دَنِفٌ يقلّبُكَ الجوى فتكابرُ = ويكاد يفضحك الحنينُ السافرُ
ولواعجُ النفسِ العليلة نظمُها =همسٌ يبوحُ ودمعة تتحادر
وبلوعة حراء من جوف الحشا = لو أسدل الليلَ البهيمَ دياجرُ
وتكاد روحك أن تمزق لهفة = وعلى الضفاف همومها تتكاثر
و ترى السفائن في شموخ سكونها = صبرا يعانقه الجمال الشاعر
والبحر يا للبحر بين عبابه !!=بوح يطل وعنفوان آسر
فيضج عالمك انتظارا دافئا = يغشاه وصلٌ من حبيبك ساحر
كن عاشقا أو مت كئيبا صامتا = إن الحياة عواطف و مشاعر!
ولقد خبرتك جذوة مشبوبة= و لهيب شوق و الرجال مخابر
حتى عذرتك إذ وجدتك هائما = فأنا الذي لهواك نعم العاذر
تسبيك مقلته ولحظ عيونه = والقلب يسحره الغضيض الفاتر
تسبيك طلعته و نور جبينه = والشمس لا يخفي ضياها ساتر
كالبدر طل بليلة قد أشرقت= بيضاء يهجرها النعاس السادر
لبست لآلئ فخرها و عقودها = حسناء يسبح في هواها الناظر
وترى النجوم سوار فيروز بدا = والليل يكسوه اللجين الزاهر
كالغيد ترفل في الثياب قشيبها = حتى يوشيها الجمان الناضر
و بزهوة مثل الربيع ندية = ما شابها ضيق و حزن عاكر
ولد الإمام ابن الإمام ونوره = سحر يطل على البرية باهر
ولد النقي ابن النقي مطهرا=وإليه ينتسب النقاء الطاهر
ولد الزكي ابن الزكي مرتلا = وهو الشكور لربه والذاكر
وبذكره شعبان أمسى ضاحكا = والنصف فيه هانئ يتفاخر
و رياضه الخضراء تبر ناعم = تاه الأديب بها و هام الشاعر
شعبان يا بوح الشعور ويا هوى = في القلب ليس لضفتيه آخر
شعبان يا بحر عميق غوره = كالدهر لا يحصي مداه سابر
قرنت لياليه العظيمة بالتقى = و الذكر و القرآن فيها حاضر
والصوم و الصلوات في أيامه= والبر من آلائه يتناثر
لو كان ما في الدهر إلا وهلة =فاض السعود بها و سر الخاطر
فالنصف من شعبان سر خلودها = و له على الأكوان فضل غامر
قد جاءنا فيه الإمام فغردت = ألحاننا و الشعر فيه قاصر
هو حجة الإسلام مشكاة الدجى = وتر السهام لكل جور ناقر
فاق الجبال الثابتات دعامة = كيلا يمور بنا الزمان الغادر
مهما تكالبت النوائب جملة = فهو الربيط لجأشه و الصابر
حتى يبوءه الإله مكانه = والشرع من آياته يتواتر
غمر الحياة رياضها وقفارها =أملا يردده الرباب الماطر
و رعى الوجود بنظرة أبوية = وحنانها من روحه يتقاطر
و لقد حملنا همه .. وهمومنا = في قلبه المكلوم جرح غائر
مهدينا يا من يتيه به المدى = والقول يعجز و البيان الحائر
يا مكرمان فديت طلعتك التي = تاقت إليها أفؤد ونواظر
فلئن ذكرتك فالسهام عديدة = والكون جور سائد ومناكر
ولئن ندبتك فالشعوب عميدة = وسط الهياط جموعها تتنافر
عجل فإن العصر فلك هامج = يغشاه حقد جامح ونوائر
عجل فإن الفسق يشري هادما = قيما يحن لها الغيور النادر
عجل علامات الظهور جلية = وعواصف الأنواء موج هادر
فالأعور الدجال فينا حاكم = و بكل فسق فاضح يتجاهر
والمعمعي بحالنا متحكم = وإلى الذمام الغاليات يصادر
وزماننا المعلول عم بلاؤه = و العيش فيه تناطح وتشاجر
و الحرب تلك قضية فتاكة = ثمن يقسطه الضعيف الصاغر
حاشاك أن تنسى العراق و أهله = فلقد تطاول في حماه الغادر
من كل مأجور وكل مجند = لإبادة الدين الحنيف تآزروا
وتفننوا في الحرب حتى أثخنوا = قلبا يعيث به الفسوق الجائر
فإذا النهار مذابح وتناحر = وإذا الليالي فتنة ومجازر
ما ذنب أطفال يراود طيفها = أمل يضيق به الخيال العاثر؟
أو نسوة ضيعن في ورد الردى = حلما يداعب فكرها ويخامر؟
قل لي وما ذنب الكهولة والصبا = إن ساقها نحو المنية جازر؟
ما كنت أنسى في الحياة مصابها = كلا ولا ينسى الأبي الثائر
ما ذنب من كان الولاء سبيله = فيهان من دون الورى و يحاصر؟
ألأنّ حب الآل ملء ضلوعنا = نصبوا الشراك لحربنا وتآمروا؟
ولأن حبك يا إمام زماننا = بقلوبنا اللهفى شعور غامر؟
لو لم تعللنا اللقاء بساعة=هام الخيال بها و جاش الخاطر
لتلاشت الآمال من أحداقنا = والتاع في الأعماق يأس خائر
فاقدم بطلعتك البهية داحرا = فتنا يروجها الغوي الماكر
واصدح بسيفك حاملا راياتنا = ونداك يتبعه اللهام الهادر
بقيادة مكيّة علوية= والفتح يرسله العزيز القادر
لتقرّ منا أعين نضاحة = والنفس تسكن والفؤاد الزافر