ماذا تريدين بالدنيا يد القدر
ديوان السيد حيدر الحلي
ماذا تريدين بالدنيا يدَ القدرِ=لقد ذهبت بسمع الدهر والبصرِ
سوَّدتِ مشرقها القاصى ومغربها=بكاسف الأبيضين الشمس والقمرِ
وغودر الأفقُ معتلاً وأنجمه من=غائرِ ضوؤه منها ومنكدر
وأصبح النجف الأعلى يغصُّ=شجى ً لله ما صنعت فيه يدُ الغيَر
طويتِ خيرَ معدٍّ كلها نسباً و=أكرمَ الناس من بادِ ومحتضر
طأطأتِ من هاشمٍ للأرض هام=على ً ما طأطأتها ظبا الهندية البتر
أرغمتِ منها أنوفاً كلُها شممٌ ما=أرغمت بين أطراف القنا السمر
أريتها يومَها من قبلُ حين سرت=بمشبع الطير في أعوامها الغبر
فاسأل بها اليوم هل وارت "محمدهَا"=أم شيبة الحمد في ذاك الثرى العطر
خطبٌ لوت عنقَ الإسلام منه يدٌ=يا شلَّها اللهُ قد ألوت على مضر
مضى بأجمعها قلباً وأقطعها=غرباً وأمنعها للخائف الحذر
فالآن لم يبقَ كهفٌ للمروع و=لا مأوى ً يحطُّ إليه راكبُ الخطر
قد طوّحت جبلَ المجد المنيف عُلى ً=على الورى نكباتُ الحادث النكر
يا من عن المجد أضحى مزمعاً سفراً=ما كان أبرحه للمجد من سفر
أمهل فواقا فزوِّد أنفساً بقيت=موقوفة ً فيك بين البثِّ والفكر
قل للنوائب ما من غاية ٍ بقيت=وراءَ هذا فأنّى شئتِ فابتدري
تالله زلزلت الدنيا بقارعة ٍ=من القيامة نادت بالسما انفطرى
هوّن عليك وإنْ داعي المنون=دعا يا أنجمَ الفضل من آفاقك انتثري
لا تحسب الملّة الغرّاء قد بقيت=بعد الذين مضوا عنها بلا وزر
هيهات قد حفظ الباري محجّتها=البيضاءَ بالخلف "المهديَّ" من مضر
بقائمٍ بهدانا غير منتظرٍ=ينوب عن قائم بالأمر منتظر
له نفائسُ علمٍ كلُّها دررٌ=والبحرُ يبرز منه أنفس الدرر
لو أصبحت علماءُ الأرض واردة ً=منه لما رغبت عنه إلى الصدر
مقدَّمٌ بين أهل الفضل قد عُرفتْ=له الرياسة ُ في الماضي من العصر
يفوق في المدح عينَ القوم أثرهم=ومدحه شرعٌ في العين والأثر
أغرُّ يبسط كفاً لا تقوم لها=بشكر ما صنعته ألسنُ البشر
هذي سما الدين فانظر زينتُها=بأنجم العلم من أبناثها الزهر
فروعُ دوحة مجدٍ أثمرتْ كرماً=للمعتفين وكم فرع بلا ثمر
أبناؤهم زهرٌ آثارهم زبرٌ=آلاؤهم مطرٌ يغنى عن المطر
كأنما خلقَ الله الورى صوراً=جميعَها وهم الأرواحُ للصور
يا من غفرنا ذنوبَ الحادثات=به وكلها ليس لولاه بمغتفر
بك الهدى قد تعزّى في رزَّيته=عن ذاهبٍ لم يدع صبراً لمصطبر
فاسلم وحسبُك عنه سلوة ً بعليِّ=القدر سيّد أهل الرأي والخطر
و"بالحسين" أخي العلياء تلوهما=في الفضل واحد أهل الرأي والنظر
وبالنقيِّ "على ٍّ" فرع دوحته و=كلُّهم طاب منه معقدُ الأزر
قومٌ إذا ذكروا بحرَ العلوم سموا=إلى العُلى حيث لا مرقى لمفتخر
ولا تزال غوادي السحب واكفة ً=تعتاده بين منهلٍّ ومنهمر
حتى يعودَ ثراه روضة ً أنقاً تستوقف=الطرفَ في وشيٍ من الزهر