في حجر الامام زين العابدين) يا ابن أخي، أين أخي، أين قرة عيني، أين نور بصري، أين أبوك، أين خليفة أبي، أين أخي الحسين (ع)؟
زين العابدين (باكيا): يا عماه أتيتك يتيما ليس معي إلا نساء حاسرات، في الذيول عاثرات ناعيات نادبات، وللحامي فاقدات. يا عماه لو تنظر إلى أخيك يستغيث فلا يغاث، ويستجير فلا يجار، قتل عطشانا، والماء يشربه الحيوان.
بن الحنفية: واللهِ كنتُ أتوقّع ما أصابه، فعند الله نحتسبه، ونسأله الأجر وحسن الخَلَف. يا أبن أخي قصَّ عليّ ما أصابكم.