أياديكَ أم فيضُها المُلْهِمُ=وحبُّك أمْ قلبيَ المُغْرَمُ ؟
و نورٌ جبينُك أم نيّرٌ=يغارُ السنا منه و الأنجُم ؟
و سيماؤكَ البدرُ أم فلقة =يضيءُ بها الواقعُ المعتمُ ؟
و عيناكَ عيناكَ أم كحلُها؟؟ = فإني بإنسانها أقسم
و أقسم بالريق حين الظما=و هل يستوي الشهدُ و العلقمُ ؟
سألتُك و الثغرُ قد شاقني =أزهرٌ شفاهُكَ أم عندمُ ؟
و هل يظمأُ الصبُّ في عذبِها =ومن عذبِها ترتوي زمزمُ؟؟
أجبني فديتك يا مُنيتي =لم الكونُ في سعدِه يَنعمُ ؟
و عزفُ الأهازيجِ صدّاحة = ٌتغرّد أطيارُها الحوّمُ
هنالَكَ إذ صافحتك الرؤى = و قد كنتَ في ظلِّها تحلُم
و ساوى تغيضُ وأمواجُها = فما ثمّ ماءٌ و لا معلمُ
و نارُ البِشارةِ قد أخمدت = و ما عادَ من لهبٍ يضرم
و آمنةُ الخير أخبارُها = تغنى بها الصُّمُّ و الأبكمُ
و عندكَ علمٌ بأنّ المدى =لها خادمٌ و الصدى يحشمُ
و آسيةٌ يمَّمَّت شطَرها =و هبّت لخدمتِها مَريمُ
و حور الجنان وولدانها =إلى الأرض في خفة تقدم
و جبريل يهتف بين الملا = و كل الملائك تستعلم
و جاءَ الوليدُ بأنوارِه=و لاحَ كمَا الفجر إذ يبسمُ
و كالزهرِ بين الشذا ضاحك ٌ = تفتّق من ثغرٍه البُرْعُمُ
أتت فرحةُ الكونِ و اعشوشبتْ =تراتيلُ آمالِنا الهُوّمُ
فقد أشرقَ الدهرُ بالمُصطفى = و منه الكواكبُ تستلهِم ُ
و إن أرسل البدرُ أنوارَه =فمن روحه الشمس لا تُكتمُ
و لي بهجةٌ لا تساوى بها =كنوزٌ و لا يُفتدى مَغنمُ
ترفُّ كما اللحن في عزفها=و ثغر الزمانِ لها ينظمُ
إذا أسفر الصبحُ عن ضوئه=و ليل بطلعته يهزم
فصلُّوا على النورِ من وجهِه=و من فيضِ غرّته سلِّموا
أمَا والجوانحُ تشتاقُه=و تهفو لهُ العينُ و المَبسمُ
فقد ذبتُ جذلانَ في وهجِه=ومنه التوهج لا يُسأم
أيَشفى و قد تاه في عشقه=فؤادُ المتيمِ إذ يغرمُ ؟
و يغبِطني أنه خَاتمٌ=لخيرِ الرسالات و الملهمُ
و من نسبٍ أصلُه ثابتٌ=تميدُ الرواسي و لا يُهدَم ُ
بنو هاشمٍ ، هل عرفتَ الأصولَ ؟ = إذا كنت بالحقِّ تستفهم
و إن قيل : مَنْ سادةٌ للورى؟؟=يجيبُ الصَّدى في النواحي : ” هُمُ ”
و من غيرهم موئل للأنام=و في ساعة الجَدبِ من يُطعم ؟
و قد زاد من فخرهم مولدٌ=و من فيض آلائه كرّموا
نبيُّ الهدى فرحةٌ أشرقت =فرفَّت غصونٌ و غنى فم
نبي الهدى جنة أزلفت=و في روضِها ينعم المسلمُ
نبي الهدى كعبةٌ شرّفت = فصلَّى و حجَّ لها المحرم
و ماذا أعدّدُ في وصفه=و قد حارَ في وصفه المرقمُ؟
فخارٌ و مجدٌ يطالُ السُّها=و ذكراهُ بين الورى أعظمُ
و قلبٌ عطوفٌ بأفضالِه =على النفسِ من نفسِها أرحمُ
شفاء العليل و برء السقيم=و ذخر يلوذ به المعدم
و رفق يذيب القلوب التي =كما الصلد من صخرها تنجم
و لكن بما يدحر الظالمين=و يفنى به المارق الأشأم
إذا مدّ كفا تداعى الزمان =كأن الزمان له معصم
و سار الوجود له طيعا=فأمسى بقرآنه يحكم
فعدل و قسط وبر وفير=تساوى به الحر و المغرم
و أبلغ عنه الشروق الغروب=و أنبا به القدر المحكم
فقل للذي ساءنا وصفه:= أترجُم بالقولِ أم تزعمُ؟
و هل كنت تدري بماذا جنيت=إذا صرت تهجوه أو تشتم
و أن بنانك بئس البنان=من الحقد ترسم ما ترسم
فيا لك من كافر حاقد=عرته الضلالة و المأثم
و يا لك من ماكر خادع= يروغ كما يفعل الأرقم
و لا يهدم الطود من صيحة=و لا يعبأ البحر لو همهموا
ستعلمُ و الله علمَ اليقينِ=و ينبيك إيمانُنا المبرمُ
و عشقٌ لطهَ بأضلاعِنا=تموتُ الحنايا و لا يَهرمُ
فقولوا لهم أن شخص الرسول=عزيز بأعماقنا مكرم
و إسلامنا منهج للحياة=نموت و في عزة يسلم
سنبذلُ ما يبذلُ العاشقون=و عند الشهادةِ يحلو الدَّمُ
سنهتفُ ما يهتفُ الثائرون=و لسنا نفرّ ُو لا نحجم
و لسنا نذلُّ و لسنا نهونُ=و لسنا نخادع أو نهزم
ندافعُ عن عزنا المستباح=و لا نكتمُ الغيظَ أو نكظم
فإما انتصار و عز رفيع=يذلُّ به الحاقد المجرم
و إما مماتٌ كرجع الصدى=فيسمو به الدينُ و المسلمُ
و تسمو بكفيه آمالنا=وكفاه عند الرجا أكرم
فقد نالنا ما يمض الفؤاد=و من غمرة الحزن ما يُكلِم
و لازال في القلب جرح العراق=تموت الأماني و لا يلأم
و جرحان من نكبة القبتين= و في كل قلب لها مأتم
سنشكو لذكراه آلامنا=ونار الأسى في الحشا تضرم
ليمسح ما انماث من جرحنا= غزيرا و في روحنا يخرم
يفك الأسير و يغني الفقير= فيسعد في ظله المغرم
و يهدي الشباب لدرب الرشاد=فمنه الهداية و المغنم
و منه الدواء و منه الشفاء=و فيه الوقاية و البلسم