قالت الظبية يوماً=هل تحب عين الظباء ؟
قلت : عيني مذ رأتها=أصبحت تبكي دماء
و غدا القلب هلوعاً= يرتجي مسح السماء
وأتيت النهر كي أغسل ذنبي
فهل النهر لذنبي يتحمل؟
جئت يا نهر لأسبحْ = كي تزيل الهم عنّي
غصت في النهر بعيداً= تاركاً عني شجوني
فإذا بالنهر يصرخْ = أيها الناس اتركوني
قلت يا نهر لماذا لا تطقني
فطريقي شائكٌ هيّا تحمّل
سرت في الدرب وحيداً= وحذائي قد تكسّرْ
شائكٌ دربي لهذا = صرت فيه أتعثّر
ولهيب الشمس يحرقْ = ودموعي تتحدر
ووحوش البر حولي ودواب ال
أرض تحتي , كل هذا أتحمّل ؟
إن جسمي لضعيفٌ =إن زادي لقليلْ
إن جسمي لنحيفٌ =إن دربي لطويل
نازلاً وادٍ مخيفاً= صاعداً تلاً مهيل
حاملاً ثقلي على ظهري و ظهري
لم يعد من كل هذا يتحمّل
غيمةٌ بيضاءُ جاءت = لتظللْ فوق رأسي
وتريني الدرب حقاً = سالكاً دربي بنفسي
و طريقاً مستنيراً = ليس فيه أي بؤسِ
حينها صرت نشيطاً وقويا
طال دربي أو تقاصرلي تحمّل
و إذا النور أمامي=وحذائي قد تجدّدْ
و مياهٌ جارياتٍ=طعمها شهدٌ وأجود
وطريقي صار سهلاً=بين أشجارٍ و مقعد
وإذا الصوت ينادي , كل هذا
كل هذا لحبيبٍ قد تحمّل
صرت كالطير أرفرفْ = أينما شئت أطيرْ
ونسيم الريح يحملْ = بين ردنيه عبير
كلّما أطلب شيئاً = قبلما أومي يصير
و إذا بالصوت يدوي, كل هذا
و ضلوعي لم يعد فيها تحمّل
قمت من نومي وحيداً = و إذا بالناس حولي
كلهم يصرخ واهاً = من عذاباتي وذلي
بعضهم كالنمل يدبو = صارخا من كان مثلي
عارياً يبكي بذلٍ وينادي
لا تدوسوني فمالي من تحمّل
ورأيت الكل يبكي = ناسياً كل خليلْ
وشباباً شاب حزناً = وعزيزاً كالذليل
وفقيراً تاه عزاً = تارك الهم الثقيل
وأناساً سابحي في عرقٍ
يا إلهي جسمنا هل يتحمّل؟
و صحافاً طائراتٍ = و موازيناً أعدّت
و كتاباً في يمينٍ = لجنان الخلد تاقت
شاكروا رباً كريما= بعضهم يسراه مُدّت
شاكياً من سوء فعلٍ وينادي
ببكاءٍ إنني لا أتحمّل
لا تسلني عن همومي = قد أشاب الهم رأسي
وذهولي من وقوفي = بين أخيارٍ و رجس
وأناسٍ ظلموا النا= س بلا حق ولبس
كلهم يبكي من الماضي ويصرخ
اتركوني إنّني لا أتحمّل
كبّلوهم بسلاسل = من حديد كالعبيدْ
وإلى النار أتوهم = وسقوهم من صديد
من فروجٍ زانياتٍ = من حميمٍ, و وعيد
ومصارين تُفتّت ثم ترجع
عجباً, أي جسمٍ يتحمّل
بعضَهم يهوي سحيقاً = ثم يسحب بالحبالْ
بعضهم من لسع عقرب = و أفاعٍ كالجمال
لحمهم قد ذاب حقاً = ثم عادوا للوبال
و رياحٌ تزكم الأنف سريعاً
أي أنفٍ كل هذا يتحمّل!
جسمَهم يُشوى سريعاً = ويقلّب بالسفودْ
ثم يلقى فوق صخرٍ= بمقامع من حديد
ثم يؤتى من جديدٍ = بصراخٍ كالرعود
بصراخٍ يفطر الصم الصلود
أيّ أذنٍ كل هذا تتحمّل!
هذه العين الضعيفةْ = كم تلاقي من حَرورْ
من لهيبٍ و دخانٍ = ومخازٍ وشرور
من كريه الشكل واللو = ن مخيفاً , يا مجير
وعذاباتٍ تراها من قريبٍ
و بعيدٍ , أيّ عينٍ تتحمّل !
بعضهم يأكل ناراً = ثم يصرخْ من جنون
بعضهم يأكل زقّو = ماً فتغلي في البطون
بعضهم في حفرة يب = كي منادٍ يا منون
إن عظمي قد تكسّر , إن لحمي
قد تنثّر , إنني لا أتحمل
ومخاخاً سائلاتٍ = من شهيقٍ و زفيرْ
وكليّاتٍ نضاج = و جلوداً في سعير
و قلوباً ذائباتٍ = تشتكي سوء المصير
وبكاءً وعويلاً و صراخْ
إرحمونا إننا لا نتحمّل
وتوابيتاً تضجّ ال = نار من أصحابها
كلهم يدعو ثبوراً = ع الذي قد صابها
أيها النار دعيني = لحظةً أو بعضها
ليتني كنت تراباً يا لتعسي
أي أحوالٍ بجسمي أتحمّل
جزتها فوق صراطٍ = بين خوفٍ و رجاء
و طريقي رغم هذا= عقباتٌ و بلاء
وإذا بالصوت يدعو = "ياعليٌ " بالهناء
قلت: من هذا , حسينٌ؟ قال: أهلا
قلت: جسمي واهنٌ لا يتحمّل
وإذا الأنوار حولي = يقدم القوم محمدْ
وسقاني حيدرٌ كأ = ساً رويّاً ومخلّد
فإذا جسمي ربيعٌ = كلّ ما فيه تجدّد
طعمه أحلى من الشهد و أجمل
يا شراباً تركه لا يتحمّل
قلت شكري يا إلهي = وسلامي للأماجدْ
إذ أنا أنظر تحتي = جاءني صوت مناشد
من عزيزٍ و قريبٍ = "ياعلي"هل من مساعد
ها أنا صرت عزيزاً بعد ذلِّ
وصحابي ترتجي , هل أتحمّل؟
عن يميني و شمالي = كلها تزهر نوراً
ولواء الحمد في كف =ف "عليٍ " يا سرورا
و حبيب الله أحمد = سيد الخلق الطهورا
باسم الثغر ينادي : أمتي من
تبعوني ، فقدهم لا أتحمّل
عن يمين العرش أحمد = وعليٌّ بحذاه
و مصابيحٌ تلالا = كالثريا في علاه
كلّهم ينقذ روحاً = من جهنم بسناه
بعضهم ينشد حقاً وينادي :
أنقذوني ، فقدكم لا أتحمّل
ثم ساروا كوفودٍ = ذاهبي نحو الجنان
كلهم يحمد ربي = ومشيراً بالبنان
هذه جنة خلدٍ = نحن فيها في أمان
كلّما تطلب فيها فاسمحوا لي
إنّ شعري وصفها لا يتحمّل
15/10/2007