أينوءُ بي همٌّ و أنتَ سبيلُ = و يطولُ بي ليلٌّ و أنتَ دليلُ ؟
و الحزنُ يسكنني و غايةُ غايتي= أنْ في ضريحك يستريحُ غليل
يا قاتلي و العشقُ أولُ صبوتي=و لقد يُجنُّ بقاتلٍ مقتولُ
يا آسري و هواكَ كلُّ جريمتي=و الأسرُ في كَنَفِ الحبيبِ جميلُ
أيكون بوحي نحو سرِّك ماثلا=و لقدسِ كنهك يستفيضُ مثول؟
قلبي و ما ملكت جوانحُ لهفتي= و الشوقُ نحوك و الشعورُ يميل
متعطشٌ و نميرُ كفِّك شفّني= و جنونُ عشقي فيضُك المعلولُ
و تفتُّ نارُ الوجدِ كلَّ قريحةٍ= حيرى فكيفَ العاشقُ المتبول؟
آتيك إذ بلغ الزبى بمشاعري= و على يديك من الهطولِ هطولُ
و وهبت نفسي للشتاتِ مقيمةً= و إليك حبلي بالجوى موصولُ
أما الضلوعُ فإنها علويةٌ= و العشقُ من بين الشغافِ يسيلُ
فإذا تنشقت الورودُ قصائدي= ألفيتُ منطقَها بذاك يقولُ :
لو كان لي في العمرِ يومٌ واحدٌ= لوددتُ أن يزجى إليك وصولُ
أرويك ،هل تروى الغزالة في الضحى؟=و لقد يضيقُ بواضحٍ تأويلُ
أأبا ترابٍ للترابِ قداسةٌ= يرنو لأفقِ سمائها التبجيلُ
فمن الترابِ علاكَ يبدو شاهقا= لا يعتليه المجدُ و هو أثيلُ
ومن الترابِ الطهر لو فضّلتُه= لوجدتُ يقصرُ عنده التفضيلُ
رسم الجمالُ بنورِ وجهك لوحةً= لجلالِها كلّ الوجودِ ذهولُ
و على ضفافِ البرِّ من أفيائها= يشفى السقيمُ و يستجِم عليلُ
و أراكة الريحانِ وسطَ ربوعِها= مسكٌ تُفرّق في شذاه شمولُ
و يشنّفُ الأسماعَ عذبُ هديلِها= و الروحُ يطربُ سمعَها الترتيلُ
لتشيعَ من شفةِ الزمانِ حكايةً= يرتادُها جيلٌ و يكبرُ جيلُ
ذكراك ؟ هل في مثلِ ذكرِك آية= يأتي بها القرآنُ و الإنجيلُ
شرّفتَ بيت الله حين أتيتَه= فالركنُ يسمو و المقامُ جليل
و أضأتَ آفاقَ الحياة و أزهرت= من وجنتيك بيادرٌ و سهول
حتى إذا نادى المنادي و المنى= قد جاء فيها معلنا جبريلُ
اليوم قد ولد البهاء مشعشعا= و القول في وصف البهاء كليل
غمر الوجود و ذاب في أوصافه=كون بأعذب قطره مبلول
فإذا الضياء و كلّ نجم في السما= متبسم يرعاه و هو خجول
و غداة يشرق و الربيع رداؤه= تهفو إلى حسن الربيع فصول
أعطى السخاء مكارما و فضائلا=فالجود من آلائه مأهول
فإذا أتيت مغردا في وصفه= فهو المفضّل و الورى مفضول
و إذا القصائد في (علي) حاصل=فغلوُّها في شأنه تحصيل
هل كنت أذكر للفصاحة منطقا= يسمو به الإيجاز و التفصيل؟
أم كنت أسبر للقضاء مواهبا= ذهلت قلوبٌ عندها و عقول
أم مفردات للشجاعة رمتها= أعيا كياني عرضها و الطول
فإذا العزيمة قطرة من بحره= أما الجهاد فسيفه المسلول
و إذا السحيل على البسيطة مبرم= و المبرم العاني إليه سحيل
و إذا الشريعة عزة و كرامة= و النصر فوق لوائها إكليل
و إذا السماحة نظرة من عينه= و إذا الندى من راحتيه يسيل
يا لائمي و اللوم يشحذ صبوتي= و إلى المعنّى لا تفيد عذول
اقصر عتابك و الملام فإنني= ما كان قلبي عن هواه يحول
أيلام قلبي لو هتفت بحيدر= و القلب ما مال الحبيب يميل ؟
إني لشانئه البغيض لشانئ= و لمن يخص له الولاء رسيل
قد ضمّخت روحي طيوبُ ولائه= و على الجبين علامة و دليل
في مكمن العشاق أملأ جعبتي= من عشق حيدر والفؤاد يكيل
فإذا تدثرت اللحونُ قصيدتي= أو صار في تهويمها تأويل
سكرت جميع جوانحي بنقائه= و تعثر التوضيح و التعليل
ولئن مدحت فما البحور يزيدها= قطرٌ و لا يعلي السما تبجيل
لكنَّما هي نبضةٌ بخواطري= و النبضُ يبدلُ عنده المعقولُ