هذي اللباناتُ تُسقى من حُمَيّانا = أوّاهُ ما أعذبَ الذكرى و أحلانا !
تنفّس الشعرُ من أحداقِ نشوتنا = و هامَ كلُّ شعورٍ في خلايانا
حتى الثمالة نسرينٌ يؤثُثنا = فيستفيقُ رتاجا من حكايانا
و كان أبسطُ تصويرٍ يضاحكُنا= يعيى اللسانُ به شرحا و تبيانا
بين انعكاسِ تباشير نراودُها = كما اللجينِ بياضا في مرايانا
والروضُ في حُلَّةِ الأفوافِ منظرُه = زاهٍ يجدِّد للآفاق نَيسانا
و في الصِّبا الرخوِ أنسامٌ مداعبةٌ = منْ عابقِ الندِّ أزهارا و ريحانا
و الريمُ يضحكُ ميّاسا برقصتِه = يطوي السهوبَ قريرَ العينِ جذلانا
أنعِمْ برعشةِ وجدٍ في جوانحنا = تجتاحُ أشواقَنا ضما و أحضانا
يا ساكبَ النورِ من أصداءِ مولدِها = للهِ درُّك إن النورَ أعشانا
حتى الحمائمَ و الدِّفلى مدندنةٌ = تبني لها من حُروفِ الشعرِ أغصانا
شبّت عن الطوق أوراقي و محبرتي = حتى انتبهت و قد كان الذي كانا
قصيدة الوجد و العشاق مطلعها = إني أخذتك يا زهراء عنوانا
يا بؤبؤَ العينِ يا إنسانَ مقلتِها = ما كانَ يُشبهُ في الأكوانِ إنسانا
و يا تلاويحَ وجدٍ في مخيَّلتي = للعمقِ تسكُنُني سرا و كتمانا
لو ذُعتها لتماهى الشعرُ جارفةً = أمواجُه من مُحولِ الجدبِ طوفانا
لو ذُعتها عافت الأطيارُ مسكنها = و اختارت القلبَ أوكانا و أوطانا
لو ذعتها أمطرت في الروح أنوية = و للمدارات تهدي النظم بركانا
و صار حبري فراديسا منعّمة = و صرتُ أدعو لذاك الخلدِ رضوانا
و للقريضِ إذا ما ذعتُها حِكَمٌ = تبذّ بالقول سحبانا و لقمانا
لكنني شئتُ أن أرعاهُ متَّئدا = مثلُ الدراويشِ بالعرفانِ ولهانا
و لا أوشوشُهُ سرا ليفضحَني = فالقلبُ يعشقُ فوقَ العشقِ أحيانا
زهراءُ لا أكتبُ الأشعارَ مترعةً = إلا بذكراكِ ألحانا و أوزانا
زهراءُ لا أطبعُ الألوانَ سافرةً = إلا لعينيكِ إجلالا و إذعانا
شتّانَ بين طُروسي منك مقفرةٌ = و بين دهشةِ حبري فيك شتانا
في لذّة الأنسِ ميلادٌ يصافحنا = يا ليتَه يتوشّى من تحايانا
نهدي إلى مكةَ النوراء تهنئة = فيها نشاركُ بالأفراحِ عدنانا
نهدي بطاقةَ حبٍّ في بطانتها = ينسابُ وجدٌ إلى المختار فرحانا
إلى خديجةَ أعباقٌ مسافرةٌ = و في التهاني عهودٌ من سرايانا
و في التحيات شيء من هواجسنا = يهمي الخواطر للزهراء هتّانا
سبحان ربٍّ حباك الحُسنَ أكمله = سبحان سبحان من سوّاك سبحانا
سبحان من فجَّر الإنجيلَ ساقيةً = في بحر عينيك صوب الذكر فرقانا
سبحان من أمرع الصحراءَ زاهية = من بين كفيك وديانا وغيطانا
سبحان ربِّك من أعطاكَ منقبةً = ما كان يمنحُها إنسا و لا جانا
حباك ربُّك خيرَ العالمينَ أبا = و خيرَ من سارَ مشّاءً و ركبانا
تبلّجَ الصبح من أحداقِ غرَّته = و من محياه مشكاة الهدى بانا
لا زال في دارة العلياء ممتطياً = صرح الشموخ على الأزمان سلطانا
حبَاك ربُّك أمَّا في مآثرها =تجلببَ الدينُ و الإيمانُ قمصانا
لها من الفضلِ لو أعطى الثرى عرضا = لسادَ طوبى و فاقَ المنتهى شانا
لذاك تدعى بأمِّ المؤمنينَ و قد = حيت قلوبَهُمُ بردا و تحنانا
حباك ربُّك زوجا ما أقولُ له؟ = الشعرُ يخرس لو أحكيه تبيانا
و العقل يجهل ما مكنونُ سدّتِه = ألا تريني ركيكَ اللفظِ حيرانا؟
من كان للخير سبَّاقا و مبتدرا = و كان للدينِ مهمازا و معوانا
و للرسولِ أخا في يوم محنته = بل كان خيرَ وزيرٍ كابن عمرانا
حمّالَ رايته ، مفتاحَ غايته = حفاظَ شرعته نهجا و إيمانا
حباك ربُّك تزويجا مراسمُه = مثل الأساطيرِ وسط الخلد فتانا
العَقْدُ تبر و خطُّ اللوحِ من ذهبٍ = والعطر يسكب في الألواحِ ريانا
و الدرُّ ينثرُ يا بُوركتِ من دُررٍ = بيضاءَ تقدحُ في الرضوانِ صوانا
حورٌ تزفُّكِ و الولدانُ عاكفةٌ = نشوى تغازلُ في الآفاق نشوانا
و الأرضُ موجةُ أشعارٍ و تصدية = و الطيرُ يهتفُ صدَّاحا و رنانا
يا فرحةً في ذرى الأكوانِ شاهقةً = غنّت بيذبلَ بل طافت بثهلانا
ما كنت أوجزُها أو كنتُ أجملُها = إلا بمُهجةِ مقدادٍ و سلمانا
حباك ربُّك يعلولا غدائرُه = مهدُ النوابغِ فتيانا و شبانا
أعطاكِ ربُّك من آلائه "حَسَنا " = ساد الغطاريفَ من فهرٍ و قحطانا
و ب"الحسينِ" وكاءُ المجدِ مندفقٌ = و السعدُ يُغرفُ من كفَّيه نهلانا
قد حجَّ كلُّ غريمٍ نحو تربتِه = و صار كلُّ مشوقٍ فيه هيمانا
و "زينبُ " الطهر تبقى خيرَ مدرسة = يرقى بها الدهرُ أزمانا و أزمانا
حباك ربُّك يا زهراء نعمتَه = بيضَ السجايا و أخلاقا و إحسانا
و خصَّك الشرعة السمحاء واضحةً = فصرتِ للعلمِ و التعليمِ عُنوانا
و للفصاحةِ نبراسا يضيءُ لنا = في عُتمةِ الكونِ ألبابا و أذهانا
من غيرُ نورِك بالأسدافِ أرشدَنا = من غيرُ خطِّك يا زهراءُ ربَّانا ؟
و هل عفافُك إلا سرُّ نهضتنا = و هل حجابُك إلا في حنايانا
و هل ضلوعُك إلا رهنُ أضلعِنا = نغضي عليها صباباتٍ و أجفانا
و إن صبرَك رمزٌ باتَ قدوتَنا = و إن خطبَكِ من أسمى قضايانا
و إن رزءَك موصولٌ بنكبتِنا = و إن جرحَك مغمورٌ ببلوانا
لا زال بالبابِ مسمارٌ يمزِّقنا = و ليس تُسمَعُ شكوانا و نجوانا
لا زال بيتُك و المسلوبُ حرمتُه = للآن يُشعلُ بالنيران للآنَ
لا زال في النجفِ المهتوكِ فاجعة = تدمي القلوبَ و توهي شعب كوفانا
لا زال ألفُ "زريقيٍّ" يهدّدنا = وسطَ العراقِ و في أنحاءِ عمّانا
و يستبيحُ من الآمالِ أعذبَها = و في المنارات نزفٌ من ضحايانا
كم قدمَ الشعبُ قربانا بنكبته = والشعب يكفيه ما قاسى و ما عانى
يكفيه حكم طغاة الأرض منتظرا= سعدا يراوده من عهد" نعمانا "
و في التفرُّقُ كم أوهى عزائمَه = و الفقر أورثه التجويع ألوانا
تكفي السجون التي تحوي أزاهرَه = تكفي المجازر ملء الأرض جثمانا
تكفي الأجانب و الأطماع طائرها = نحس يطالع وسط البوم غربانا
تالله بالبابِ بل مسماره قسمي = و أردفُ اليومَ بالأضلاع أيمانا
إلا تفرّجُ عن أشجانِ أمتنا = حتى يصيرَ عراقُ الحزنِ جذلانا
و القدس ترجعُها يا ربِّ آمنةً = من كف فرعون شماءً و هامانا
يا ربّ و اسبغْ على لبنانَ وارفة = من الظلالِ ، و بارك أرضَ إيرانا
بلّغ كتائب حزب الله غايتها = و لتكتب النصر رحمانا و منّانا
بحقِّ خيرةِ خلق الله كلِّهُمُ = صلّى الإله عليه أينما كانا