أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهُج= طريقان شتى مستقيم وأعوجُ
ألا أيُّهذا الناس طال ضريرُكم= بآل رسول اللَّه فاخشوا أو ارْتجوا
أكُلَّ أَوانٍ للنبي محمدٍ= قتيلٌ زكيٌ بالدماء مُضرَّجُ
تبيعون فيه الدينَ شرَّائِمة = ٍ فلله دينُ اللَّه قد كاد يَمْرَجُ
لقد ألحجوكم في حبائل فتنة = ولَلْملحِجُوكُم في الحبائل ألْحَجُ
بني المصطفى كم يأكل الناس شِلْوكم = لِبَلْواكُم عما قليل مُفَرَّجُ
أما فيهمُ راعٍ لحق نبيه = ولا خائفٌ من ربه يتحرجُ
لقد عَمَهُوا ما أنزل اللَّه فيكُم= كأنّ كتاب اللَّه فيهم مُمَجْمَجُ
ألا خاب من أنساه منكم نصيبَه= متاعٌ من الدنيا قليلٌ وزِبرجُ
أبعدَ المكنَّى بالحسين شهيدِكم= تُضيء مصابيحُ السماء فَتُسْرَجُ
شَوى ً ما أصابت أسهمُ الدهر بعده = هوى ما هوى أو مات بالرمل بَحرَجُ
لنا وعلينا ولا عليه ولا له = تُسَحْسِحُ أسرابُ الدموع وتَنْشِجُ
وكيف نُبكِّي فائزاً عند ربه = له في جنان الخلد عيش مُخَرْفجُ
وقد نال في الدنيا سناءً وصِيتة ً= وقام مقاماً لم يقمه مُزَلَّجُ
فإن لا يَكن حياً لدينا فإنه= لدى اللَّه حيٌّ في الجنان مُزَلَّجُ
وكنَّا نرجِّيه لكشف عَماية = بأمثاله أمثالُها تتبلَّجُ
فساهَمَنَا ذو العرش في ابن نَبيِّه= ففاز به والله أعلى وأفلجُ
مضى ومضى الفُرَّاط من أهل بيته= يؤُمُّ بهم وِرْدَ المنية منهجُ
فأصبحتُ لا هم أبْسَؤُوني بذكره = كما قال قبلي في البُسُوء مُؤَرِّجُ
ولا هو نسَّاني أسايَ عليهمُ = بلى هاجه والشجوُ للشجو أَهْيجُ
أَبيتُ إذا نام الخَليُّ كأنما= تَبطَّنَ أجفاني سَيَالٌ وعَوْسَجُ
أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفة = يباشر مَكْواها الفؤادَ فيَنْضجُ
أحين تَراءتك العيونُ جِلاءها = وإقذاءَها أضحتْ مَرَاثيك تُنسَجُ
بنفسي وإن فات الفداءُ بك الردى = محاسنُك اللائي تُمَحُّ فَتُنهَجُ
لمن تَسْتَجِدُّ الأرضُ بعدك زينة ً= فتصبحَ في أثوابها تتبرجُ
سلامٌ وريحانٌ ورَوحٌ ورحمة ٌ = عليك وممدودٌ من الظل سَجْسجُ
ولا برح القاعُ الذي أنت جارُهُ = يَرِفُّ عليه الأقحوان المُفلَّجُ
ويا أسفي ألاَّ تَرُدَّ تحية ً = سوى أَرَجٍ من طيب رَمْسك يَأرجُ
ألا إنما ناح الحمائمُ بعدما = ثَوَيْتَ وكانت قبل ذلك تَهْزَجُ
أذمُّ إليك العينَ إن دموعها = تَداعَى بنار الحزن حين تَوهّجُ
وأحمدُها لو كفكفتْ من غُروبها = عليك وخَلَّتْ لاعجَ الحزن يلْعَجُ
وليس البكا أن تسفح العينُ إنما = أحرُّ البكاءين البكاء الموَلَّجُ
أتُمتِعُني عيني عليك بدمعة = وأنت لأذيال الرَّوامس مُدْرَجُ
فإني إلى أن يدفن القلبُ داءه = لِيَقْتُلَنِي الداءُ الدفين لأَحوجُ
عفاءٌ على دارٍ ظعنتَ لغيرها= فليس بها للصالحين مُعَرَّجُ
ألا أيها المستبشرون بيومه = أظلت عليكم غُمة ٌ لا تفرَّجُ
أكلُّكُم أمسى اطمأن مِهادُه = بأنّ رسول الله في القبر مُزْعَجُ
فلا تشمتوا وليخسإ المرءُ منكُم = بوجهٍ كأَنَّ اللون منه اليَرَنْدَجُ
فلو شهد الهيجا بقلبِ أبيكُم = غداة َ التقى الجمعان والخيلُ تَمْعَجُ
لأَعطى يد العاني أو ارمدَّ هارَباً = كما ارْمَدَّ بالقاع الظليمُ المهيَّجُ
ولكنه ما زال يغشى بنحره = شَبا الحرب حتى قال ذو الجهل أهوجُ
وحاشا له من تِلْكُمُ غيرَ أنه = أبَى خطة َ الأمر التي هي أسمجُ
وأين به عن ذاك لا أين إنه = إليه بِعِرْقَيْهِ الزَّكيين مُحْرَجُ
كأني به كالليث يحمي عرينَه = وأشبالَه لا يزدهيه المُهَجْهجُ
يَكرُّ على أعدائه كرَّ ثائرٍ = ويطعنهم سُلْكَى ولا يتخلَّجُ
كدأْب عَليٍّ في المواطن قبله = أبي حسن والغصن من حيث يخرجُ
كأني أراه والرماح تَنوشُه = شوارعَ كالأشطان تُدْلَى وتُخْلَجُ
كأني أراه إذ هوى عن جواده = وعُفِّر بالتُّرْبِ الجبينُ المشجَّج
فحُبَّ به جسماً إلى الأرض إذ هوى= وحُبَّ به روحاً إلى اللَّه تعرجُ
أأرديتُم يحيى ولم يُطْو أَيْطَلٌ = طِراداً ولم يُدْبر من الخيل مَنْسِجُ
تأتَّتْ لكم فيه مُنَى السوء هَيْنَة = ً وذاك لكم بالغي أغرى وألهجُ
تُمَدُّون في طغيانكم وضلالكم = ويُسْتدرَج المغرور منكم فُيُدْرَجُ
أَجِنُّوا بني العباس من شَنآنكم = وأوْكُوا على ما في العِيَابِ وأشْرِجوا
وخلُّوا ولاة َ السوء منكم وغيَّهم = فأحْرِ بِهِمْ أن يغرقوا حيث لحَّجوا
نَظَارِ لكم أنْ يَرجع الحقَّ راجعٌ = إلى أهله يوماً فتشجُوا كما شجوا
على حين لا عُذْرَى لمُعتذريكُم = ولا لكُمُ من حُجة اللَّه مخرجُ
فلا تُلْقِحُوا الآن الضغائن بينكم= وبينهُم إنَّ اللواقح تُنْتجُ
غُرِرتم إذا صدَّقْتُمُ أن حالة = تدوم لكم والدهر لونان أخْرَجُ
لعل لهم في مُنْطوِي الغيب ثائراً = سيسمو لكم والصبحُ في الليل مُولجُ
بمَجرٍ تضيق الأرضُ من زفَراته= له زَجَلٌ ينفي الوحوشَ وهَزْمَجُ
إذا شيمَ بالأبصار أبرقَ بيضُه = بوارقَ لا يستطيعُهُنَّ المُحمِّجُ
تُوامضه شمسُ الضحى فكأنما = يُرَى البحرُ في أعراضه يتموجُ
له وَقْدة بين السماء وبَيْنَهُ= تُلِمُّ بها الطيرُ العَوافي فتُهرَجُ
إذا كُرَّ في أعراضه الطرفُ أعرضت= حِراجٌ تحارُ العينُ فيها فتحْرَجُ
يؤيده ركنان ثَبْتان رَجْلُهُ = وخيلٌ كأَرسال الجراد وأَوْثَجُ
عليها رجال كالليوث بسالة ً = بأمثالها يُثْنَى الأبيُّ فَيُعْنَجُ
تدانوا فما للنقع فيهم خصاصة ٌ = تُنَفِّسه عن خيلهم حين تُرْهجُ
فلو حصبتْهم بالفضاء سحابة = لَظل عليهم حصبُها يتدحرجُ
كأَن الزِّجَاجَ اللَّهذمياتِ فيهمُ= فَتِيلٌ بأطراف الرُّدْيِنيِّ مُسْرجُ
يود الذي لاَقَوْه أن سلاحه = هنالك خَلْخَالٌ عليه ودُمْلُجُ
فيدركُ ثأرَ الله أنصارُ دينه= ولله أوْسٌ آخرون وخزْرجُ
ويقضي إمام الحق فيكم قضاءَه= تماماً وما كلُّ الحوامل تُخْدَجُ
وتظعن خوفَ السَّبي بعد إقامة = ظَعائنُ لم يُضرب عليهنَّ هودجُ
وقد كان في يحي مُذَمَّرُ خطة ٍ= وناتجها لو كان للأمر مَنْتَجُ
هنالكُم يشفَى تَبَيُّعُ جهلكم = إذا ظلت الأعناقُ بالسيف تُودَجُ
محضْتكُم نصحي وإنِّيَ بعدها= لأعنِقُ فيما ساءكم وأُهَمْلِجُ
مَهٍ لا تعادَوا غِرة البغي بينكم= كما يتعادى شعلة َ النار عَرْفجُ
أفي الحق أن يُمسوا خِماصاً وأنتُم= يكاد أخوكُم بِطنة ً يتبعَّجُ
تَمشُون مختالين في حُجراتِكم= ثقالَ الخُطا أكفالُكم تترجرج
وليدُهُم بادي الطَّوى ووليدكم = من الريف ريَّانُ العظام خَدَلَّج
تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم= ويَشْرع فيه أَرتبيلُ وأبلجُ
فقد ألجمتهم خِيفَة ُ القتل عنكُم= وبالقوم حاجٌ في الحيازم حُوَّجُ
بنفسي الأُلَى كظَّتهُم حسراتُكُم = فقد عَلِزُوا قبل الممات وحَشرجوا
ولم تقنعوا حتى استثارت قُبُورَهم= كِلاَبُكُم منها بهيم ودَيْزجُ
وعيرتموهم بالسَّواد ولم يزل= من العَرَبِ الأمحاض أخضرُ أدعجُ
ولكنكم زرق يزين وجوهَكم = بني الرُّوم ألوانٌ من الرُّومِ نُعَّجُ
لئن لم تكن بالهاشميين عاهة ٌ= لَما شَكْلُكُم تالله إلا المُعلْهجُ
بآية ِ ألا يبرحَ المرءُ منكُم= يُكَبُّ على حُرِّ الجبين فيُعفَجُ
يبيت إذا الصهباءُ رَوَّتْ مُشَاشَه= يُساوِره علجٌ من الروم أعلجُ
فيطعنه في سَبَّة السوء طعنة ً = يقوم لها من تحته وهو أفحجُ
لذاك بني العباس يصبر مثلُكم = ويصبر للموت الكميُّ المدجَّجُ
فهل عاهة ٌ إلا كهذي وإنكم =لأَكذبُ مسؤول عن الحق يَنهجُ
فلا تجلسوا وسط المجالس حُسَّراً = ولا تركبوا إلا ركائِب تُحْدَجُ
أبى اللَّه إلا أن يَطيبوا وتخبثوا= وأن يسبقوا بالصالحات وتُفْلَجُوا
وإن كنتُمُ منهم وكان أبوكُم= أباهم فإن الصَّفْو بالرَّنق يمزجُ
أَروني امرأ منهم يُزَنّ بأُبْنَة ٍ= ولا تنطقوا البهتانَ فالحق أبلجُ
لعمري لقد أَغرى القلوبَ ابنُ طاهر= ببغضائكم ما دامت الريح تَنْأَج
سعى لكُم مَسعاة َ سوء ذميمة ً= سعى مثلَها مستكره الرِّجْلِ أعرجُ
فلن تعدموا ما حنَّت النيِّبُ فتنة ً = تُحَشُّ كما حُشَّ الحريقُ المؤجَّجُ
وقد بدأت لو تُزْجَرُون بريحها= بوائجُها من كل أوب تبوَّجُ
بني مصعب ما للنبي وأهله= عدوُّ سواكم أفْصِحُوا أو فلَجْلِجُوا
دماءُ بني عبَّاسكم وعَلِيِّهِمْ= لكم كدماء الترك والروم تُهْرَجُ
يلي سفكَها العورانُ والعرجُ منكُم= وغوغاؤكم جهلاً بذلك تَبْهَجُ
وما بكُم أن تنصروا أوليائكم= ولكنْ هَناتٌ في القلوب تَنجنجُ
ولو أمْكَنَتكُمْ في الفريقين فرصة ٌ= لقد بُيِّنَتْ أشياءُ تلوَى وتُحْنَجُ
إذن لاستقدتم منهما وِتْر فارسٍ= وإن وَلَّياكم فالوشائجُ أوشجُ
أبى أن تُحِبُّوهُم يدَ الدهرِ ذكرُكُم= لياليَ لا ينفكُّ منكم متوَّجُ
وإني على الإسلام منكم لخائفٌ= بوائقَ شتى بابُها الآن مُرتَجُ
وفي الحزم أن يستدرِك الناسُ أمركم =وحبلُهُم مستحكِمُ العقْدِ مدْمجُ
نَظَارِ فإن اللَّه طالبُ وتره =بني مصعب لن يسبق اللَّه مُدْلجُ
لعل قلوباً قد أطلتم غليلها =ستظفر منكم بالشفاء فتُثلجُ