إمام هدى بالطّفّ طاف به الرّدى
ديوان نيل الأماني - الشيخ حسن الدمستاني
أَحَقٌّ فَتَىً يُبكى و يُندَبُ سَرمَدَا=إمامُ هُدىً بالطَّفِّ طافَ بِهِ الرَّدَى
بَقيَّةُ أصحابِ العَبَاءِ الَّذي خَبَا=بِمَصرَعِهِ نُورُ الإمامَةِ و الهُدَى
تَذَكَّرتُهُ فانهلَّ دَمعي و هالَني=تَأَمُّلُ ما عاثَت بِجُثمانِهِ العِدَا
ثَوَى جُثَّة مِن غَيرِ رأسٍ على الثَّرى=ثلاثاً رَضيضاً بالجيادِ مُجَرَّدَا
جَليلٌ مِنَ الأرزاءِ أنَّ ابن فاطِمٍ=جَديلٌ على وَجهِ الثَّرى لا يَلحَدَا
حَنيني على المَذبوحِ عَطشانَ صادياً=حُشاشَتُهُ ما بَلَّ مِنهَا الصَّدى نَدَى
خَلَا ما جَرَى مِن نَحرِهِ وَقتَ ذَبحِهِ=خِلالَ الحَشَا و الدَمُّ لا يَنفَعُ الصَدَى
دَمُ السِّبطِ مِهراقٌ و دَمعُكَ جامِدٌ=دُمُوعُكَ أولى مِن دَمِ السِّبطِ مَفقَدَا
ذَراريهِ تُسبى ناشِراتٍ ذَوائِباً=ذوائِبَ أكبادٍ بِحُزنٍ تَوَقَّدَا
رَوَاني لِلرأسِ الشَّريفِ على القنا=رَميلاً بِقانٍ مِن دِماهُ مُحَشَّدَا
زَوَاجِرَ شِمرٍ رأسُ مَن شِلتَ طالَمَا=زَهَى زَمَناً بَينَ البَتُولِ و أحمَدَا
سَوَاحِبَ أذيالِ الرَّزايا حَوَاسِراً=سَوَاهِرَ أجفانٍ مَقَاريحَ أكبُدَا
شَرِبنَ مِنَ الأحزانِ صاباً و لَم تَذُق=شَرابَ زَلالِ الماءِ إلَّا مُنَكَّدَا
صَوابِغَ مِن دَمِّ الحُسَينِ مَفَارِقاً=صَوارِخَ لَم يَملِكنَ قَطُّ تَجَلُّدَا
ضَوَارِبَ بِالأيدي الصُّدور تَفَجُّعاً=ضَوَايِعَ لا تَلقى وَليَّاً و مُرشِدَا
طَوَى الجَلدُ مِنهُنَّ الجُلُودَ و كُلَّما=طَلَبنَ مِنَ الجَلَّادِ رِفقاً تَمَرَّدَا
ظَعَاينَ أسرَى لا وطاءَ لَهَا ولا=ظِلالَ يُنادينَ النَّبيَّ مُحَمَّدَا
عَفائِفَ حَسرىَ كُلَّما طافَ طائِفٌ=عَلَيها رَدَدنَا الرِّدنَ في مَوضِعِ الرِّدَا
غَلَت أدمُعي إلَّا عَلَيهِم فَإنَّني=غَلَبتُ الهَوَى و المُستَخفَّ المُفَنَّدَا
فَلي عَبرَةٌ سَجَّامَةٌ يَستَثِيرُها=فُؤادُ شَجٍ يَرفَضُّ فيهِم تَوَدُّدَا (1)
قُلُوبٌ إلَيهم لا تَميل مَوَدَّةً=قَضَى اللهُ أن تَلقَى الحُسامُ المُحَدَّدَا
كَبَرتُ بِهِم قَدراً فَأَدرَكتُ مَفخَرَاً=كَواكِبُهُ نُورٌ خَرَقنَ المُحَدَّدَا
لَحَا اللهُ دَهراً حادَ عَن مُرتَضَاهُمُ=لِواذاً و أقصاهُ رَجيماً و أبعَدَا
مَعَادِنُ سِرِّ اللهِ تُمسي جُسُومُها=مُجَزَّرَة الأعضاءِ يَأوينَ فَدفَدَا
نَواظِرُ أعدَاهَا تُراعي رُؤُوسَهَا=نَوَاضِرَ مِن فَوقِ الذَّوابِلِ صُعَّدَا
و لا جازعٍ مِنهُم ولا مُتَفَجِّعٍ=ولا قاطِعٍ بالعَضِّ مِن نَدَمٍ يَدَا
هَجَرتُ المَعَالي إن بَقيتُ و لَم أجِد=هِجاءً و مَدحَاً لِلعِدا و ذَوي الهُدَى
لِإحسَانِكُم أَهدَى الفَتَى حَسَنٌ لَكُم=لآلِي يُخجِّلنَ الجُمانَ المُنَضَّدَا
يُؤَمِّلُ عَفوَاً و السَّلامُ عَلَيكُمُ=يُسَلَّمُ ما ناحَ الهَزَارُ و غَرَّدَا