وسرنا تحاصرنا في المسيرْ = عيونُ الجبال ِ وخيلُ الهجيرْ
وموعدُ شط الفراتِ تشظى = شموعاً وأغربة ً لا تطيرْ
فلا الماءُ ماءٌ كما نشتهيهِ = وما في المدى أوجهٌ للأثير
ورائحةُ الموتِ مبثوثةٌ = تخطّفُ في رحلتيها الغدير
ضفائرُ نخلٍ تلَوِّحُ مرحى = لقافلة الحزنِ أخرى تشير
وفي المهمه الوعر عصفورتان = على عشها موجةٌ من عبير
وفي صفحة الرملِ بعضُ رموزٍ = يقال لها : حفنةٌ من ضمير !
وفي جعبة ِ الغيمِ بعضُ دخان ٍ = رماحٌ وألسنةٌ من سعير
فمُ الغيب ِ تنتابهُ رعشةٌ = إذا ما تهجى حروف المصير
ففي محملِ الرزءِ نبضُ دعاءٍ = تعهدَ إسكاتهُ الزمهرير
فهلْ كربلاءُ تُعدُ ظلالاً = وتنسجُ متكأً من حرير ؟
وهلْ وشوشَ الغيبُ في مسمعيها = وألقى عليها قميصاً بشير ؟
لترتدَّ قبل احمرار الرمالِ = وومضِ وريدِ الرضيع الخطير
فهانحنُ نسبقُ أنفاسنا = كما الضوء قبل النداءِ الأخير
وصلنا إلى خانة الصفر عطشى = فأنهرت الشمسُ ماءً غزير
هناك احترفنا الأوار وشئنا = كما شاءَ ثغرُ الحسين نصير
فصلى وصلتْ شموسُ الضحى = على نهر أدمعها المستدير
وآلهةُ الهمج ِ المارقين = تكشرُ عن شرها المستطير
أماطتْ صلاةُ ابن سعدٍ لثاماً = فأدتْ صلاةُ الحسين النفير
فبين خسوفٍ وبين كسوفٍ = تولّدَ يومهمُ القمطرير
فأذنَ عاشرُ خلف الضباب = وأحرمت الأرضُ خلف الأسير