ماذا يقاربُ ضوئي من ثُريّاهُ ؟ =والعرشُ في سُدُفِ الأقداس حاكاه؟!
خطَّ اللجينُ على أثباجه دُررا=ممهورة بشعاعٍ من تحاياه
والوصفُ يهطلُ بي من قطر سلسلِه=فالشعر محضُ حُبابٍ في حُميّاه
والشمسُ حبّةُ خالٍ فوق وجنته=شفّت على ولهٍ نشوى عِذاراه
والنخلُ نهنهةٌ في صدرِ أغنيةٍ=كانت تراودها صهباءُ مغناهُ
والعمر ثيمةُ أشذاءٍ بلوحته=والدهرُ وشمُ أفانين بحنّاه
والفجرُ بعض تواشيحٍ بمرفئه=تعيدُ في ثقة الشطآن ذكراه
يا يومَ فاطمةَ الفاضت غدائرُه=وطاف بالألق الهادي مُحيّاه
آتيك يا قبس الإيماض محتطبا=والله ألهمني من قدس علياه
يا فاطمَ الوله الشادي بأوردتي=حاشا ودادك أن يرفضّ حاشاه
و دارة النبأ المسجور مركزها=بنجم عشقكِ مغرورٌ و تيَّاهُ
فالقلبُ يكرع من ملفاك أكؤسَه=وكوثرُ الهبة الأغلى تعاطاهُ
والكونُ محضُ مجرّاتٍ وأنتِ له=قطبٌ يوازن يُسراه بيمناه
ما غيرُ سرّك في الأخبار مبتدأٌ=وما تَشيّأَت الأفلاكُ لولاه
ما غيرُ سرِّك للصلصال أوسمة=لأنَّ نورَك من أرقى خباياه
غداة بِسمكِ أومى آدمٌ خجلا=فصار منسلخا عنها خطاياه
واستاف بردَكِ "إبراهيم" منعتقا=فأربك الوهج الضاري و أطفاه
و قلبُ "يونس" في أغوار لجّته=ما غيرُ حرفك بالنجوى تهجّاه
ولا "سليمانُ" مفتوناً بمملكة=إلا وذكركِ أعطاه و أغناه
وشوقُ "طه" إلى عينيك أشرعةٌ=والقلبُ يهدرُ كالموّال : "أماهُ"
وما خفوق "عليّ" في صبابته=إلا لروحكِ يا أصفى مراياه
من حيثُ "لا حيثُ" كنتِ الأمس في غده = وكنتِ أجمل ما تُبدي هداياه
آتيكِ في وطرٍ فُضّت خواتمه=من أعين الزمن الغافي سَرَقْناهُ
كوثرتِ بذرته الحدباء فانفلقت=بها المشيئةُ لمّا آذن الله
و كنتِ نبعةَ إحساسٍ بذمّتها=نهرٌ يهدهده موجٌ وأمواهُ
يلتاح همسُكِ والأمشاج سادرةٌ=حتّى يجنّح في الأرحام نجواه
يُهدي "خديجة" ميعادا يضاحكها=ما أعذبَ الفرح الآتي وأحلاه !
فأنتِ حين صخور الهمِّ تكسرها=وينشبُ القدرُ المحروم بلواه
تبلسمين مع الآلام غفوتها=فلا تفيقُ على "آهٍ" و "أوّاهُ"
وتمطرين حنانا في شكايتها=لا يرجعُ الأملَ المصهورَ إلاه
وتغزلين أمانا في توترها=إذا البرية أشباحٌ وأشباه
وحين أزهر بالتفاح موسمه=وفاض كلُّ رحيق من ثناياه
تأتين خالصة من كل مغلسة=والصبح منبلج شعّت سراياه
تأتين ومضة إشراقٍ يعانقها=ضمينُ ما خلق الباري و أنشاهُ
فأنت للشفق الولهان أحجية=تضجُّ لغزَ أساطير حكاياه
و إن أقارب يا زهراء في نغمي=فالحبر يعْلَقُ من ذكرى خزاماه
وكلّما ارتعش النسرينُ في ظمأ=رحيقُ بيدرك الميمون غذّاه
وكلّما يبس الخفّاقُ من جدبٍ =أجريتِ في دمه عطرا فأحياه
رهنتِ قلبك للإحسان فالتصقت=به القلوبُ وذابت في سجاياه
وطاف صوتُك في التاريخ فانهمرت=منك الفصاحة فجرا قد تغشّاهُ
و الستر أنت ملاك في خميلته = وسوسنات ربيع في تكاياه
ينهالُ عشقك في مستعذبٍ شبمٍ=من المراضع أطفالا شربناه
ففي الضلوع صبابات تنازعنا=إن هام خافقُ مجنون بليلاه
حيث الكمال تجلّى في مفازته=من القرابة أجرا قد تقاضاه
فبات عمرُك يا عشرين نافلة =أسطورةً تهبُ الإنسان معناه
وصار دربك شوطا ليس نبلغه=لو كان يُبذلُ من عزم قصاراه
وبات قلبك فانوسا لصحوتنا =حتّى يصافح نور الله مسراه
فدمتِ مدرسة والمجد طالبها= والعلم والمُثُل الأنقى نداماه
لكنّما الزمن الغدّار طعنته=أجرت برزئك طبعاً ما تعدّاه
زهراء غادرت الأطيارُ أيكتها=وجرح فقدك ما أقسى رزاياه !
زهراء غادرت الدنيا حلاوتُها=والصبر بات ضريعا مذ جرعناه
لا زال بيتك مسكونا بوحشته=قد صوّح الوجع الدامي يتاماه
والباب يحفر في الألباب صرخته=وتطحن الغضب الموقوت عيناه
لازال خدّك محمرّا بلطمته=وكسرُ ضلعك موتورا بشكواه
لا زلتُ طفلتَك الحيرى وخافقها=طاف الهجيرُ على أعتاب دنياه
لو يزفرُ الوجعُ المحمومُ في رئتي=لذابَ كلّ جليدٍ من شظاياه
والخطبُ يثقبُ أنفاسي ويجلدُني=ويستبيح خيالاتي بشكواه
وظلُّ دمعتك الحمراء يخرسني=والليل يرقب في صمتٍ مصلاّه!