"سنونوة الموالين*"

* تقول الروايات و الحكايات التراثية أنّ طائر السنونو الذي يأتي الى بلادنا مع بداية فصل الربيع لا يجوز اصطياده لأنه صبغ نحره الأحمر بدم الحسين –عليه السلام يوم عاشوراء.

د. حسن آل حطيط ألعاملي

1
سنونوة دأبت على مرّ العصور
تلفّ الدنى تطوف تدور
حول قباب المراقد و القبور
لتترع صدرها بجوى الصدور
و تمرّغ نحرها بدم النحور
و تنوح فوق كل مدينة:
أنا السنونوة الحزينة
ولدت في حضن الشقاء
حملت أحزاني الدفينة
الى كل أنحاء السماء
أنا السنونوة الحزينة
اعتمرت بأصداء البلاء
من كل فم في كربلاء
اضطرم ظمأ قرب الماء!
أنا السنونوة الحزينة
اعتصمت بأحزان الفضاء
من كل دم في كربلاء
بكته السبايا في العراء!

2
سنونوة دأبت على مرّ السنين
تسافر تهاجر لا تستكين
لتسمع أرواح الموالين
أنفاس المحبة و الحنين
من كل أرض هوت فيها سماء
من كل سماء بكى فيها الضياء
على من كان نورا للسائرين
سنونوة دأبت على مرّ السنين
تسافر تهاجر لا تستكين
لتسمع أفئدة الموالين
أجراس العويل و الأنين
من كل درب مات فيه الربيع
من كل أفق سال فيه النجيع
على من كان طهرا للطاهرين

3
سنونوة دأبت تزورني في السرّ
لتحكي لي عمّا جرى من أمر
على المنكّس قدرها
على المحاصر بيتها
على المهشّم ضلعها
على المقتول زوجها
في سجدة الفجر
على المسمومين في الظلمات
على المذبوحين بالفلوات
على المقهورين بالنكبات
على المنتظرين الحقّ
في نهضة الأمر!
سنونوة دأبت تزورني في السرّ
لتحكي لي عمّا جرى من أمر
على الذي قتلوه عطشانا
على الذي تركوه أيّاما
مقطّعا و مسلوبا
على النهر!
على الذي نحروه
على الذي ذبحوه
و عقّبوا بذبحه صلاتهم
في الظهر!
على الرأس الذي رفعوه
على الصوت الذي سمعوه
مما تلاه السبط
في النحر!

4
سنونوة دأبت تأتي الى قبري
لتكتب بدمعها المدميّ بالقهر:
أنا سنونوة الموالين
ولدت من دمع الولاء
لأحمل دمع الموالين
لكل أحداق الفضاء!
أنا سنونوة الموالين
أطير في كنف الفداء
أزوركم حين تولدون
أزوركم حين تدفنون
أبلّغكم مواساة السماء!