نَضَحَ الكَأْسُ و فاضَِ الغرَبُ=أيُّهَا الدَّالجُ حَانَ الطّرَبُ
اسْقِنيها خُمْرَةً مَشْمُولَة ً=لَيْلُهَا مِنْ عَصْرِهَا يَنْسَكِبُ
أو هِيَ الصَّهْباءُ في أقداحِها=فجميلُ السُّكرِ مما يُصهبُ
في كؤوسٍ للطّلى مصقولةٍ=وأوانٍ فاضَ منها الحَبَبُ
طَفَحتْ فوق الحميّا كرْمُها=حيثُ لا يطفي ظماها العنبُ
و هي إن عتّقها عاصِرُها=فعليها تتمَضّى حقبُ
اسقني يا صَاحِ ِمنها رَشْفة=فهي من كلّ نبيذً أعذبُ
لا تقلْ نفسي بها معطوبةٌ=فبهَا واللهِ – يحلُو العَطَبُ
إن تكن عاتبتني في عُشقِها=ليس يجدي في هواها عتبُ
لا تقل” صَبْراً” فإني مُغْرَمٌ = أوْ تَقُلْ ” مَهْلا” فإنِّي أشْعبُ
أو تلُمني في هواها ناصحاً=أو تقلْ : ” هلّ علينا رجبُ ”
كيف أسلوها و فيها مُهجتي=و فراقُ الروحِ حتما يَصعبُ؟
ثمَّ هَبني لمْ أذقْ من طيبها=أي طيبٍ من سِقاها أطيبُ؟؟
إن أكن أذنبتُ في غُمرتِها=و تمايلتُ و شَطّ اللَّعبُ
أو ترنَّحتُ على سُكرتِها=فأنا طيلةَ عمري مُذنبُ
اسقنيها اسقنيها لا تلمْ=عجزَ العاذلُ و المُستعتبُ
أنا لا أنفكُّ في صبوتِها = أوجزوا في وصفها أم أسهبوا!
كوثرٌ في كوثرٍ مندفقٌ=و قراحٌ نبعُها يضطّربُ
لذةُ الشَّاربِ صفوٌ عهدُها = ليسَ يعروه النَّوى و الجَدَبُ
دالياتٌ مُمْرَعاتٌ قطفُها = و نعيمٌ دائمٌ لا ينضبُ
عرضُها الأرضُ إذا ما رحُبت=و مداها لا تراه الشُّهبُ
فإذا كفُّ عليٍّ وَرَدَتْ=سكنتْ أمواجُها و العَبَبُ
و إذا كفُّ عليٍّ صَدَرَت = ترتوي الهيمُ بها و الرّغّبُ
فازَ منْ يغرفُ منها قطرة ً=و لغيرِ الخلدِ لا ينقلبُ
أيُّها الدَّالِجُ منْ ينبوعِها=قلْ لعُشَّاقِ عَليٍّ فاشربوا
وافرحوا في ليلةٍ صافية = ٍحينما يبزُغُ بدرٌ أشهبُ
حينما يطلعُ نورُ المرْتضى=ينقضي الهمُّ و تُجلى الكُرَبُ
قُلْ لمنْ يسألُ عنْ نشأتِنا=و لمَاذا في البرايا نُنْجَبُ؟
و كذا الأرضُ لماذا خُلِقَتْ=و السَّماواتُ و تلكَ السحب؟
و برى اللهُ نُجوما أشرقَتْ= كالمصابيحِ و أُخرى تَغْرِبُ؟
و لماذا خَلَقَ الأُنْسَ و ما=غايةُ الجِنٍّ و ماذا تطلبُ؟
والنَّبيُّون لمَنْ أَرْسَلَها=و لِمَاذا هَدْيُها و الكُتُبُ؟
و بحارُ الكونِ أجرى مَاءَها=و بها المَوجُ غدا يَضْطرِبُ؟؟
هذهِ الجَنَّة ما علَّتُها؟=و كذا النارُ لمنْ تلْتهبُ؟
قلْ لِمَنْ يَسْأَلُ عَنْ غَايتِنا” = أنا أُنْبيكَ و عِندي سَبَبُ”
كلُّ ما في الأفق أو تحت الثرى=والذي يصْعُدُ أو يَرْتَسِبُ
و نهارٌ بزغ النُّورُ به=و ليالٍ جلَّلتها الشُّهبُ
أنَّها لولا عليٌّ لم تكنْ=وَ لَمَا مرّت عليها حقبُ
كان في الأصلابِ نوراً شامخاً=و هو في الأرحامِ نورٌ أهيبُ
نَسَبٌ يرقى لآفاقِ السَّما=و على النجمِ تسامى حَسَبُ
خيرُ أصلٍ قد تناهى فرعُه=سادةٌ غرٌّ أباةٌ نُجُبُ
و بَهاليلُ حباهُمْ ربُّهُمْ=صفوةً عظمى فتلكَ الُّنخَبُ
وإذا مريمُ نادت ربَّها=و اعتراها في المخَاضِ النَّصَبُ
ولئن هزَّتْ بوحيٍ جذْعَها=فارتمى في راحتيها الرُّطَبُ
و أتتْ في المهدِ عيسى ناطقا= َفَطِنَا في قَولِه لا يُغْلَبُ
فاطمٌ خُصَّتْ بأمرٍ عَجَبٍ=ما له في الكونِ شيءٌ أعجبُ
حينَ صلَّت ثم طافتْ سبعَها=في دعاءٍ و صلاةٍ تطلبُ
و إلى الكعبةِ أومت طرفَها=فانجلتْ عن مقلتيها الحُجُبُ
فغدا البيتُ مَلاذا آمنا=حينما انشقَّ جدارٌ أرحبُ
و أتتها نسوةٌ طاهرةٌ=كي تلي من أمرِها مَا يُوجِبُ
فإذا الكونُ ضياءٌ زاهرٌ=و إذا الأفقُ شموسٌ خُلّبُ
و عَبيرُ المُسكِ عطرٌ أذفر=منْ جِنَانِ خَالداتٍ يُسْكَبُ
و إذا الأملاكُ في نُزْهَتِها = نَشْوةٌ ساحرةٌ تصْطَخِبُ
و كذا الأطيارُ في الرَّوضِ لها=عزفُ نايٍ عبقريٍّ يعذبُ
و إذا ما البانُ ثنَّى غصنَه = تّرْقصُ الدِّفلى و يحلو الطَّرَبُ
وُلِدَ اليومَ عليُّ المرتضى=فزَهَا النَّجمُ و شَعَّ الكَوكبُ
وُلِدَ الدُّرٌّ لُجَيناً صافيا=يَسْتحي منه السَّنا و الشُّهُبُ
خالصاَ كالتَّبرِ في مَعْدَنِه=و من التِّبر يصَاغُ الذَّهَبُ
فاقَ نورَ البَدْرِ في غُرَّته=و هوَ من نورِ سناهُ ألحبُ
غرةٌ تحسِدُها شمسُ الضُّحى=و نجومُ الكونِ منها تَعْجَبُ
و نبيُّ اللهِ في شوقٍ لها=و إلى طلعتِها يَرْتقبُ
كبَّر اللهّ و أثنى شاكراً=فلقدْ أجزَلَهُ ما يَرْغب
جاءَ من يحفظُه في غَيبهِ = و إذا اشتدّت عليه النُوَبُ
جاءَ من يفديه بالرُّوحِ إذا=جنّ ليلٌ في الدياجي غيهبُ
و إذا حطَّمَ أصنامَ الهوى=يعتلي منكبَه إذ يَركبُ
جاءه الصنوُ وزيراً ناصِراً = و أخاً في عهدِه لا يكذبُ
إذْ هُوَ الأوَّلُ في إسْلامِه=و لدينِ الله فهو الأَصْلَبُ
عَرف اللهَ حَنيفا مُخْلصا=عندما كانَ سواه يلعبُ
عابداً لله في سَجْدَته=مَا غَواهُ صَنَمٌ أو أثْلبُ
مالَه ندٌّ و لا من مُشْبِهٍ=عَقِمت أَرْحَامُهَا لو تَُنْجبُ
هوَُ دُون الله في جَوْهَرِهِ = وهْوَ فوقَ الخَلْقِ شَأْنَا فاعْجَبُوا
يا لها من فرحةٍ غامرةٍ=فلقد جاءَ الحسامُ الأذربُ
وُلِدَ الصُّمْصَامُ في سَاحٍ الوَغَى=سَمْهَريٌّ في البلايا مُقْضب
إن أتى اليُمنى جلا أشْبَالَها=و على اليُسْرى زئيرٌ مُغْضِبُ
يومَ بدرٍ حَاز أَمْضَى سَبَق=وَ لَهُ في كُلِّ سَبْق قَصَبُ
لمْ يكُنْ في أُحُدٍ مُنْهزما = و خُطَى الفُرسَان رُعْبَا تَهْرِبُ
فإذا أرضُ حُنينٍ هزَّها =صَائحُ الموتِ و جَلَّ النَّصَبُ
قَلَعَ البَابَ و أّرْدَى مّرْحَباً=و إلى النَّار تَرَدَّى مَرْحَبُ
ضربةٌ لو أَنَّها قِيْسَتْ بِمَنْ=فَوْقَ هذي الأرضِ فهيَ الأكسبُ
معْجِزاتٌ قَلَّ أَنْ نحْصُرَهَا=و صفاتٌ جُلُّها لا يُطْلبُ
من تُرَى رُدَّت له الشَّمس ضُحى = بعدما كَادَ سَنَاهَا يَغْرِبُ؟
خاطبَ الثُّعْبَانَ وَ انْشَقَّ لَهُ=حَجَرٌ صَمُ صميدٌ أصلبُ
بَاهَل اللهُ به أَعْدَاءَه=وَ لَه ُيُكْشِفُ ما يحْتَجبُ
و ”اسْأَلوني” لم يَقُلْهَا غَيْرُه=فَهْو في العِلْمِ يَقينٌ أَصْوَبُ
هُوَ دِينُ اللهِ بلْ حُجَّته=وَ هْوَ قرآنُ الوَرى و الكُتُبُ
و مَعَ الحقِّ شعاعٌ بيّنٌ=و لغيرِ الحَقِّ لا ينتسبُ
كَمَلَ الإسلامُ في بيعتِه= و به الشَّرْعُ سَمَا و المَذْهَبُ
قلْ لمنْ يبغضُه في حَسَدٍ=و يجافيه بقلبٍ ينصِبُ
و يوالي ثلةً غاشمة=دأبُها تبطشُ أو تغتصبُ
فلكم آذوهُ في مظلمةٍ=وغدا الحقُّ جَهَارا يُنهبُ
حينما أخْلِف عهدُ المُصْطفى=و بدا الغدرُ و خانَ الصُّحُبُ
كسروا الضلعَ و أردوا فاطما=و تعالى في الديارِ اللَّهَبُ
قل لمن جرّعهم من كأسِه=فغدا المرُّ سهاما تنشِبُ
سوفَ تُصلى بجحيم و لَظى=بئسَما الغايةُ و المنقلبُ
و َترى الأملاكَ في صَرْختِها=“هذه النارُ فأين الحَطَبُ ؟؟