في رثاء البضعة الزهراء (8) الشيخ حسن القيسي البحراني
وقال رحمه الله يرثي السيدة فاطمة الزهراء (ع)
ما لي أرى حسرتي لا تنقضي جزعا=ومدمعي مثل غيث جاء منهمعا
ونارُ وجدي وأحزاني لها سُعرٌ=يكاد يحرق قلبي كلما اندفعا
أحنُّ من ألم تكوى به كبدي=وكنت من قبل ذا لا أعرف الوجعا
أهل شجاني حطامٌ كنت أجمعه=وكان يفرحني يوماً إذا جُمعا؟
وقد تولى وعني فات بارقُهُ=وأفلست منه كفي ثم ما رجعا
أم هل شُجيت للذاتٍ وقد فُقدت=مني فأصبحت من تذاكرها ولعا؟
أم هل شُجيت لأحبابٍ وقد رحلوا=عني فعدتُ حزيناً أصحب الجزعا
كلا وحقِّ الذي تفهو القلوب له=ربّ تعالى عن المخلوقِ وارتفعا
ما شفني المال والدنيا ولذاتها=ولا أحبةُ قلبٍ ركبهم طلعا
ففارقوني وقد شطَّ البعاد بهم=ضعن لهم حزم البيداء قد قطعا
لكنما شفني وجدُ البتولة من=بعد الرسول عليها الهمُّ قد وقعا
تصيح والهمُّ أشجاها وأرقها ال=بكاءُ فالنوم من أجفانها انقطعا
فجسمها من لهيب الحزن مشتعلٌ=وقلبها من تصاريفٍ به انصدعا
تبكي وهل مثلها يبكي الحمام على=غصن من الدوح طول الليل ما هجعا
بأدمعٍ حكت العقيان منتثرا=على الربى وبعقد الخود قد رُصعا
هذي يتاماي لو ترنو لهم وعلى=وجوههم ألم البرحاء قد سفعا
لرق قلبك مما نالهم وجرت=منك المدامع حزنا كالعقيق معا
يا والدي شفني فرقاك يا أملي=وانهدَّ ركني لمَّا وحيك انقطعا
حتى كأني غريبُ الحيِّ ليس له=سلوان قلب وفي أحزانه ادَّرعا
يا بنت خير نبيٍّ ما له مثلٌ=وفي القيامة شفَّاعٌ إذا شفعا
مصابك الإدِّ أبكى الأرض قاطبة=حزناً وطرف السما من هوله دمعا
كما وأشجى محبيكِ فوجدهمُ=وجد الحزين ومنه النوم قد منعا
مسهد طول ليل ما له جفنٌ=غاف يئن بأفعى الهمِّ قد لُسعا
أهم لأي الرزايا يندبون ومن=أيِّ المصائب يجري دمعهم جزعا
أللضلوع التي كانت مكسرةً=بين الجدار ومنها المرتضى افتجعا؟
أم للجنين الذي قد خر مطَّرحا=على التراب ومنه النور قد سطعا؟
أم يندبون لعينٍ منك قد لُطمت=فأصبحت وهي حمرا دمعها قِطَعا؟
أم يندبون لسوط الحقد وهو على=متنيك يا بنت طه المصطفى وقعا؟
فيا لها من رزايا لو درى جبلٌ=بها لهدَّ ذراه مائلاً فزعا
صلى الإله عليكم ما نشا سحبٌ=بالغيث يهمي وما بدر الدجى طلعا