كفأ الإله إناءها
ديوان السيد حيدر الحلي
كفأ الإلهُ إناءَها=دنياً أطلتُ هجاءَها
سلني بها فلقد قتلتُ=بخبرتي أنباءها
وحلبتُ أشطرها معاً=ومعاً مخضت سقاءها
ولها مواضعُ نقبِها=ثقة ً وضعتُ هناءها
قالآن أنطق أن=سبرن تجاربي آناءها
هي مَن خبرتُ طباعَها=لما خطيتُ وراءها
فوجدت فاركة ً وقلتُ=أرى الطلاق دواءها
عنها إليك فإنها=تدع القلوبَ وراءها
لا تعزمنَّ بها البناء=ودع لها أنباءها
ذاتُ التلوّن ما أقلّ=على الصفاء وفاءها
قلبُ الخدائع كلها=غمست بهنَّ دِلاءها
كم أنفسٍ ملكت=بزبرج حسنها أهواءها
دهياءُ إلا أنها جهل=الأنامُ دهاءَها
أبداً تدبُّ بها الهمومُ=إلى النفوس ضُراءها
خبأتْ خشونة غدرِها=لمن استلان وطاءها
كالصلِّ: لكن لا يصيبُ=لديغها رقّاءها
خرقاء تُدعي بالصناع=يداً، فدع خرقاءها
لا ترجُ نائلها، فكم=قطعت يداً ورجاءها
وبهدم عمركِ قد سعت=فلمن نريد بناءها؟
اليوم ترشفُ زهوها=وغداً تعالجُ داءها
ما إن حمدتَ صباحها=إلا ذممتَ مساءها
دارُ الفجايع، والروايع=ما أشق عناءها!!
يا ناعماً حتى كأنك=لم تخفْ بأساءها
لا تطلبنَّ بها البقاءَ=فقد عرفتَ فناءها
ولقد سمعتَ وكان أفضعُ=ما سمعت نداءها
أبنى التي أكلت=بأضراسِ البلا أبناءها؟
أوما كفاكم أنها=سقت الردى أكفاءها؟
طوت المقاولَ كلها=وتحيَّفت أذواءها
ولكم سعت ببشارة ٍ=لبس الزمانُ بهاءها
فغدت على إثر البشير=بها تطيل نعاءها
ولكم دعت بكريمة ٍ=والموتُ كان دعاءها
فاستُودعت جدثاً أرى=منه أضمَّ خباءها
وأرى الخفارة خدرها=وعفافها، وحياءَها
وأراكَ في دار المكارم=ما أجلَّ عزاءها
مرضت له اليوم=السماءُ بكاسفٍ أضواءها
وبكت لغلَة مَن بهم=سق البسيطة ماءها
والأرض أضحت=تقشعرُّ مرجفٍ غبراءها
رجَّت لوجد الممسكين=بحلمهم أرجاءها
وعرا القذا عينَ الزمان=لمن جلوا أقذاءها
يا خجلة الدنيا لِما=لقيت به عظماءها
وغلطتُ فيما قلتُ،=بل يا ما أقلّ حياءها
أو ما على دار=النبوَّة تابعت أرزاءها؟
صدعت بهن حشا الهدى=صدعَ الردى أحشاءها
كم مرَّ من يومٍ=نوايحه تعط ملاءها
فأتى بقارعة ٍ تزلزل=أرضها وسماءها
طرقت حمى الدار التي=لبس الورى نعماءها
دارٌ بها فتح الرشاد=بخاتمٍ علماءها
السيدُ المهديُّ أكرم=من وطا حصباءها
منه بواحدها الشريعة=كاثرت أعداءها
هذا الذي ببقائه=حفظ الإلهُ بقاءها
للفضل ما ارتفعت=سماً إلا وكان ذكاءها
هو آية الله التي=كست الهدى لألاءها
وأبو كواكبَ لا تضييء=النيّراتُ ضياءها
أنوار وحيٍ لا رأت=عينُ الهدى إطفاءها
ونفوسُ قدسٍ قلَّ أن=تغدو النفوس فداءها
هم أسرة ُ الدين التي=فرضَ الإلهُ ولاءها
ولها بواجب ودَّها=صفت القلوب صفاءها
بسطت على الدنيا=أكفاً ما تغبُّ سخاءها
وست بفضلهم الرواة=ففضَّلت أنباءها
وروت بجعفرهم لحائمة=الرجاء رواءها
ذاك الذي نشرت عليه=المكرماتُ لواءها
ومشى على قدمِ غدا=وجهُ الحسود حذاءها
ناهيك من قمرٍ على=الدنيا أعاد بهاءها
مِن بعدما لبست لفقدِ=كرامها ظلماءها
هو للزعامة صالحٌ=شرفاً رقى علياءها
ما حيلتي؟ فله مناقبُ=أفحمت شعراءها
لو استطيع إذاً نظمتُ=من النجوم ثناءها
فهو الذي في ظله=رأت الورى استذراءها
واستدفعتْ فيه على=أن لا مُغيثَ بلاءها
واستكشفت عنها=بوجه محمدٍ غماءها
وعيونها بحسينها=رمقتْ وكان ضياءها
بيضُ الوجوه غطارفٌ=نسجَ الفخارُ رداءها
في الشتوة الغبراء لا=تغني الكرامُ غناءها
من درجة وجدتْ بماءِ=المكرمات رواءها
نشأت تظللُ في الورى=أفنانُها أفياءها
أبني الزمان دعوا=كواكبَ هاشمٍ وسماءها
فيؤا إليكم عن عُلاً=لهم الإلهُ أفاءها
يا أسرة ً خدمتْ=ملائكة السما آباءها
فطر الإلهُ من الجبالِ=حلومَها وعلاءها
لو تفرشون بقدركم=لفرشتم خضراءها
أولستم المتجاوزين=بمجدكم جوزاءها
أمناءَ دين الله=سادة َ خلقه أمناءها
بين الإلهِ وبينها=وجدتكمُ سفراءها
ركبت سحابة رحمة ٍ=من ذي الرياح رُخاءها
وسرت على الدنيا من=الفردوس تحمل ماءها
فسقت ضريحاً عنكم=ختمت به أرزاءها