مجامر العشق في جنبي تستعر = فصار منها بخور الشعر ينتشر
تغلغل الحب في روحي وحالئذ =تبرعمت وكساها الورد الزهر
رغم ابتعادي عن روض القريض بما= قد كنت أنحوه جاء الشعر ينهمر
ولاح عندي طلع لو أوبره = بثقله أصلب القنوان ينكسر
تربعت فوق هام الحرف قافيتي = وأصبحت ببديع اللفظ تستتر
فاقت فليس لها ند ينازعها = ثوب البيان فلا شمس ولا قمر
ولو بدت لبني جيلي بزينتها= لأشغلتهم فما صلوا ولا ذكروا
ولو تلوت لهم بيت القصيد بها= خروا به سجدا لله بل شكروا
لأنها نظمت في مدح من جعلت= تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
محمد زينة الدنيا ودرتها = عليه تنزل من ذي العزة السور
تهابه الأسد غضبانا لدعوته= وكان صاحبه في جوعه الحجر
والغيم يحرسه والضبي يقصده = ومن إشارته قد هرول الشجر
ومن أتى بابه للخير ملتمسا = يعود والخير في أثوابه زمر
ذكراه تجري بأعماق النفوس =هدى ونغمة كجميل العطر تنتشر
ميم وحاء وميم ثم آخرها = دال بأنوارها يهمي لنا المطر
بعثت والأرض فوضى لا نظام بها = ويحكم الناس حد السيف والوتر
والجوع شق قبورا في جسومهم= فالأرض فوضى فلا ماء ولا ثمر
والطفل يوأد لا يدري جنايته = وبابتسامته المكسور ينجبر
وضاقت الكعبة الغرا بشركهم= وناجت الله كي يودي بما وزروا
وقد بزعت كبدر شق ظلمتها= وصير الليل نورا ذلك البدر
تهاطل الغيث غيث الهدي منتشرا = ما أجمل الغيث بين الناس ينتشر
وجادت الأرض مما في خزائنها = بيمن وجهك حتى الغيث ينهمر
فالطير صادحة والفلك سابحة= والمزن هاطلة إن آمن البشر
وظل طائفة بالشرك عاكفة = للكفر عاشقة تبا لمن كفروا
راموا دفاعا عن العزى وعزتها= أن يقتلوك فرد الله ما مكروا
فرحت تخترق البيداء متجها = إلى المدينة حيث السعد ينتظر
ونام حيدرة في الدار مغتبطا= ففاق أفضل من حجوا أو اعتمروا
أتيت طيبة مشتاقا لواحتها = فقام يستقبلاك النخل والشجر
ومن سلالة ذاك النخل طينتنا= لذاك أعرف بالنخلي وأفتخر
فالنخل من قدم يغفو على نغم= يعطي على كرم بالخير يشتهر
ومن عجيب الليالي أن سنتها= ترى النخيل مدى الأيام يحتقر
أبا البتولة مس الضر حالتنا= فكيف يفعل من قد مسه الضرر
عواصف مزقت أوتار وحدتنا= ترى أيعزف من قد عازه الوتر
ولا ألوم صغارا لانحرافهم = فالطفل كالصفحة البيضاء يعتبر
ولا ألوم نساء في ضلالتهم= فالظل يتبع ما يبدي له الأثر
ولا ألوم رجالا من تفاهتهم = قد ضيعوا العمر إذ في فكرهم خور
بل الملامة من قوسي أصوبها = لكل من بشعار الحوزة اعتمروا
فإنهم رمزنا حقا وقدوتنا = وهم حصون لوقت البأس تدخر
فإن هموا قصروا عن بعض نافلة = ترى السواد لما قد كلفوا هجروا
وإن هموا قارفوا إثما يليق بهم= رأيت بعض الورى بالفسق قد جهروا
وإن هموا عبروا فينا مزالقنا = سحائب الخير تهمي إن هموا عبروا
عذرا أقول فأنتم ناظري ويدي= فمنكم برقيق اللفظ أعتذر
فما أردت بقولي أن أجرحكم= فأنتم روحنا والسمع والبصر
لكنها نفحة ضاق الفؤاد بها = وجمرة بصميم القلب تستعر
أبا البتولة خذنا حيث مرفأكم = وجد علينا بعطف إننا بشر
عليك ألف صلاة كلما غربت = شمس الأصيل وأرخى ضوأه القمر